نتائج عاصفة الحزم - صحافة عالمية - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 6:29 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نتائج عاصفة الحزم

نشر فى : الثلاثاء 12 مايو 2015 - 9:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 12 مايو 2015 - 9:00 ص
نشر موقع المونيتور الإخبارى مقالا للكاتبة اليمنية، ميساء شجاع الدين، والمتخصصة فى دراسات الحضارات العربية والإسلامية، تحلل فيه الوضع الحالى على الساحة اليمنية بعد بدء عاصفة استعادة الأمل، متناولة موقفى كل من السعودية وإيران، وكذلك الفى الداخل اليمنى، مبينة أن جميع أطراف النزاع فى اليمن لم تحقق أهدافها على النحو المطلوب. وتبدأ شجاع الدين مقالها بأنه بمجرد إعلان السعودية انتهاء «عاصفة الحزم» فى 21 أبريل، تشاركت كل أطراف الحرب السعودية والحوثى وصالح فى إعلان النصر فى الحرب، التى لم يكسب فيها أحد، وكانت عبارة عن خسائر مشتركة. وكانت أعلنت السعودية فى 26 آذار أن أهداف «عاصفة الحزم» هى إعادة الحكومة الشرعية إلى اليمن ووقف التوسع الحوثى فى الجنوب تحديدا، وتقويض قوة صالح والحوثى، وتوضح أن الواقع يقول إن الحكومة لم تعد، والحوثى وصالح لايزالان فى حال توسع ويخوضان معارك عدة فى محافظات عدة مثل مأرب وتعز وعدن والضالع. ومن ناحيتها، أعلنت إيران فى 16 أبريل أن السعودية لم تنجح فى حين أن الحوثيين لم ينسحبوا ولم تعد الحكومة إلى اليمن.

وتشير الكاتبة إلى أنه عندما أعلنت السعودية نهاية «عاصفة الحزم»، فهى لم تكن قد أنهت تماما عملياتها العسكرية، لكن أطلقت عليها اسما جديدا، وهو «استعادة الأمل»، ولقد قيل إنها عمليات عسكرية بوتيرة منخفضة الحدة، قياسا بـ«عاصفة الحزم» مع ترك مساحة للتفاوض السياسى، متسائلة حول إمكانية اعتبارها أيضا سياسة خروج هادئة للدولة السعودية من مأزق حربها فى اليمن؟

وتبين الكاتبة أنه مع بداية الضربات فى 26 مارس، أعلنت السعودية تحالفها العشرى، وتحدث بعض محلليها وسياسييها عن احتمال كبير لتدخل برى، وكان حينها التصور المطروح هو سيناريو تدخل برى فى بعض المناطق مثل المدن الساحلية كعدن والحديدة، وربما التوغل قليلا نحو تعز لتأمين مساحة آمنة لعودة الحكومة المقيمة فى الرياض حسب كلام العسيرى المتحدث الرسمى باسم قوات التحالف وحسب تصريح مسئول يمنى. هذا تصور معقول لأنه يتفادى الدخول فى المناطق الزيدية بصنعاء وشمالها لأن الحوثى يحظى بدعم شعبى فى مناطق شمال صنعاء، حيث يسكن غالبية تلك المناطق زيود بينما ترفض بقية المناطق ذات الغالبية السنية وجود الحوثى لذا لن تجد قوات التحالف لو دخلت بريا صعوبة كبيرة فى هزيمة الحوثيين بها لأنهم لن يتلقوا أى دعم من المجتمعات المحلية فى تلك المناطق بعكس الشمال، بينما مناطق جنوب صنعاء فهى مناطق ــ تاريخيا ــ التدخل العسكرى الخارجى فيها هادئ لا مقاومة فيه. وتطرح الكتابة أحد الأمثلة حيث إن آخر تدخل عسكرى خارجى لليمن كان تدخل الجيش المصرى فى ستينيات القرن الماضى، وهو لم يواجه أى مقاومة فى تعز وغيرها من مدن غير زيدية، بينما غرق فى مستنقع القتال بصنعاء وشمالها.

وتوضح الكاتبة أنه تم الاستغناء عن سيناريو التدخل البرى بسبب رفض باكستان ومصر المشاركة واكتفت السعودية بالطيران، الذى لا يمكنه حسم المعركة، على الأقل ليس فى وقت وجيز. وبعد الاستهداف المكثف لمخازن الأسلحة وتعطيل الإمكانات الجوية بالكامل لميلشيات الحوثى وصالح فى الأسبوع الأول من العملية وتلاهما رفض باكستان ومصر، بدا واضحا أن العملية العسكرية السعودية بلا أفق، خصوصا مع تمدد الحوثى وصالح مستمر.
•••

وتكشف الكاتبة أن صالح والحوثى تعمدا، منذ اللحظة الأولى للعمليات، التمدد عسكريا فى مناطق عدة، حتى لا يتركا أى مساحة لعودة الحكومة المعترف بشرعيتها دوليا وكذلك، زادا من قبضتهما على المناطق التى سيطرا عليها أصلا، حيث ألقيا القبض فى ليلة واحدة على مئات من المعارضين، وكان حزب الإصلاح المستهدف الرئيسى، خصوصا أنه أكثر معارضة منظمة قد تواجههما.

وتعتقد الكاتبة أن الطبيعة النظامية لقوات صالح والحوثى ساعدتهم على تواصل قواتهم والتمدد بريا رغم القصف السعودى الكثيف، فالحوثى يمتلك ما يشبه الجيش بجنود مدربين لديهم رواتب شهرية ثابتة وقوات صالح هى من بقايا قوات الجيش النظامية فى مقابل قوات غير منظمة تواجههم، بعضها قوات قبلية وأخرى قوات إسلامية سنية مثل السلفيين والإخوان وربما عناصر من القاعدة إضافة لبعض الشباب من الأحزاب الناصرية والاشتراكية أو العاطلين عن العمل. هذه القوة غير المنظمة تتلقى دعما من السعودية بالأسلحة مما قلص من الفارق النوعى للأسلحة بين صالح والحوثى من جهة والقوات المقابلة لهم والتى يطلق عليها البعض اسم المقاومة الشعبية.
وترى الكاتبة أن عامل الوقت يضغط هنا على طرفى المعركة، فصالح والحوثى يستنزفهما الوقت لأنهما يخوضان معارك فى مناطق بعيدة عن مناطق إمدادهما البشرى واللوجيستى فى الشمال خصوصا، وقد تم قصف الطرق بين الشمال وبقية اليمن، ومخزون الأسلحة ينفذ بلا توريد جديد، خصوصا مع التدمير الواسع لما كانا يملكانه، وهما فى نهاية الأمر يحاربان فى مناطق لا يمتلكان فيها أى سند اجتماعى على عكس الطرف المواجه لهما.

وفى المقابل، فإن الطرف الآخر يستنزفه أيضا عامل الوقت، فهو قوة غير نظامية، وهذا يسهل من سرعة تعبها ويزيد من حال الفوضى فى صفوفها. وكلا الطرفين، وكذلك السعودية، يضغط عليهما العامل الإنسانى الطبيعى، فالسعودية تحاصر اليمن برا وبحرا وجوا لمنع وصول أى امدادات أسلحة للحوثى وصالح وكذلك منعت التحويلات البنكية مما يصعب تحويل أموال من الخارج للحوثى وصالح، وهذا يعنى حصار على اليمن بالكامل مما يسبب وضع انسانى صعب وبالتالى الضغط العالمى على السعودية كبير لتخفيف الحصار بسبب تدهور الوضع الانسانى باليمن.
•••

وتشير الكاتبة أيضا إلى إيران والتى ترى أنها لم تكسب من الحرب فى اليمن، فهى من جهة خسرت كل تحالفاتها فى اليمن القائمة على أسس غير طائفية، فمثلا شبكة التحالفات التى بنتها فى تعز والجنوب انهارت تماما، ولعل أهمها تحالفها فى الجنوب مع على سالم البيض، الذى أعلن تأييده لـ«عاصفة الحزم» وهذا تماشيا مع مزاج الشارع الجنوبى، حتى لو أغضب حليفته إيران. وهكذا، صارت إيران محصورة بحليف سيظل وجوده، مهما حاول التوسع، محدودا بمنطقة معينة فى اليمن.

وكذلك خسرت إيران ديبلوماسيا وسياسيا، فالسعودية نجحت فى استصدار قرار دولى يصب لصالح تدخلها العسكرى واستطاعت تحييد روسيا وإسقاط مشروعها، الذى كانت تسعى فيه إلى المساواة بين طرفى القتال ومنع تسليح كليهما. وكذلك، تغيير المبعوث الأممى جمال بن عمر وإقالته ليخلفه شخص مدعوم من دول الخليج الموريتانى إسماعيل ولد شيخ، يعنى فى ما يعنيه، اعترافا أمميا بتولى الخليج للملف اليمنى فى شكل مباشر، حيث كانت دول الخليج غير راضية عن بن عمر صاحب الجنسية البريطانية، وكان يحظى بتأييد السفارة البريطانية.

إن الدعم الدولى للسعودية سياسيا كان واسعا، إذ أوقفت بارجة حربية أمريكية سفينة إيرانية محملة بالأسلحة قرب السواحل اليمنية بينما لم تعد روسيا تعارض الضربات السعودية. وهذا يعنى أن العالم يعترف باليمن مساحة نفوذ خاصة للسعودية لا يحق لإيران التلاعب بها، خصوصا أن موقفها ضعيف، وهى تدعم ميلشيا لا سلطة دولة مثل سوريا، وهذه الميلشيا قامت بانقلاب بحسب تصريح الأمين العام للأمم المتحدة، كما أن العرض الإيرانى للتسوية فى الأزمة اليمنية لم يحظ باهتمام دولى. وبالطبع، رفضته السعودية، التى اشترطت انسحاب الحوثى وصالح أولا من المدن اليمنية بحسب البند الأول فى القرار الأممى.
•••

وفى الختام تؤكد الكاتبة أن نتيجة «عاصفة الحزم» حتى الآن خسارة جماعية، فالسعودية لم تفلح فى تحقيق هدفها عسكريا، وإيران فشلت سياسيا، بينما ضعف الجانب العسكرى لصالح والحوثى فى شكل لم يسمح لهما بالسيطرة المطلقة على الأرض. وأكبر الخاسرين، اليمن التى دخلت دوامة حرب أهلية، وشهدت دمارا واسعا، فبينما تبحث السعودية عن مخرج لمأزقها العسكرى فى اليمن وتضغط إيران لتوظيف الوضع سياسيا لصالحها يظل الوصول لتسوية سياسية أمر صعب باليمن جراء الانهيار الشامل للدولة والتصدع الاجتماعى الكبير بسبب الحرب الأهلية بالوكالة عن قوى إقليمية أخرى.
التعليقات