استفتاء من إياهم - أميمة كمال - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 5:00 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

استفتاء من إياهم

نشر فى : الأحد 8 أغسطس 2010 - 10:00 ص | آخر تحديث : الأحد 8 أغسطس 2010 - 10:00 ص

 فرحت كثيرا عندما أعلن أمين أباظة وزير الزراعة قرب توصل علماء مصريين فى أكاديمية البحث العلمى إلى استنباط أصناف من الأرز «الهوائى» الذى يروَى كل 12 إلى 15 يوما، أسوة بالقطن أو الذرة. وهو ما يؤدى إلى خفض معدل الاستهلاك المائى لمحصول الأرز من 7 الآف متر مكعب مياه للفدان، إلى 5 أو 4.5 ألف متر فقط.

حمدت ربنا كثيرا لأن هذا معناه أن تعود الحكومة عن قرارها بتخفيض مساحات الأرز المسموح بزراعتها إلى 1.1 مليون فدان فقط . وهى المساحة التى لا ينتج عنها سوى 2.5 مليون طن أرز أبيض فقط. وهو ما يجعل المصريين تحت رحمة الأسعار العالمية التى تقفز عند كل موجة حر أو برد مفاجئة. وسيكون على الحكومة من الآن أن تستورد الأرز من الخارج بكميات تزيد على نصف مليون طن أرز أبيض سنويا لتلبية احتياجات الاستهلاك المحلى. هذا فى حالة إذا ما استمر المصرى يستهلك فقط من 40 إلى 45 كيلو جراما فى السنة.

ولكن من المؤكد أنه مع ارتفاع أسعار اللحوم والدواجن والخضر بهذا الشكل الجنونى فسوف لا يجد المصريون مخرجا لكى يملأون بطونهم سوى بمزيد من الاعتماد على الأرز والخبز والمكرونة. وهو ما ينبأ بزيادة نصيب الفرد من الأرز وبالتالى ستزيد فاتورة الاستيراد.

وبدلا من أن نصبح أسرى للأسعار العالمية فى تلبية احتياجاتنا من القمح فقط، بعد أن فشلنا فى زيادة نسبة الاكتفاء الذاتى منه، بل نعرض أنفسنا لخطر الحظر الذى أصبحت تفرضه الدول على تصديرها له مثل ما حدث مع روسيا. والتى فرضت حظرا على تصدير القمح بعد تعرضها لموجة حر أثرت على المحصول. سنجد أنفسنا مضطرين أيضا إلى الوقوع تحت رحمة ظروف الأسواق العالمية لتلبية احتياجاتنا من الأرز بعد أن نفقد ميزة الاكتفاء الذاتى منه.

ويبدو أن الحكومة لم تنظر كثيرا إلى نتائج الدراسات التى تجريها المراكز البحثية لديها وإلا كانت قد عرفت أن المستفيدين من البطاقات التموينينة وعددهم 64 مليون مواطن يضعون الأرز من ضمن السلع الثلاث التى لها الأولوية لديهم. بل يطالبون بزيادة حصتهم من الأرز بنسبة 300% لكى تكفى احتياجاتهم. فكيف ستتم تلبية احتياجات هؤلاء لو ارتفعت أسعار القمح والزيت والأرز والسكر عالميا وهى السلع الأساسية لدى هذه الشرائح، أو لو قررت الدول المنتجة لهم أن تحظرها لدواعى محلية.
وعلى الحكومة قبل أن تأخذ قرارا بفقدان سيطرتها على قوت المصريين اليومى مرة قمح، ومرة أرز، وذرة، وفول، وما أدرانا ما بعدها، عليها أن تسأل نفسها... ماذا سيأكل المصريون؟
وأعتقد أنه لو أرادات الحكومة أن تقنع المصريين بقبول فكرة فقدان الاكتفاء الذاتى من الأرز فعليها أن تطرح سؤالا فى استفتاء عام (من إياهم) على المواطنين حتى يأتى قرارها شعبيا. بعدها يقبل المصريون أن يأكلون المكرونة بدلا من الأرز، أو يمشوها غموسا بالعيش بدلا من الأرز. هم أحرار.

على الحكومة أن تسأل المواطن من أصحاب البطاقات التموينية «بذمتك هل يقبل ضميرك الحى أن نخفض كميات المياه التى تستخدم فى ملاعب الجولف، ونحرم أطفال وشباب وربما شيوخ من متعة هذه الرياضة بعد أن تعودوا عليها؟ ضع نفسك مكان آباء هؤلاء الذين تعودوا على هذه الرياضة. إذا كان ضميرك يسمح بهذا أجب بنعم. وإذا أجبت بلا، أجب عن السؤال الثانى إذا كنت قد استحرمت أن نحرمهم من هذه الرياضية فقل على الفور أنك توافق على تخفيض مساحات الأرز، ولن يهمك كثيرا لو ارتفعت أسعاره.

ولا يجب أن تفوت الحكومة فرصة مثل هذا الاستفتاء دون أن تسأل المواطنين إياهم هل توافقون على حرمان مرتادى المنتجعات السياحية وقاطنى القصور من مشاهدة البحيرات الصناعية بعد أن دفعوا دم قلبهم من أجل التمتع بهذا المشهد الخلاب، حتى ولو كان هذا على حساب المياه التى تستخدم فى زراعة الأرز؟ إذا كانت الإجابة لا توافق على حرمانهم من هذا المشهد، فيجب أن توقع فى الخانة الأخيرة على أنك ترغب وتفضل، بل تتوسل للحكومة أن تستبدل أرز التموين بالمكرونة. وتوقع فى نهاية الاستفتاء بأن كل الإجابات تمت برضاك وبطيب خاطر منك دون أى ضغط أو إرهاب. وعندها يكون من حق الحكومة أن تأخذ هذا القرار بضمير مستريح.

وربما ينجح علماؤنا يوما أن يستنبطوا ملاعب جولف «هوائى» أو يجدوا حلا فى إيجاد بحيرات صناعية من النوع «الهوائى». وحتى هذا الوقت نمشيها بالاستفتاء.

أميمة كمال كاتبة صحفية
التعليقات