حساسية ما قبل الانتخابات - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 9:10 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حساسية ما قبل الانتخابات

نشر فى : السبت 10 يوليه 2010 - 10:10 ص | آخر تحديث : السبت 10 يوليه 2010 - 10:11 ص
من المثير للسخرية أن تهتز أركان السلطة، ويسلط الحزب الحاكم مدفعيته الإعلامية الثقيلة لمجرد لقاء يتم بين الدكتور البرادعى والسفيرة الأمريكية وعدد من السفراء الأوروبيين، فتطلق المقالات وتصدر ملاحق المجلات والصحف تكيل اتهامات التعامل والتواطؤ، وتخلع على البرادعى وغيره من المعارضين السياسيين، أوصاف العمالة، والبحث عن الزعامة، وفتح الطريق أمام التدخل الأجنبى.

تكررت هذه المسرحية قبل ذلك عدة مرات دون نتيجة، مع أيمن نور وسعدالدين إبراهيم ومع أعضاء من الإخوان المسلمين. وها هى تتكرر بحذافيرها مع البرادعى. وقد رسم منها البعض صورة مثيرة ملطخة عن بداية مرحلة جديدة من التدخل الأمريكى الناعم، خصوصا بعد التصريحات التى أدلت بها هيلارى كلينتون عن تدهور حقوق الإنسان فى مصر، وقبل ذلك تصريح المتحدث من الخارجية الأمريكية عن ضرورة التحقيق فى ملابسات مقتل الشاب السكندرى خالد سعيد. علما بأن مثل هذه التصريحات ليست جديدة، وسبق فى مناسبات عديدة آخرها بعد انتخابات الشورى أن عبرت نفس الدوائر عن قلقها فى ظروف مشابهة.

والآن يقال إن التدخل بسبب موقف مصر من القضية الفلسطينية، وعزمها مع الدول العربية على إحالة القضية للأمم المتحدة، بعد أن ظهر من لقاء أوباما ونتنياهو أن الإدارة الأمريكية تسير فى حلقات مفرغة ترسمها لها إسرائيل وتضغط لأجل مباحثات مباشرة دون شروط.

والواقع أنه فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، لا يوجد خلاف كبير بين مصر وأمريكا. فمصر تستمع لأمريكا كما تستمع لنتنياهو وأقرانه. ومازالت السياسة المصرية تجاه فلسطين منذ أيام السادات تقوم على أساس توظيف النفوذ الأمريكى لدى إسرائيل، والنفوذ الإسرائيلى فى أمريكا، للعبور من النفق المظلم الذى انحشرت فيه القضية الفلسطينية وانحشر معها الشعب الفلسطينى فى سجن كبير ينقسم قسمين: أحدهما فى الضفة، والثانى فى غزة.

وأصبح جانب كبير من أوروبا ينظر إلى الفلسطينيين على أنهم إرهابيون. وحين سعت تركيا عن طريق قافلة الحرية إلى كسر الحصار عن غزة، شنت صحف الحكومة هجوما شديدا على تركيا، لأنها تدخلت فى قضية تخص مصر وحدها. ولم يخف بعض قصار النظر شماتتهم فى النزاع الذى نشب بين إسرائيل وتركيا.

تبدو هذه الحساسية الشديدة إزاء كل اتصال أو لقاء مع دبلوماسى أو سياسى غربى، وكأنها مشروع خيانة. وذلك نتيجة تراكمات عديدة لمشاعر عدم الثقة بالنفس فى دوائر الحزب الحاكم، والتهميش الدولى لمصر، وتوالى الانتقادات الموجهة من الخارج لسجل حقوق الإنسان ولمستوى الحريات والأساليب المتدنية فى ممارسة الديمقراطية وتزوير الانتخابات. مما جعل مصر دائما فى موقف الدفاع والتبرير.

وقد انعكس ذلك بصورة واضحة فى التعامل مع أحزاب المعارضة التى لم تحدد طريقها حتى الآن إزاء الانتخابات القادمة لمجلس الشعب. وقد استخدم الحزب الوطنى سياسة «فرق تسد»، بتقديم الحوافز لكل حزب على حدة عن طريق تعيين أعضاء التجمع والوفد والناصرى فى مجلس الشورى. وبناء على ذلك وافقت هذه الأحزاب على عدم مقاطعة انتخابات مجلس الشعب. بينما أعلن حزب الجبهة الديمقراطية مقاطعته. وأما الإخوان فقد أعلنوا استعدادهم لخوض الانتخابات بأى حال.

لا يوجد شك فى أن أمريكا والغرب عموما تبدى اهتماما قد يصل إلى حد القلق على مستقبل الحكم فى مصر. وهو أمر طبيعى أن يسعى مبعوثوها للتعرف على الرموز والقوى السياسية المؤثرة. وهذا لا يعنى أنها أكثر تفريطا فى مصالح الوطن من أعضاء الحزب الوطنى.
غير أن سياسة التسلط والمنع والتجسس واتهام المعارضين بالخيانة لن تؤدى إلا إلى وأد مناخ الحرية وضرب الديمقراطية فى مقتل!

 

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات