جرعة السم ومناعة الجسم - بسمة قضماني - بوابة الشروق
الإثنين 17 يونيو 2024 3:26 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

جرعة السم ومناعة الجسم

نشر فى : الأحد 8 مايو 2011 - 8:51 ص | آخر تحديث : الأحد 8 مايو 2011 - 8:51 ص

 ثورتنا فى سوريا عصيبة ومخاطرها كثيرة، اليوم نحن أمام مرحلة حاسمة من تاريخنا، مرحلة استرداد الوطن من سلطة عملت على تشويهه. اليوم قضيتنا الأولى هى الحفاظ على اللحمة الوطنية وإنقاذ الكيان الاجتماعى. كان ذلك من أول شعارات المنتفضين «واحد واحد واحد الشعب السورى واحد» لكن النظام قرر أن يلجأ إلى استراتيجية التلاعب على العامل الطائفى وتخويف الأقليات، وهذه الإستراتيجية هى بمثابة تلقين المجتمع جرعة من السم القاتل فكيف يكون رد فعل الجسم وهل تكون لديه المناعة الكافية لمكافحة السم والتغلب على آثاره والتخلص منها؟

قد تظهر بعض العناصر من تيارات متشددة وهذا لا يمكن تجنّبه فى ظل الانتفاضة، مثلما ظهرت عناصر من التيار السلفى فى مصر أثناء الثورة. لا شعبية فى سوريا مثلما لا جمهور فى مصر للأفكار السلفية، والشعب يعى خطورة هذا التيار الآن لأنه يشكل الذريعة المثالية للنظام كى يشوّه الانتفاضة ويشكك فى طابعها السلمى والديمقراطى.

أن تلتف كل طائفة حول ممثليها فى مؤسستها الدينية هذا ما يحلم به النظام ويسعى إليه كى يعيد الرعب إلى قلوب الناس ونعود جميعنا مسلمين ومسيحيين وعلويين ودروز وأكراد نفقد وطننا مرة أخرى.

الحفاظ على الوحدة الوطنية يقع اليوم على عاتق الشعب وحده وهذا حمل ثقيل خاصة عندما يكون النظام السياسى عمل عبر أربعة عقود على إلغاء أى نقاش عام ومنع التواصل بين أطياف المجتمع، هذه العلاقة الأفقية التى لا وجود لمجتمع مدنى بدونها. على المجتمع إذا أن يضاعف وعيه ويعمل بنفسه على توعية الناس إلى لعبة السلطة الخطيرة.

فى هذه الظروف ربما تقع المسئولية الأكبر على الأكثرية ــــ أى السنّة ــــ الذين يمثلون سبعين بالمائة من المجتمع السورى. فى غياب جهة سياسية مسئولة تقوم بحماية المجتمع، مثلما هو الحال فى دول ذات نظام سياسى عاقل، بدأ بعض رجال الدين السنّة المستقلين يصدرون بيانات تهدف إلى طمأنة جميع الطوائف الأخرى بأن لا تهديد على سلامة أى سورى فى الوطن، مهما كانت طبيعة النظام السياسى. إذا اخترنا أن نتعامل مع الخوف الموجود عند هؤلاء المواطنين السوريين بتجاهله ربما ندعّم عن غير قصد رواية السلطة القائلة بأن الأقليات تواجه صراعا على البقاء. فى هذه الظروف على الأكثرية أن تطمئن الأقليات.

بسمة قضماني  مدير مبادرة الإصلاح العربي
التعليقات