قطائف رمضانية - داليا سعودي - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 8:59 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قطائف رمضانية

نشر فى : الإثنين 6 مايو 2019 - 10:35 م | آخر تحديث : الإثنين 6 مايو 2019 - 10:35 م

(أ) «أهلا رمضان»

كأنها الإعلان الرسمى عن ثبوت رؤية الهلال رغم مرور أربعة عقود. غناها محمد عبدالمطلب بصوته الفخيم لقاء ستة جنيهات فكَّت عنه ضائقة مالية. ولو كان فى بلادنا تقديرٌ حقيقى لحقوق الملكية الأدبية لصار الورثة من ذوى الثروات. لكن بعض الأعمال تحمل من بذور الخلود ما يعوض كنوز الدنيا!

(ب) بكار

يحتاج لسان البعض أن يهذِبَ كثيرا من اختياراته، بعد أن تحول اسم هذه الشخصية الكارتونية المحببة المنتمية لأرض النوبة العزيزة، إلى لفظةٍ تهكميةٍ عنصرية، تسخر من كل من زاد لون بشرته دكنةً عن السمرة القمحية المعتادة. فى رمضان، هناك حاجة لمراجعة كثير من الأخلاقيات. يقول أمير الشعراء أحمد شوقى ناصحا:
يا مديم الصوم فى الشهر الكريــم
صُـــمْ عن الغيبة يومًــا والنميمــة
وصـلّ صلاة من يرجـو ويخـشى
وقبــل الصوم صُمْ عن كل فُحشـا

(ت) تواشيح

«أقُومُ بالليّل والأسّحارُ سَاهيةٌ
أدّعُو وهَمّسُ دعائى.. بالدُموُع نَدى
بنُورِ وَجهِكَ إنى عَائذٌ وَجلُ..
ومن يعُذ بك لن يَشّقى إلى الأبدِ..
مَهما لَقيتُ من الدُنيا وعَارِضها..
فَأنّتَ لى شغلٌ عمّا يَرى جَسدى..
تَحّلو مرارةِ عيشٍ فى رضاك..
ومَا أُطيقُ سُخطا على عيشٍ من الرَغَدِ..

(ث) ثلاثى (الثلاثى المرح)

غنَّيْن معا لكل مناسباتنا الاجتماعية السعيدة. ولرمضان أهدينَنا «وحوى يا وحوى»، «سبحة رمضان» و«أهو جه يا ولاد». ثناء وصفاء ووفاء ثلاث خريجات من معهد الموسيقى العربية، اعتمدتهن الإذاعة المصرية فى الخمسينيات. وتبناهن الموسيقار على اسماعيل. وحققن نجاحا جميلا فى حفلات «أضواء المدينة». فى زمنٍ كانت الأضواء غير الأضواء، والمدينة غير المدينة.

(ج) جاهين

يصف صلاح جاهين ليل المحروسة فى رمضان فأسمع صوته راسما لوحة لم تبهت ألوانها:
«النور ملو الشوارع.. ومليون راديو والع
الساعة اتنين صباحًا.. لكين إيه الموانع
الخلق رايحة جاية.. والدنيا لسه حية
مليانة بالهأوأو.. وزعيق القهوجية
واحد يقول لواحد.. خليك ياعم قاعد
التانى يقوله شكرًا.. ده أنا م المغرب مواعد
فيه سهرة لسه عندى.. فى بيت فلان أفندى
حناكل حاجة حلوة.. ونشرب تمر هندى
واللى تروح دالقة جردل.. فوق حضرة المبجل
طبعًا صاحبنا يزعل.. وينفجر شتايم
والحى كله يوصل.. ما بين مصلح ولايم
اللى يقول يا جماعة.. واللى يقول يا بهايم
ومطرب الإذاعة.. يصرخ وفى وجده هايم
ولو طرطقت ودنك.. فى وسط دى العظايم
تسمع مسحراتى.. بطبلة صوتها واطى..
بيقول: اصحى يا نايم».

(ح) حرمان

كتب أحمد شوقى بيك فى كتابه «أسواق الذهب»:
«الصوم حرمان مشروع وتأديب بالجوع وخشوع لله وخضوع، لكل فريضة حكمة وهذا الحكم ظاهره العذاب وباطنه الرحمة يستثير الشفقة ويحض على الصدقة، يكسر الكبْر ويعلم الصبْر ويسن خلال البْر، حتى إذا جاع من ألِف الشبع وحرم المترف أسباب المنع، عرف الحرمان كيف يقع وكيف ألمه إذا لذع».

(خ) خشاف

شرابُ فاكهة مجففة لذة للشاربين. قيل نقلناه فى زمن ماضٍ عن الأتراك. سكر وتمر ومشمشية وقراصية وتين وزبيب، وتضيف الوصفات المطروحة فى صحف الحكومة الصنوبر واللوز المقشر. أطالع أسعار الياميش فى الصحف نفسها، وأتذكر أغنية محمد منير: حبيبى عايز له سكر.. منين أجيب له سكر؟

(د) دراما

احتكار الدراما من قبل شركة إنتاجٍ واحدة تفرض وجوها بعينها وأفكارا بعينها، سيكون السبب الأول لانصراف المشاهد عن الدراما، وليس تدنى العناصر الفنية أو طغيان المساحة الإعلانية فحسب.

(ذ) ذكر:

أفضل الذكر قراءة القرآن الكريم.

(ر) رفعت (الشيخ محمد)

هو قيثارة السماء الذى افتتح بصوته البث الإذاعى سنة 34. عُرف بدموعه الحارة التى كانت تنسال على خديه تأثرا وهو يتلو القرآن الكريم. سُئل الكاتب الكبير محمود السعدنى عن سر تفرد الشيخ رفعت فقال: «كان ممتلئًا تصديقًا وإيمانًا بما يقرأ».

(ز) زينة

يتزين شارع المعز بآثاره التى أعيد ترميمها، والتى تعود لزمن إنشائه إبان الدولة الفاطمية. القاهرة القديمة تتنفس برئة نظيفة فى هذا الشارع المخصص للمشاة فقط. والتاريخ يطل راضيا بلحيته البيضاء من وراء الأفق.

(س) سيد النقشبندى

يصفه العم خيرى شلبى فى كتابه «برج البلابل» قائلا: «أن تعترف أم كلثوم بأن صوت النقشبندى أقوى من صوتها فتلك فى الواقع شهادة تضفى عليه مجدا وأبهةً يستحقها بالفعل. صوت هو الأبهة بعينها.. هو الفخامة».

(ش) شهرزاد

فى مسلسل «ألف ليلة وليلة الإذاعى الرمضانى، لا تحاول شهرزاد إثناءَ شهريار عن عنفه الذكورى ضد النساء. بل تصب الزيت على النار بحكاياتها عن الألاعيب الأنثوية والخيانات الزوجية وقصص الساحرات المتآمرات التى تملأ بها رأس الملك طوال الليل.
شهرزاد هى حتما الأكثر ضررا بين المتآمرين على بنات حواء!

(ص) صوم

بعض الأصوات يحسن بها أن تمارس صوما عن الكلام فى رمضان. صومٌ كذلك الذى مارسه زكريا ثلاث ليالٍ، أو كذلك الذى أُمرت به مريم البتول. ففى الصمت مراجعة للنفس تتسقُ مع الصوم عن الطعام والشراب. وفى الصمت إمساكٌ عن اللغو والكذب. الصمت يكبح فورة الغضب، ويفتح المجال أمام العقل للتفكير والتدبير.

(ض) ضرْب المدفع:

كان السلطان المملوكى «خشقدم» يجرب أحد المدافع الجديدة وقت الغروب فى أول أيام رمضان من عام 865 ه، فسمع أهل القاهرة دويه فظنوا أنها طريقة السلطان فى تنبيههم لحلول الغروب. ومنذئذِ اعتُمد المدفع فى القاهرة لإعلان ساعة الإفطار.

(ط) طعام الإفطار:

«وهتف المؤذن بصوته الجميل: الله أكبر.. الله أكبر، فأجاب أحمد بصوت مسموع: لا إله إلا الله، والتأم شمل ثلاثتهم حول السفرة، ثم غيروا ريقهم على عصير قمر الدين حتى رووا ظمأهم، وأتت الأم بطبق الفول المدمس فأقبلوا عليه بنهم شديد وتركوه أبيض من غير سوء.... ولكن لم يزل فى البطون متسع، فجىء باللوبيا والفلفل المحشو واللحم المحمر، وتعاونت الأيدى والأعين والأسنان فى عزم وسكون..».
نجيب محفوظ
رواية خان الخليلى

(ع) عيش وملح

تكثر الدعوات لإقامة موائد رمضانية للقيادات الروحية مسلمين وأقباط. وتُسمى عادة بموائد «الوحدة الوطنية». فلمَ لا نهجر التسميات الرنانة ونكتفى بـ«العيش والملح» ونبدأ بقرى الصعيد؟

(غ) غزة

وقت كتابة هذه السطور، تتعرض مدينة غزة لقصف وحشى من جيش الاحتلال الإسرائيلى. ولا أملك إلا أن أدعو لأهلها وأن أدعوكم لتذكرهم بالدعاء ساعة الإفطار.

(ف) فؤاد المهندس

وجهُه الضاحك ملءَ العينين وبكامل القسمات، حاملا فانوس رمضان على رسالة معايدة وصلتنى على الهاتف، هو السبب الأساسى وراء فكرة هذه الأبجدية الذاتية الانتقائية. وجهه كان كفيلا بإيقاظ الحنين إلى زمنٍ آخر، لم يكن هو فيه مجرد «عمو فؤاد»، أو «شنبو فى المصيدة»، أو الزوج الصائم المتذمر داخل المطبخ، بل كان أساسا فى ذلك الزمن البعيد الممثل الوحيد الذى يملك سلطة إضحاك أبى، رحمهما الله.

(ق) قراءة

يحكى نجيب محفوظ لمحمد سلماوى عن ذكرياته فى رمضان فيقول: «كنتُ أمضى وقتا طويلا من نهارى فى القراءة، سواءً القراءة الدينية أو الأدبية وكنتُ ألاحظ أن تذوقى للقراءة خلال أيام رمضان كان أعمق بكثير من بقية شهور السنة. هل يخلق الصيامُ فى الإنسان نوعا من الشفافية يجعله يصل إلى أعماقٍ قد لا يدركها وبطنه ممتلئ أم أنه يعطى دفعةً روحية للصائم تظهر علاماتها فى هذا التذوق المرهف؟».

(ك) كنافة

على الصاج الساخن يصب الكنفانى سلاسل العجين السائل فى حركة دائرية عليمة. يتركها قليلا ثم يجمعها شلالا طريةً زكية الرائحة. المشهد مرتبطٌ برمضان، واختراع الكنافة يعود أيضا لرمضان، حين أراد طبيب معاوية بن أبى سفيان أن يصف له طبقا يسد به جوعه أثناء الصيام. فقد كان الخليفة الأموى نهما أكولا يشقيه الصيام. فكانت هذه الحلوى. أشهر صورها الكنافة النابلسية بالجبن العكاوى بفلسطين، والكنافة المبرومة بالفستق الحلبى فى سوريا، وكنافة حلو الصمدى بلبنان لكنها اليوم تشهد تشويها متعمدا بإضافة شرائح المانجو والكريم شانتى!
تبا.. إنهم يدعون إلى دين جديد!

(ل) ليلة القدر
رُب ليلة يصدُق فيها العبد مع ربه كانت له خيرا من كل العمر. فاللهم بلغنا ليلةً من ليالى القدر.

(م) مسحراتى

بصوت الشيخ سيد مكاوى المسكون بروح الحارة، ومن أشعار فؤاد حداد العارف بأزقة الوجدان الشعبى، قدمت الإذاعة المصرية على امتداد ثلاثة عشرة عاما أجمل مناجاة غنائية فى ذاكرة ليالينا الرمضانية. ولعل المسحراتى لم يكن يقصد إيقاظ الصائمين من نومهم فحسب بل كان يطمح أيضا لإفاقة الوعى الشعبى الغارق فى سباته:
وأنا صنعتى مسحراتى فى البلد جوال
حبيت ودبيت كما العاشق ليالى طوال
وكل شبر وحتة من بلدى حتة من كبدى حتة من موال».

(ن) نوستالجيا
قبل سنوات قليلة، كانت لقطات من فوازير نيللى، أو شيريهان فى «ألف ليلة وليلة»، أو فطوطة وعمو فؤاد، وبوجى وطمطم، كفيلة بتحريك مشاعر الحنين إلى الماضى. لكن منذ استغل أحد المُعلنين فكرة إظهار أشخاص يتشبهون بهم فى أحد الإعلانات الرمضانية، بتُّ أشعر أن ثمة من يريد أن يسرق منا حتى الحنين!

(هـ) هاتوا الفوانيس

هاتوا الفوانيس ياولاد هاتوا الفوانيس
ح نزف عريس ياولاد
ح نزف عريس
ح يكون فرحه تلاتين ليلة
ح نغنى ونعمل هليلة
وح نشبع من حلوياته
هاتوا الفوانيس ياولاد هاتوا الفوانيس
(غناء و ألحان: محمد فوزى)

(و) وحوى يا وحوى

«هذه أغنية صنعت مطربا»، كما يقول عنها الأستاذ نجيب محفوظ فى حديث تلفزيونى. هو أحمد عبدالقادر، مطرب الأغنية الواحدة.. التى رددها كل الناس.. صغارا وكبارا.

(ي) يارب

اللهم أهلّ علينا رمضان بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام وأعنا على الصلاة والصيام وتلاوة القرآن وتقبل منا.

داليا سعودي كاتبة وأكاديمية مصرية حاصلة على جائزة الصحافة العربية
التعليقات