الديون تحرق المستقبل - محمد مكى - بوابة الشروق
الأربعاء 1 مايو 2024 12:21 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الديون تحرق المستقبل

نشر فى : السبت 13 مايو 2017 - 9:40 م | آخر تحديث : السبت 13 مايو 2017 - 9:40 م

من معلومات الموازنة العامة الجديدة التى سوف يعيش بها المواطن المصرى خلال العام الجديد بداية من أول يوليو القادم وحتى نهاية يونيو 2018، وقدمتها الحكومة للبرلمان الاسبوع الماضى، ان اجمالى فوائد القروض الداخلية والخارجية المطلوب سدادها 380 مليار جنيه مقابل 292 مليار جنيه السنة السابقة، يعنى زيادة تقترب من 100مليار جنيه فى عام واحد، يعنى الاجيال القادمة مستقبلها «زى الفل».. كفاية عليهم خدمة الدين المرشح للصعود فى ظل منافسة الوزارات والهيئات المختصة فى جلب مزيد من الديون، ووضعها فى إنجاز المسئول كمشروع للاستمرار، طالما أنه اقنع الخواجة أن يسلفنا بمدة أطول وسعر فائدة أقل.
دائما كان يفتخر مسئولو الحكومات المتعاقبة فى مصر وحتى 30 يونية وقت الاطاحة بالاخوان أن معدل الدين خاصة الخارجى فى الحدود الآمنة، حيث يقارن بالناتج الاجمالى فيصبح أقل من مستوى 15%، يعنى «احنا فى السليم»، وان اليونان التى كانت ضمن منطقة اليورو وأفلست رغم المساندة الأوروبية، احنا بعيدين عنها بمسافات، وحتى يا اخى تقارير التصنيف الائتمانى وشهادات بيوت الخبرة والابحاث التى كانت تعطى ايجابية الاقتصاد اليونانى قبل السقوط بأيام، نحن فى وضع مختلف عنها، ليصبح السؤال: ماذا تقول الحكومة الآن وفوائد الدين فقط 100 مليار ومرشحة للزيادة، فى حالة استمرار النهج وعدم وقف الاخت «متعودة دائما».
زيادة الدين الخارجى بأكثر من 40% والداخلى 30% فى أشهر، يقول إن هناك كارثة لابد من الوقوف امامها وعدم الاستسلام لها، خاصة فى ظل نقص متوقع فى الموارد التى تغير شكل الاقتصاد عندنا، فالسياحة متوقفة والاستثمار الاجنبى عرف سكة مصر فى ادوات الدين فقط، وحتى ايرادات قناة السويس متوقع تراجعها، يعنى مفيش حل إلا بيع الجنسية المصرية للحصول على موارد طازجة، الا لو كانت حوافز قانون الاستثمار الجديد تجعل المصرى المقتدر يستثمر امواله فى مصر ولا يذهب بها للمغرب او دبى او حتى سنغافورة.
الدولة التى عكفت على وضع برنامج إصلاح اقتصادى يشمل فرض ضريبة القيمة المضافة وتحرير سعر الصرف وخفض الدعم الموجه للكهرباء والمواد البترولية سعيا لإنعاش الاقتصاد وإعادته إلى مسار النمو وخفض واردات السلع غير الأساسية، تقول «استحملوا يا مصريين لسه امامنا سنة على الاقل وتظهر البشاير»، لكن ايرادات الضرائب متوقع صعودها خاصة وان معظمها من جيوب الموظفين، فالنمو المتوقع فى إيرادات الدولة يرجع أغلبه إلى ارتفاع الحصيلة الضريبية، فقانون الاستثمار الذى سهل من إجراءات الخروج من السوق لم يقل ان الاستثمار يزيد لسد العجز.
الرئيس السيسى قبل عدة أشهر حذر بشكل مباشر وقوى من استمرار الدين وخطورة زيادته لكن ما يحدث على أرض الواقع، يؤكد أن استمرار تلك الظاهرة، واستثمار تلك الديون فى تدبير المأكل والمشرب معناها البسيط «خلى القادم يسدد» وحرق لمستقبل شعب قبل اعوام استغل الاجنبى ذلك السيف فى تأميم اصول بلده لصالحه عشرات السنين، والحمد لله اننا ما زالنا قادرين على السداد.
الاحصائيات تقول إننا مطالبون خلال العام المالى الجديد بسداد نحو 20 مليار دولار، موزعة ما بين مستحقات دول عربية وأجنبية، ومستثمرين دوليين من حائزى السندات القصيرة الأجل التى تم طرحها مع ديون مستحقة كذلك لدول نادى باريس البالغ عددها 19 دولة. يجب الإشارة أن مصر ملتزمة طوال السنوات الطويلة الماضية بسداد المديونيات الخارجية المستحقة عليها فى مواعيدها المحددة، وأنها لم تتأخر فى يوم ما عن سداد الأقساط، وأن هذا الالتزام يحسب لمصر، وأظن أن الدولة ستكون حريصة على هذه الميزة، إذ إن عدم السداد سيفتح أبواب جهنم على البلاد.
مراحل الازمات الاقتصادية التى حدثت فى دول شرق آسيا وامريكا اللاتينية مع تزايد الديون، دفعت شعوب تلك الدول الفاتورة من تقشف وانكماش وقيود على حركة رأسمال وسياسة نقدية متشددة وإعادة هيكلة وخصخصة وفتحًا للأسواق، حدثت بعدها تحسن اقتصادى نرجو أن نكون ذاهبين فى ذلك الاتجاه.
من مشاهد الاسبوع المنصرم خناقة واعتراض خمس وزارات على النص النهائى لقانون الاستثمار المقدم للبرلمان بزعم أنه لم يعرض عليها ولم يحظ بموافقتها، وكنت أتمنى ان تكون هناك خناقة مماثلة لوقف فاتورة الدَين، الذى قيل عنه إنه «هم بالليل ومذلة بالنهار».

التعليقات