ضربة مزدوجة للمبعوث الأمريكى الجديد للشئون الإيرانية - العالم يفكر - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 6:16 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ضربة مزدوجة للمبعوث الأمريكى الجديد للشئون الإيرانية

نشر فى : الإثنين 8 فبراير 2021 - 7:00 م | آخر تحديث : الإثنين 8 فبراير 2021 - 7:00 م

نشر مركز بيجن ــ سادات للدراسات الاستراتيجية مقالا للعقيد مردخاى كيدار، وهو خبير فى جماعة الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية الأخرى، يقول فيه إن المبعوث الأمريكى الجديد للشئون الإيرانية روبرت مالى سيسعى إلى إعادة الولايات المتحدة إلى اتفاق إيران النووى ومساعدة طهران لاستعادة قوتها العسكرية والسياسية، أما بخصوص القضية الفلسطينية فسيعمل روبرت على إقامة دولة فلسطينية تحت مظلة السلطة الفلسطينية وإزالة المستوطنات... نعرض منه ما يلى.
عينت إدارة بايدن الجديدة روبرت مالى مبعوثًا خاصًا للشئون الإيرانية. هذا التعيين يجعل روبرت فى موقع له تأثير كبير على الشرق الأوسط ككل، حيث إن القضية الإيرانية مرتبطة أيضًا بالمملكة العربية السعودية وإسرائيل، وبشكل غير مباشر، بالقضية الفلسطينية. خطوة الإدارة هذه هى أيضًا جزء من الجهود المبذولة لإبطال جزء مما فعله الرئيس السابق، دونالد ترامب، فى الشرق الأوسط.
فيما يتعلق بالحالة الإيرانية، من المرجح أن يحث روبرت الولايات المتحدة على العودة إلى الاتفاق النووى لعام 2015 (خطة العمل الشاملة المشتركة JCPOA)، ورفع العقوبات فى أقرب وقت ممكن، وتحرير نظام طهران من أى التزام آخر، بما فى ذلك ما يتعلق بالصواريخ الباليستية طويلة المدى، ووقف تدخلها المدمر فى شئون الدول الأخرى. وسيسعى روبرت أيضا على مساعدة طهران لاستعادة قوتها العسكرية والسياسية التى كانت تمارسها أيام الرئيس أوباما، على الرغم من المصائب التى عصفت بها تلك القوة على مواطنى إيران والمنطقة.
أما القضية الفلسطينية، فمن المرجح أن يوجه مالى ــ حتى وإن بطريقة غير مباشرة ــ عملية تُتوّج بدولة فلسطينية بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية. وفى الوقت نفسه، ستضغط الإدارة على إسرائيل للتخلى عن الجزء القديم من القدس (القدس الشرقية)، والانسحاب من أجزاء أخرى من الأراضى المحتلة، وإزالة المستوطنين والمستوطنات.
***
لكن إسرائيل ليست الضحية الوحيدة لهذه السياسة المرتقبة. وأى شخص لديه معرفة محدودة بتاريخ إيران يعرف أن تلك الدولة كانت تحت حكم الشاه حتى نهاية عام 1978 ومنذ بداية عام 1979 كانت تحت حكم آيات الله. حكومة الشاه كانت ديكتاتورية قومية أثارت غضب الدوائر الليبرالية الأمريكية. ونتيجة لذلك، قرر الرئيس جيمى كارتر إنهاء دعمه للنظام عندما اندلعت مظاهرات حاشدة ضده فى عام 1978.
كان دافع كارتر هو الاهتمام بحقوق الإنسان لمواطنى إيران. فى النهاية، غادر الشاه إيران وانهارت حكومته نتيجة المظاهرات العنيفة وانعدام الدعم الأمريكى. على أنقاضها، نشأت جمهورية آية الله الخمينى الإسلامية، والتى سرعان ما تبين أنها ديكتاتورية وأسوأ بكثير مما كانت عليه حكومة الشاه فى أى وقت مضى. فلقد كان هناك بعدان رئيسيان للقمع فى إيران: الشخصى والجماعى. على المستوى الشخصى، يعرف كل مواطن إيرانى ما الذى سيحدث إذا تظاهر ضد الحكومة أو كتب منشورًا لا تحبه الحكومة على الشبكات الاجتماعية. ففى أفضل الأحوال، سيتم سجنه/ها أو تعذيبه/ها؛ وفى أسوأ الأحوال، الإعدام، واغتصاب النساء اللواتى يتم ضبطهن أثناء مشاركتهن فى مظاهرات مناهضة للنظام.
أما القمع الجماعى فينبع من حقيقة أن إيران تتكون من مجموعات عرقية متعددة. فالفرس هم المجموعة المهيمنة حيث يشكلون حوالى نصف السكان. النصف الآخر يتألف من البلوش، الأكراد، الآذريين، العرب، التركمان، بحر قزوين، الكازاخ، اللور، بختيار، وغيرهم. تُجبر هذه المجموعات على العيش تحت حكم الفرس، الذين يقضون على أى محاولة لتقرير المصير أو تطوير الثقافة أو التراث أو اللغة المحلية.
وهنا يأتى التناقض والعبثية: فالدعم الأمريكى لحكم آيات الله هو فى الأساس دعم لنظام قمعى لا يعترف بحقوق الإنسان على المستوى الشخصى أو بالحقوق القومية/العرقية على المستوى الجماعى. وهذا الدعم يتعارض بشكل مباشر مع القيم الأمريكية الأساسية ولا يتماشى بالتأكيد مع الأجندة المعلنة للحزب الديمقراطى.
***
فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، يرى الكاتب أن إدارة بايدن تدعم الجانب الخطأ من القضية. فإدارة بايدن غافلة تمامًا عما يريده الفلسطينى فى الشارع، وأعضاء الإدارة يرتبطون ويدعمون منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية. بعبارة أخرى، وبحسب التقارير، تهدف الإدارة إلى استعادة الدعم للسلطة الفلسطينية بهدف تحويلها إلى دولة. هذا على الرغم من حقيقة أن الدولة
المرتقبة ستكون مفتقرة إلى الشرعية استنادا إلى ثلاثة عوامل (هنا يتطرف الكاتب فى تعليقه ووصفه للسلطة الفلسطينية فى سرده لهذه العوامل):
العامل الأول أن كلا من منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية مبنيتان على المحسوبية، حيث يستغل الموظفون مزايا الحكم من أجل الإثراء الشخصى ويتركون جميع السكان الآخرين لتدبر أمورهم بأنفسهم. أضف إلى ذلك اشتداد الخلاف بين الحكومة والسكان خلال عام فيروس كورونا ووصوله إلى مستويات غير معروفة.
العامل الثانى: يدرك سكان الضفة الغربية إدراكا تاما أن الانتخابات الديمقراطية التى يخطط لها عباس فى عام 2021 قد تؤدى إلى وصول حماس إلى السلطة، وهو ما حدث فى الانتخابات الأخيرة للمجلس التشريعى فى عام 2006. وسيؤدى حكم حماس إلى جر الضفة الغربية إلى الحال الأليم الذى يعيشه قطاع غزة، حيث كانت حماس فى السلطة لأكثر من 13 عامًا. وبالطبع لا أحد فى الضفة الغربية يريد ذلك.
العامل الثالث: يتعارض حكم السلطة الفلسطينية مع الولاء العشائرى الطبيعى لسكان الضفة الغربية. فالعشيرة فى العالم العربى هى العنصر الأساسى للبنية الاجتماعية. وبالتالى، فإن الدول المتجانسة المبنية على حكم العشيرة ــ مثل الإمارات العربية المتحدة ــ شرعية فى نظر مواطنيها، ولذلك هى هادئة اجتماعيًا ومستقرة سياسيًا ومزدهرة اقتصاديًا. فى المقابل، فإن الدول غير المتجانسة مثل العراق وسوريا وليبيا واليمن والسودان ليست شرعية فى نظر مواطنيها، وبالتالى فهى مضطربة اجتماعيا وهشة سياسيا وفاشلة اقتصاديا. وستكون الدولة الفلسطينية نسخة أخرى من هذا النموذج الأخير، ولهذا السبب لا يريدها سكانها.
***
الدولة الفلسطينية مقدر لها أن تكون معادية بشكل أساسى لإسرائيل وفرص السلام بينها وبين إسرائيل معدومة. وإقامة دولة فلسطينية من هذا النوع ستحتاج دائمًا إلى عدو خارجى كوسيلة لتوحيد جميع قطاعات السكان تحت مظلة السلطة الفلسطينية.
فى ختام مقاله يقول الكاتب: السؤال الذى يواجه إسرائيل الآن هو ما إذا كان عليها أن تتصرف كـ «نبى» وتنبه الإدارة الأمريكية الجديدة إلى العيوب والتناقضات المتأصلة فى سياساتها على اعتبار أن سياسة روبرت مالى تتناقض تناقضا صارخا مع المبادئ الديمقراطية الأمريكية الأساسية، أم الخضوع للأمر الواقع وقبول المفاهيم الخاطئة والخطيرة لروبرت والأعضاء الآخرين القادمين من البيت الأبيض ووزارة الخارجية.
على أية حال، الجواب على هذا السؤال سنعرفه بعد الانتخابات الإسرائيلية المقبلة.

إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى

التعليقات