ضرورة أن نعرف إثيوبيا جيدًا - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 12:17 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ضرورة أن نعرف إثيوبيا جيدًا

نشر فى : السبت 8 مايو 2021 - 7:20 م | آخر تحديث : السبت 8 مايو 2021 - 7:20 م

من المحتمل وربما المؤكد أن خلافنا وصراعنا مع إثيوبيا سوف يمتد لفترة طويلة، إذا ظل تفكير قادتها بنفس العقلية المتصلبة والمتحدية والمتعنتة.
من المهم جدا أن نعرف كيف يفكر هذا الشعب وكيف يفكر قادته، وعلينا أن ندرس تطورات هذا المجتمع بصورة هادئة وموضوعية، وليست انتقائية أو رغائبية، قائمة على التمنى، من دون النظر للواقع.
الطبيعى والمنطقى هو التأكيد على أننا كمصريين نكنّ كل ود وتقدير واحترام للشعب الإثيوبى، فهو صاحب حضارة عريقة.
لا نختلف مع الشعب نفسه بجميع مكوناته وعرقياته وطوائفه، لكننا نختلف فقط مع غالبية الحكومات المتعاقبة، فيما يتعلق بقضية واحدة فقط، وهى حقنا فى حصتنا المائية التى نحصل عليها منذ وعينا على الحياة، ورأينا نهر النيل يتدفق من الجنوب للشمال من دون أى معوقات أو تهديدات أو ابتزازات.
نحن نتمنى للإثيوبيين كل تقدم، والرئيس عبدالفتاح السيسى خاطبهم وقال لهم ذلك فى برلمانهم، وعبر أكثر من منبر قائلا لهم نحن ندعم حقكم فى التنمية والتقدم لكن شرط ألا يكون ذلك على حساب حياتنا نحن ــ المصريين ــ حيث تشكل مياه النيل أكثر من ٩٥٪ من مواردنا المائية.
كل من تحدث عن المقارنات بين مصر وإثيوبيا، قال إنه لا توجد مقارنة بين البلدين فى جميع القطاعات والمؤشرات، من أول الدخل القومى نهاية بالميزان العسكرى. ورغم جميع المشاكل والأزمات التى واجهتها وتواجهها مصر، فهى متفوقة على إثيوبيا فى كل المقارنات، ربما باستثناء أن عدد سكان إثيوبيا يزيد على سكان مصر بحوالى عشرة ملايين نسمة.
الامبراطور هيلا سيلاسى ظل يحكم إثيوبيا حتى عام ١٩٧٤. حينما أسقطه انقلاب مجموعة «الدرغ» التى قادها منجستو.
هيلا ماريام، الذى جعل بلاده حليفا للاتحاد السوفييتى السابق وضد الغرب، وكانوا يسمونه الجنرال الأحمر، وفى سنوات حكمه حدثت حالات تمرد متنوعة واتهمته المعارضة بأنه جنرال دموى قتل وشرد مئات الآلاف.
تشكلت معارضة مسلحة للإطاحة بنظام منجستو ونجحت فى ذلك عام ١٩٩١ بقيادة «الجبهة الثورية الشعبية الإثيوبية» «اى بى آر دى إف»، قادته جبهة تحرير شعب تيجراى. «تى بى إل إف»، والجبهة الأخيرة ممثلة لإقليم تيجراى المجاور للسودان، وارتيريا وسكانه لا يزيدون على ٦٪ من سكان البلاد، لكنهم كانوا يشكلون النخبة، وعمليا هم من حكموا البلاد طوال الفترة من سقوط منجستو عام ١٩٩١، وحتى وصول آبى أحمد للسلطة عام ٢٠١٨، والاخير كان مشروعه السياسى الرئيسى هو إنهاء هذا الوضع، وهو الأمر الذى وجد تأييدا من عدد كبير من بقية القوميات خصوصا القومية الأكبر وهى الأورمو ثم الأمهرا.
فى إثيوبيا عشرة أقاليم رئيسية هى هرر، تيجراى، اروميا، العفر، الصومال الإثيوبى، بنى شنقول جومز، غامبيلا، السيداما.
فى إثيوبيا أيضا عشرات القوميات الكبرى، أهمها الأورمو وتشكل أكثر من ٤٠٪ من السكان وأغلبهم من المسلمين، ويشعر أفرادها بأنهم مهمشون، ثم الأمهرا، والعفر. وهناك توازن تقريبا بين عدد المسلمين والمسيحيين.
للموضوعية فإن إثيوبيا تشهد فى السنوات الأخيرة محاولات للتنمية والتقدم، وهناك إقبال كبير من مستثمرين دوليين وإقليميين للعمل هناك خصوصا الصين وتركيا وبعض دول الخليج، لكن المشوار لا يزال طويلا، وعلى سبيل المثال فإن ميليس زيناوى وحينما وصل للسلطة عام ١٩٩١، قال إن حلمه أن يتمتع الإثيوبيون بثلاث وجبات طعام يومية.
لكن من الواضح أن الخلافات العرقية، والعقلية القبلية والجهوية والصراعات الدينية والطائفية إضافة للأوضاع الاقتصادية الصعبة لا تزال تلعب العامل الحاسم فى إثيوبيا، رغم كل محاولات آبى أحمد التغطية على كل هذا الواقع الصعب، والتركيز فقط على الصراع مع مصر، ظنا أن هذا هو العامل الوحيد الذى يوحد الإثيوبيين.
لكن كلام المبعوث الأمريكى للقرن الأفريقى جيفراى فيلتمان عن عدم استبعاد نشوب حرب أهلية فى إثيوبيا، ينبغى أن يقلق آبى أحمد وكل قادة إثيوبيا الذين يريدون تعطيش مصر، للتغطية على الواقع الهش فى بلادهم.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي