آية وترنيمة - أحمد مجاهد - بوابة الشروق
الأحد 19 مايو 2024 12:52 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

آية وترنيمة

نشر فى : الإثنين 10 يناير 2011 - 9:51 ص | آخر تحديث : الإثنين 10 يناير 2011 - 10:12 ص

 لم يرتجف قلبى طوال حياتى بقدر ما ارتجف خوفا من التصعيدات والتداعيات التى يمكن أن تنتج عن الجريمة الإرهابية التى قتلت شهداء أبرياء مسيحيين ومسلمين أمام كنيسة القديسين بالإسكندرية، وبخاصة فى تلك الأيام الحاسمة التى تفصل بين ليلة رأس سنة التى وقعت فيها حادثة هذا العام، وليلة عيد ميلاد المسيح لدى أقباط مصر التى وقعت بها حادثة مشابهة بنجع حمادى فى مطلع العام الماضى.

ستة أيام مرت كأنها الدهر كله، خوفا على مصير هذا البلد من فتنة طائفية، يتبعها انشقاق سياسى، فانفصال جغرافى، وفقا للسيناريوهات المحيطة بنا.

لكن الله إلهنا الواحد قد صدق وعده بالحفاظ على مصر، فقد قال تعالى فى الآية 99 من سورة يوسف:

«ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين»، كما قال فى الكتاب المقدس بالإصحاح 19 من سفر أشعياء: «مبارك شعبى مصر»، ولهذا يحق للمصريين جميعا مؤقتا أن يرددوا سويا تلك الترنيمة الكنسية التى تقول:

مبارك شعبى مصر ده وعدك من سنين

خيرك أكيد لأنك إله صادق أمين

تيجى بغناك وتملى بيوت المحرومين

ويفيض النيل ويروى جموع العطشانين

مبارك مبارك مبارك مبارك شعبى مصر

ويبقى السؤال هو: لماذا مؤقتا ؟

فصحيح أن حكمة الرئيس مبارك وتدخله الحاسم السريع كان لهما الدور الأهم فى احتواء آثار هذه الجريمة الإرهابية النكراء، وصحيح أنه قد تبعته جهود من المؤسسة الدينية بجناحيها ومن الحكومة والشعب هى الأبرز فى تاريخ الاحتقان الطائفى بمصر، لكن يجب علينا إدراك أن ضرورة سرعة رد الفعل قد حتمت على الجميع البدء بالاحتواء العاطفى للمشكلة، لأن المعالجة الموضوعية الشاملة تتطلب جهدا ووقتا طويلين لمراجعة ملفات عديدة معروفة لنا جميعا ولا داعى لتكرارها، تبدأ بسرعة الانتهاء من إصدار قانون بناء دور العبادة الموحد، وتنتهى بترسيخ دعائم الدولة المدنية التى لا تعرف طريقا للتمييز بأشكاله المتنوعة.

لكن أخطر ما فى الموضوع من وجهة نظرى هو حتمية تغيير المفاهيم لدى جميع الأطراف، فمن غير المقبول مثلا أن يبث موقع إسلام أون لاين على الإنترنت فى هذا التوقيت سؤالا عن حكم الشرع فى رفع علم يضم الهلال مع الصليب، تتبعه إجابة للدكتور مسعود صبرى الباحث بمركز الوسطية بالكويت يقول فى نهايتها: «وبعد هذا البيان نقول: يحرم على المسلم أن يرفع علما فيه صليب، لأنه رفع شعار الكفر، وكل ما أدى إلى الكفر فهو حرام، ولا يعنى هذا كفر الفاعل، ولكنه يعنى أنه أتى فعلا من أفعال الكفر دون الحكم عليه بالكفر».

كذلك فإنه إذا صح الاتهام المقدم للنائب العام بأن وفاة السكندرى السلفى سيد بلال أثناء التحقيق معه فى قضية كنيسة الإسكندرية كانت بسبب التعذيب، فهذا غير مقبول أيضا حتى وإن كان هو الفاعل الحقيقى للجريمة، فقد كان يجب أن يحاكم قبل إعدامه. وقد فتح هذا الاتهام الذى لم تتأكد صحته بعد بوابة لأسئلة طائفية جديدة على الإنترنت مثل: هل سيعزى شيخ الأزهر فى المتوفى المسلم الذى مات أثناء التحقيق كما فعل مع ضحايا حادثة الكنيسة؟ وهل ستصرف تعويضات لأسرته وأطفاله كما تم مع أسر الضحايا المسيحيين؟

حتى قداسة البابا شنودة الذى أجله وأحترمه وأحبه، وأعترف بفضله وحكمته فى معالجة كل حوادث الاحتقان الطائفى بمصر التى يعشقها حتى النخاع، قد أخذته نشوة الفرح بالإفراج عن المسيحيين المحبوسين على ذمة التحقيق فى قضية كنيسة العمرانية وعودتهم إلى أسرهم قبيل العيد، فشكر فى كلمته بقداس الميلاد قرار السلطة القضائية، على الرغم من أن هذه النوعية من القرارات لا يجوز التعقيب عليها بالمدح أو القدح من أى سلطة أخرى، بل يجب الامتثال لتنفيذها أو مراجعتها بالإجراءات القانونية المشروعة من استئناف ونقض وخلافه.

فمازلنا نحتاج إلى كثير من الجهد الصادق المخلص من الجميع لإقامة دولة مدنية جديرة بمصر صانعة الحضارة منذ فجر التاريخ.

التعليقات