الهزة فى النظام السياسى الإسرائيلى مستمرة، ويبدو كأن إسرائيل تقترب من تفكُّك الحكومة والتوجه إلى انتخابات بخطى متسارعة. إن امتداد الحرب، إلى جانب الدفع قدما بقانون الإعفاء من الخدمة العسكرية، خلط الأوراق، وكلّ المؤشرات تدل على أن الأمر بات خطوة لا مفرّ منها.
ومع ذلك، وبعكس جولات الانتخابات السابقة، لا تعتزم أغلبية المجتمع الإسرائيلى الوقوع مجددا فى فخ بنيامين نتنياهو. الرجل الذى حرص على تقسيم أبناء الشعب طوال سنوات من أجل الحفاظ على حُكمه المطلق، سيتذوق قريبا الطبخة التى أعدّها لنفسه.
فى الانتخابات القادمة، من المتوقع أن ينشغل الخطاب العام بشخصية أخرى، الخصم الأبدى الذى بدأ كرئيس هيئة المكتب فى ديوان نتنياهو، وأصبح التهديد السياسى الأكبر له: نفتالى بينت.
بعد عامين ونصف العام على إنهائه مهماته، يحظى رئيس الحكومة السابق بتعاطف شعبى كبير واستطلاعات رأى إيجابية، من أسبوع إلى آخر. بدأ بينت فعلا بالتسخين على الخط الجانبى، ومؤخرا، سجّل حزبه الجديد فى سجل الأحزاب، فى وقت بات الائتلاف الحكومى بأسره غارقا فى حملة انتخابية. إيتمار بن غفير يتوجه إلى النقب برفقة الكاميرات، وبتسلئيل سموتريتش يضع إنذارا بشأن الحرب فى غزة، بهدف تعزيز قاعدته الجماهيرية، ونتنياهو يخرج بسلسلة من البث المباشر المصمم بعناية، عبر موقع فيسبوك.
ظهرت إشارات ضغط حقيقى فى الائتلاف، من خلال رسائل حادة وعلنية ضد بينت فى الفترة الأخيرة، وجرى تضخيمها فى قنوات التحريض. وكميات التشهير، بطبيعة الحال، من المتوقع أن تزداد كلما اقتربنا من يوم الانتخابات.
كذلك، أثارت عضو الكنيست ميراف بن آرى «يوجد مستقبل»، هذا الأسبوع، أنصار الحكومة، عندما صرّحت فى مقابلة مع قناة الكنيست بأن «اليوم، لم يعد هناك أيديولوجيات، هناك فقط نعم لبيبى، أو لا لبيبى». إذا، سيدتى عضو الكنيست، يجدر بك تحديث النسخة: «نعم لبينت، أو لا لبينت» هو الشعار الجديد لـ«نعم لبيبى، لا لبيبى».
بعد الفترة الصعبة والمرهقة التى مرّ بها شعب إسرائيل تحت ولاية الحكومة الحالية، بات متعطشا لتغيير عميق فى القيادة. يجب الاعتراف بأن بينت، على الأرجح، ليس البديل الأفضل الذى كان فى إمكان الشعب الإسرائيلى أن يطلبه لنفسه. فى نهاية المطاف، الحديث يدور عن شخص كان حلقة مركزية فى المستوى السياسى على مدار سنوات طويلة، وهو أيضا يتحمل مسئولية كبيرة عن أحداث السابع من أكتوبر 2023. ومع ذلك، ولأول مرة منذ سقوط «حكومة التغيير»، تصل الأمواج فى البركة السياسية إلى ارتفاعات جديدة، وتهدد بجرف كل ما اعتدناه حتى الآن.
ومثلما قال بنيامين نتنياهو ذات مرة، عندما كان زعيما للمعارضة: «إن المشكلة ليست ما إذا كانت هذه الحكومة شرعية، المشكلة مع هذه الحكومة هى أنها خطِرة، ولذلك، سنُسقطها أبكر كثيرا مما تظنون». ربما هذه المرة، لن يحدث ذلك بالسرعة التى اعتقدناها، لكن من المؤكد أننا أقرب من أى وقت مضى.
دانييل غولدفينجر
معاريف
مؤسسة الدراسات الفلسطينية