فيلمان فائزان - كمال رمزي - بوابة الشروق
الإثنين 20 مايو 2024 12:38 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فيلمان فائزان

نشر فى : السبت 8 مايو 2010 - 11:00 ص | آخر تحديث : السبت 8 مايو 2010 - 11:00 ص

 جاء الفيلم حاملا معه عدة مفاجآت سارة: المخرج جديد، اسمه أحمد النجار، يقدم أول أفلامه التسجيلية، محققا مستوى رفيعا، فنيا وفكريا، جعل لجنة التحكيم تمنحه جائزة أفضل فيلم من دون تردد أو مناقشة.

الفيلم قصير، أقل من ربع الساعة، ومع هذا يطرح قضية كبيرة، شديدة الأهمية. عنوانه غريب «مش عارف»، لكنه يعرف الكثير، يدور فى مكان واحد، ويبدو كما لو أنه مشهد واحد، إلا أنه يختزل، بخبرة ودراية، عالما كاملا. أبطاله، لا يتجاوزون عدد أصابع الكف الواحدة، يختلفون فى المظهر، يتطابقون فى الجوهر. الفيلم «ليلى»، الظلام يقبع فى الأركان ويكاد يغلف مكونات المكان، الذى يوحى بالضيق على الرغم من وجود شارع وشجرة ضخمة وكشك سجائر وراءه أفق مفتوح، معتم. إنه جو نفسانى يتواءم تماما مع روح الفيلم ذات الطابع المقبض، الذى يليق بعمل يسبر غور مجموعة من شباب ضائع، نراهم حولنا، وفى أسرنا، ننزعج منهم، نؤنبهم، ولكن لا نتفهمهم أبدا.

«مش عارف»، وهذه إحدى ميزاته، يقترب منهم، يتيح لهم حرية الكلام، بلا تعليق من الخارج. الشبان يعترفون بتعاطى المخدرات، يتحدثون عن نمط حياتهم اليومى. النوم فى البيت، حتى منتصف النهار. الخروج لمقابلة الأصدقاء فى الكشك، التدخين والثرثرة وأحيانا الشجار مع آخرين، ثم العودة إلى البيوت.

يكرهون الدراسة، ولا يشعرون بالمستقبل. إنه جيل ضال، بلا هدف.. «مش عارف»، وهذه ميزة أخرى، تدفعنا للتفكير فى غياب الإحساس بالمسئولية، سواء تجاه الوطن أو تجاه الذات. «مش عارف»، يرددها الشباب، تهربا من إعمال العقل. إنه فيلم يطرح، بجدية، أسئلة جوهرية.

أما العمل الآخر، الذى حصل على جائزة أفضل فيلم روائى قصير، فإنه بعنوان «أقل من ساعة» لمخرج استوعب أصول فنه، وبالتحديد، فن الفيلم القصير الذى لا يأتى كفيلم طويل مبتسر أو مختصر أو مبتسم، فهنا، موقف واحد، صادق وقوى، يعبر بدقة وإبداع، عن هدف كاتبه ومخرجه، محمد ممدوح، المتمتع بحساسية مرهفة.

بطلة الفيلم المطلقة «ريم»، بعد حصولها على حق رؤية طفلتها «أقل من ساعة» أسبوعيا. نتابعها فى إحدى المرات، حيث ندرك ذلك الألم النفسانى، الذى يتمكن منها، شيئا فشيئا، ابتداء من تأخر طليقها عن موعد حضوره، ومراقبته للقاء، وتوصيته لطفلته برفض ما قد تقدمه والدتها.

«ريم»، بأداء ممثلة موهوبة لا أعرف اسمها، تعبر ببلاغة، ومن دون مغالاة، وبنظرة واحدة، عن قلبها المهصور، وهى تتابع، بعينيها، ابنتها فى يد طليقها، وهى تغادر المكان، بينما الطفلة حائرة، لا تفهم الموقف. إنه فيلم كبير، لا تفوته التفاصيل الصغيرة، التى تكشف الكثير من الأمور، مثل الموظفة الباردة، المسئولة عن تنظيم اللقاءات، والمتواطئة مع الأب. «أقل من ساعة» ينبئ بقدوم مخرج مهم، شأنه فى هذا شأن «مش عارف».

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات