فى لحظة الصدق والخيانة - ديفيد س. برودر - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 8:26 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فى لحظة الصدق والخيانة

نشر فى : الإثنين 8 فبراير 2010 - 9:44 ص | آخر تحديث : الإثنين 8 فبراير 2010 - 9:44 ص

 لقد حانت لحظة الصدق فى الأسبوع الماضى، عندما حذر مكتب الموازنة بالكونجرس من أن تبعات عجز الموازنة غير المتصور السابق الذى تجاوز التريليون دولار يمكن أن يلحق الدمار التام بالولايات المتحدة.

وللمرة الأولى، يطرح للتصويت اقتراح متفق عليه من الحزبين يهدف إلى التخلص من تلك الكارثة. ووافق أعضاء مجلس الشيوخ بأغلبية 53ــ46، على إجراء يوصف رسميا بأنه وثيقة لـ«للتصرف المالى المسئول، لضمان الاستقرار المالى على المدى البعيد والأمن الاقتصادى لحكومة الولايات المتحدة الفيدرالية، وتحقيق الرخاء والنمو لكل الأمريكيين فى المستقبل».

ولأن هذا هو مجلس القرن الحادى والعشرين، فمن الطبيعى أن نعتبر ما حدث هزيمة لأنه فشل فى الفوز بالأغلبية الساحقة، أى بالستين صوتا التى تتطلبها المعارضة دائما الآن.

وعندما ألقى الرئيس أوباما أول خطاب له عن حالة الاتحاد، تحدثت التعليقات الصحفية المبتذلة والمكررة عن «جمهور الناخبين الغاضب، والمحبط» الذى يواجهه. وإذا أردت أن تعرف الوجهة التى يجب أن يوجه هذا الغضب إليها، فلتنظر فى قائمة تصويت المجلس وركز على ائتلاف الأعضاء الاثنين والعشرين من الديمقراطيين والثلاثة والعشرين من الجمهوريين وأحد المستقلين الذين اجتمعوا لإحباط ما يعتبره أحد الرعاة «آخر وأفضل أمل» لدينا لتفادى الكارثة.

هؤلاء هم الرجال والنساء الذين وضعوا السياسة فوق احتياجات البلاد على المدى البعيد وأرضوا دوائرهم الانتخابية الضيقة، بدلا من المصالح القومية الأهم.

والنظام الذى اختلف المجلس حوله ولقى الهزيمة نابع من القلق الذى عبرت عنه لجنة الموازنة التابعة له. ويرى رئيس اللجنة، الديمقراطى كنت كونراد نائب نورث داكوتا، وزعيم الجمهوريين والرئيس السابق للجنة، جود جريج نائب هامبشاير، أن عجز الإنفاق تفاقم عندما رفضت الإدارة السابقة زيادة الضرائب لتمويل حربى العراق وأفغانستان أو توسيع الرعاية الطبية وغيرها من المشروعات الداخلية.

ومنذ عامين مضيا، اتفق كونراد وجريج على أن أفضل أمل، بعد أن وصل مجلس الشيوخ إلى طريق مسدود، هو تشكيل لجنة مصغرة لكن ذات أفق بعيد تخوَّل بفحص كل ما يتصل بإنفاق الحكومة وعوائدها، دون قيود. وإذا وافق 14 عضوا من بين 18، يختارهم قيادات الحزبين فى المجلس والرئيس، على توصية من التوصيات، فإنها تُرفع دون إبطاء أو تعديل إلى مجلسى النواب والشيوخ للتصويت عليها مباشرة.

ويخضع تمرير التوصيات لاختبار مزدوج للحزبين: أولا، فى اللجنة نفسها، حيث لا «يتحكم» أى من الحزبين فى أكثر من 10 أصوات، ثم فى الكونجرس، حيث يتطلب الأمر أغلبية 60% فى المجلسين ويظل الأمر برمته رهنا باحتمال اعتراض الرئيس.

وبرغم كل هذه الضمانات الإجرائية، فقد أحجم زعماء الجانبين. وتطلب الأمر إرسال وفد من الكونجرس للاجتماع بنائب الرئيس، جو بايدن، لإقناعه بمناشدة الرئيس أوباما إظهار دعمه وهو ما لم يعبر عنه إلا فى يوم السبت الماضى كجزء من حرصه الذى اكتشف مؤخرا على تقليل قدر من الإنفاق الحكومى.

وظلت رئيسة المجلس، نانسى بيلوسى، على معارضتها العنيدة حتى النهاية. ورفض الأمر كذلك كل من زعيم الأقلية بمجلس الشيوخ ميتش ماكونيل ونائبه جون كيل. وشجع هذا جماعات الضغط الخاصة من كل الأطراف على الضغط على الأعضاء فرادى للتصويت بالرفض.

وكان ائتلافا غريبا، جمع بين مدونة ديلى كوس الليبرالية وأعضاء النقابات، قد دعا إلى «حماية الضمان الاجتماعى والرعاية الطبية» من أى تغيير، فى حين حذر الناشط فى مجال التصدى لزيادة الضرائب، جروفر نوركيست، وأجزاء كبيرة من قطاع الأعمال، الجمهوريين من الموافقة على أى شىء يمكن أن يترتب عليه زيادة الضرائب.

وقد أبلغنى كونراد بأسماء الجمهوريين الستة الذين كانوا يؤيدون القانون وانتهوا بالتصويت برفضه. وأكد جريج، فى لقاء منفصل، على القائمة بقوله «لم نستطع مساندتهم لكى يصمدوا فى وجه الضغوط».

فى اللحظة التى كان يثبت فيها مجلس الشيوخ عجزه، مات واحد من أفضل أبنائه، نائب مريلاند، السيناتور تشارلز ماتياس، عن 87 عام بعد حياة طويلة ومعطاءة. وكان هذا الرجل، شديد الاستقلال وبالغ الشجاعة والجاذبية، يتحلى بكل ما يحتاجه مجلس الشيوخ اليوم وما ينقصه، ونموذجا لما سيسعى إليه الناخبون حتما فى انتخابات التجديد النصفى هذا العام.

(c) 2010، Washington Post Writers Group

ديفيد س. برودر كاتب في صحيفة واشنطن بوست الأمريكية
التعليقات