أمريكا والشاطر.. - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 4:58 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أمريكا والشاطر..

نشر فى : السبت 7 أبريل 2012 - 9:25 ص | آخر تحديث : السبت 7 أبريل 2012 - 9:25 ص

تدخل معركة الانتخابات الرياسية مراحلها النهائية خلال أيام فى لحظات مصيرية، تتغير فيها قواعد المنافسة بسرعة شديدة نتيجة دخول لاعبين جدد، بعد أن حسم الإخوان موقفهم بترشيح نائب مرشدها خيرت الشاطر.. فتراجعت حظوظ معظم المرشحين الآخرين. ربما لبعض الوقت. ولكن تحدى المنافسة قد يعيد كفة الميزان مرة أخرى إلى الشيخ حازم أبوإسماعيل أو الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح من التيار الإسلامى، أو إلى عمرو موسى من التيار الليبرالى.

 

ويبدو لافتا للنظر أن تزداد سخونة المنافسة بعد انضمام الشاطر إلى السباق، وبالأخص فى صفوف حازم أبوإسماعيل الذى عاد إلى الشارع أكثر إصرارا على الاستمرار فى المعركة إلى نهايتها، على الرغم مما أحاط جنسية والدته من شكوك حول أصولها الأمريكية وتكذيبه القاطع لذلك.. فى انتظار موقف رسمى من اللجنة العليا للانتخابات الرياسية يقطع الشك باليقين ويجلو الحقيقة عن جنسية والدته.

 

فى الوقت نفسه، عقد أبوالفتوح أكبر مهرجان انتخابى فى حملته الرياسية، حشد فيها عددا كبيرا من الشخصيات البارزة من المدنيين والليبراليين من أنصاره، مما أعتبر ردا على ترشيح الإخوان للشاطر، وكشف عن أن المعركة لن تكون سهلة ولن يكون الفوز فى متناول يد أى طرف من الأطراف المشاركة خصوصا وأن ليس كل الإسلاميين يؤيدون الشاطر سواء من داخل الإخوان أو من السلفيين، وليس كل من يؤيدون الشاطر من الإخوان!

 

والأمر الذى لاشك فيه أن حالة السيولة الشديدة، سواء فى التضارب بين المرشحين المحتملين للرياسة أو فى الأزمة الطاحنة التى تدور رحاها فى الجمعية التأسيسية للدستور.. أشاعت كلها جوا من الحيرة والارتباك بين صفوف الشعب والقوى السياسية الأخرى، وضاعفت من حمى المنافسة بين المرشحين.

 

فى خضم هذا الموقف الضبابى الذى يذهل جميع الأطراف حتى المجلس العسكرى، والقوى السياسية التى ظنت أن الثورة كفيلة بإقامة حكم ديمقراطى ليبرالى.. كان الأمريكيون هم أول من وضعوا رهانهم على شخص محدد هو خيرت الشاطر وجماعة الإخوان باعتبارها أكبر قوة سياسية منظمة فى مصر. ويبدو واضحا أن ثمة تحولا أمريكيا فى التعامل مع الإسلاميين بعد أن أصبح صعودهم أمرا لاجدال فيه. وعلى الرغم من نفى المسئولين الأمريكيين أن يكون لهم أدنى صلة بترشيح الإخوان لنائب المرشد خيرت الشاطر فى انتخابات الرياسة، أو أن يكون هذا الموضوع قد جرى بحثه أثناء زيارة السيناتور ماكين لمصر بحضور السفيرة الأمريكية باترسون فى اجتماعه مع قيادات الجماعة، فقد اتضح أن علاقات أمريكا بخيرت الشاطر قديمة وترجع إلى وقت سابق، وأنه عرفهم وعرفوه فى لقاءات واتصالات سابقة.

 

والذى يهم الجانب الأمريكى فى هذا الصدد أن تغسل يديها من تهمة الانحياز لمرشح على حساب مرشح آخر. بل كل ما يهمها ــ على حد زعمها ــ أن تنجح الجهود المبذولة لتشكيل حكومة مدنية منتخبة بطريقة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان والمرأة وتهتم بالأقليات وبحرية الإعلام.. ولكن هذا لاينفى حرص الوفود الأمريكية الرسمية للكونجرس التى تقاطرت على مقر الجماعة فى المقطم، على أن تستكشف بنفسها طريقة تفكير خيرت الشاطر ومدى تأييد الجماعة له، وموقفه ليس فقط من حقوق الأقليات واحترام القانون، ولكن الحصول على تعهد بالالتزام بمعاهدة السلام مع إسرائيل. وقد كان هذا ما حرص عليه السيناتور دراير فى لقائه مع الشاطر وسارع إلى إعلانه فى مؤتمر صحفى.. إذ يبدو واضحا أن هدفا أساسيا من هذه الزيارات هو طمأنة إسرائيل.. وقد أعقبت ذلك دعوة موجهة إلى حزب الحرية والعدالة لمقابلة المسئولين فى الخارجية الأمريكية فى واشنطن وفى معاهد الأبحاث والصحف الأمريكية!

 

من المؤكد أن الأمريكيين يتحركون ببراعة وبسرعة شديدة لملء الفراغات التى نشأت عن سقوط مبارك ونظامه، والسعى لإقامة جسور من العلاقات مع من وما سيأتى فى ظل الأوضاع الجديدة بعد انتهاء الفترة الانتقالية. وقد بات واضحا من ستكون له الكلمة فى المرحلة القادمة. وهو ما يراهن الأمريكيون عليه منذ الآن دون حاجة لانتظار ما تسفر عنه الانتخابات.

 

سوف تحسم الأيام القليلة القادمة بعد إغلاق باب الترشح، مصير عدد كبير من المتسابقين. وسوف تظهر حقيقة الذين كانوا يبحثون عن الشهرة أو الذين زين لهم الوهم أنهم مؤهلون لمنصب الرياسة زورا. ولن  تظهر الحقيقة إلا عندما تنطفئ أضواء الحملات الدعائية ويذهب المصريون مرة أخرى إلى صناديق الانتخاب وتلك قضية أخرى!

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات