هل أصبح العوا رئيسا للجمهورية؟ - أحمد مجاهد - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 7:42 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل أصبح العوا رئيسا للجمهورية؟

نشر فى : الإثنين 4 يوليه 2011 - 9:09 ص | آخر تحديث : الإثنين 4 يوليه 2011 - 9:09 ص

 انفردت جريدة «الشروق» فى صفحتها الأولى يوم الخميس الماضى 3/6/2011 بنشر خبر عن لقاء دعائى انتخابى للدكتور سليم العوا، صرح خلاله بأن «إسرائيل طلبت 5 مرات منذ قيام الثورة زيارة نتنياهو للقاهرة، إلا أن المجلس العسكرى لم يرد»، وبأن «المشير طنطاوى هو من رفض الاقتراض من الخارج لإكمال الموازنة العامة الجديدة، وقام بصرف مليار ونصف المليار دولار من ميزانية القوات المسلحة لاستكمال الموازنة، حتى لا تغرق الأجيال القادمة فى الديون»، وبأنه على الرغم من وعد قطر والسعودية مساعدة مصر بعدة مليارات من الدولارات، فإن «ما حدش منهم دفع مليم من اللى قال عليه».

وأمام أهمية هذه المعلومات الثلاث وخطورتها، وانفراد العوا بالإعلان عنها، نجد أنفسنا بالضرورة أمام متوالية من الأسئلة الجوهرية والمصيرية فى آن: من أين أتى العوا بهذه المعلومات السرية المتعلقة بالأمن القومى المصرى؟ وهل معرفته لهذه المعلومات بصفة شخصية تمنحه حق التصريح العلنى بها فى دعايته الانتخابية؟ وحتى إذا كان المجلس العسكرى لا يمانع فى نشر هذه المعلومات، فهل من اللائق أن يتم هذا النشر على لسان العوا الذى لا تربطه أى علاقة رسمية بالمجلس العسكرى أو بالحكومة المصرية؟

•••


أما المردود السياسى لنشر هذه المعلومات المهمة، فيمثل قضية لا تقل خطورة عن المعلومات نفسها. فعلى الرغم من تضامن القوى السياسية المصرية كلها بالتأكيد مع موقف المجلس العسكرى الرافض لمقابلة نتنياهو المتعنت تجاه كل مبادرات السلام التى تعترف بجزء من الحق الفلسطينى، وآخرها مبادرة الرئيس الأمريكى نفسه التى تعتمد على العودة لحدود ما قبل 1967، فإن قواعد اللعبة السياسية التى تتخذ مواقف وتصرح بغيرها فى سياق دبلوماسية العلاقات الدولية لا تقف فى صف الإعلان عن هذه المعلومة، لأن إسرائيل قد تستغلها فى مثل هذه الظروف المتوترة لإشاعة أكاذيب تضر بمصالحنا السياسية على المستوى العالمى، كأن تدعى مثلا نية مصر التملص من التزاماتها الدولية بعد الثورة ومنها إلغاء معاهدة السلام. كما أن هذا الإعلان قد يشجع أيضا بعض الشباب المتحمس على التظاهر أمام السفارة الإسرائيلية تأييدا لموقف المجلس العسكرى، مما قد يؤدى إلى اعتقال بعضهم ومحاكمتهم عسكريا مرة أخرى.

•••


أما معلومة رفض السيد المشير الاقتراض الخارجى لسد عجز الموازنة، فهى معلومة تستحق عظيم الامتنان له منا ومن الأجيال القادمة أيضا. لكن الإعلان عن تفاصيلها المتضمنة سد هذا العجز بواحد ونصف مليار دولار من ميزانية القوات المسلحة، هو إعلان غير قابل للنشر مطلقا لأنه يتعلق بأمن مصر القومى، وأعداؤنا على استعداد كامل لدفع ملايين الدولارات لوصول جواسيسهم إلى هذه المعلومة التى توضح خصم هذا المبلغ الضخم من ميزانية الإنفاق العسكرى المصرى فى العام القادم، وقد أهداها العوا لهم مجانا على طبق من فضة.

أما تصريح العوا بأن قطر والسعودية «ما حدش منهم دفع مليم من اللى قال عليه»، فهو تصريح غير لائق سياسيا بالمرة سواء تم الدفع بعد ذلك أو لم يتم مطلقا، لأنه يتسبب فى توتر العلاقة بين مصر وشقيقتيها العربيتين ويؤثر على مكانتها بالمنطقة، كما أن هذا التوتر السياسى قد يؤدى بدوره إلى مزيد من الخسائر الاقتصادية لمصر مستقبلا.

•••


وقد صرح العوا أيضا وفقا للمنشور فى هذا الخبر، عند سؤاله عن إمكان قبوله أن يكون نائبا لأحد المرشحين الآخرين للرئاسة فى حالة خسارته بأنه: «هناك شخصيات من المرشحين لا يستطيع أن يضع يده فى يدهم، وكان عندما يراهم يدير لهم ظهره».

وإذا كان من حق العوا ألا يتعاون مع رئيس جمهورية يختلف مع مبادئه وآرائه، فإنه ليس من اللائق أن يتكلم عن بعض منافسيه فى سباق الانتخابات الرئاسية بهذا الأسلوب، كما أن إشاحة الوجه أمر غير مقبول مطلقا من السياسى الذى يتحتم عليه أن يصافح ألد أعدائه فى كثير من المواقف.

•••


لقد أثبتت تصريحات العالم الجليل الذى أقدره الدكتور العوا أنه ليس لديه أى خبرة بالسياسة الخارجية ولا الداخلية أيضا. وإذا كانت العبارة التى وصفت السياق الذى أدلى فيه بحديثه هذا تقول إنه كان «خلال لقائه بمجموعة من المثقفين»، فإن ذلك قد يشى بأن العوا قد تعلم درسا سياسيا وحيدا خاصا من الرئيس السابق مبارك شخصيا، حيث اعتاد الأخير على الفضفضة غير الرسمية أحيانا فى لقائه بالمثقفين، ولكن قد فات العوا أمران: الأول أن هذه الأحاديث كانت سرية ولا يتجاسر أحد على نشرها أو الثرثرة بما ورد فيها.

والآخر أن مبارك كان رئيسا للجمهورية ولم يكن مجرد مرشحا محتملا للرئاسة.

التعليقات