أصحاب القلم.. ما ضاقت إلا فرجت - محمد سعد عبدالحفيظ - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 9:24 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أصحاب القلم.. ما ضاقت إلا فرجت

نشر فى : السبت 14 مايو 2016 - 10:20 م | آخر تحديث : الخميس 4 مايو 2023 - 3:56 م
فى نوفمبر من العام الماضى، كتبت فى نفس الزاوية مقالا يقطر سوادا تحت عنوان «حالنا يصعب على الكافر»، كلمات المقال لخصت حالة اليأس التى يمر بها أبناء جيلى من العاملين فى بلاط صاحبة الجلالة.

ضيق المجال السياسى وهبوط سقف الحريات، والفقر «الدكر» الذى تفشى فى معظم المؤسسات الإعلامية، أصاب القابضين على جمر المهنة بالإحباط وظهرت على بعضهم اعراض «العدمية»، وهو ما دفعنى إلى أن أختم مقالى بـ«لا أرى أى شعاع نور فى نهاية النفق، الظلام يشتد، فالسقف خانق، ولقمة العيش مهددة».

كان سؤال «وبعدين.. الدنيا بتقفل هنعمل إيه؟!»، يتكرر يوميا فى صالات التحرير وغرف الأخبار والمقاهى التى تجمع الصحفيين، وكانت اجابتى العبثية: «نشوف شغلانة تانية.. نفتح كوفى شوب فى المهندسين، أو محل موبيلات فى فيصل، أو عربية بصارة ومسقعة فى الزمالك».

مرت 6 شهور، ولم يطفُ على السطح ما ينذر بأى انفراجة، السواد يشتد، السقف يهبط أكثر فأكثر، كراهية النظام لكل من يخرج عن الخط تزداد، لو يملك لأغلق كل المنافذ، «بلا صحافة بلا إعلام بلا قرف.. وبطلوا كلام سياسيين ومثقفين»، هواء غرف الأخبار أوشك على النفاد، ما اصاب الجميع بـ«كتمة صدر».

مع توقيع اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية وإعلان الحكومة فى بيان وزارى قرار تسليم «تيران وصنافير» إلى المملكة، ضربت علينا الذلة والمسكنة، الشعور بالمهانة و«قلة القيمة» اشعل الغضب، ودفع مرة أخرى «الورد اللى فتح فى جناين مصر» إلى النزول للشوارع، جلجل هتاف «عيش حرية.. الجزر دى مصرية» فى شارع عبدالخالق ثروت، فصدر قرار التأديب، واقتحمت قوات الأمن نقابة الصحفيين وألقت القبض على بدر والسقا.

أيقن أبناء المهنة أن الهدف هو إذلالهم وكسر شوكتهم وجعلهم عبرة لكل من تسول له نفسه الخروج على النص، فاستدعى مجلس النقابة اجتماعا لأعضاء فى الجمعية العمومية، ورغم حصار قوات الأمن و«المواطنين الشرفاء» لشارع عبدالخالق ثروت، حضر الآلاف، وكان المشهد لو تعلمون عظيم، فبهو النقابة وقاعاتها لم تسع الحضور.

حماس الشباب غلب على الاجتماع، ورد أبناء صاحبة الجلالة إهانة السلطة الصاع صاعين، وتولد من رحم الجمعية جيل جديد من النقابيين المهموين بمهنتهم وأزماتها، وهو أحد المكاسب المهمة التى خرجنا بها من تلك الجولة، وصنع الصحفيون نموذجا للتمرد وعدم الانسياق للسلطة.

المعركة تحولت مع الأيام إلى «مفرزة» كاشفة للوجوه.. القابضون على جمر الكرامة، اختاروا أن يكملوا طريقهم مرفوعى الرأس، والمخبرون وعساكر درك الصحافة حسموا أمرهم منذ البداية وانحازوا إلى ضابط الاتصال الذى يفتح لهم أبواب الرزق المغلقة فتأسست بهم جبهة «تفتيت المسار»، والمترددون من أصحاب المصالح نقضوا عهودهم وانقلبوا 180 درجة وطعنوا رفاقهم من الخلف، والمغلوبون على أمرهم انصاعوا لضغوط الأمن وحيدوا أنفسهم بدعوى المهنية والموضوعية.

لهؤلاء الذين تنكروا للمهنة، أو حاولوا تفتيت وحدة الصف الصحفي، أو أشهروا اللاءات في وجه نقابتهم ولمن نحى نحوهم ودرب سلكهم، «لكم ضروراتكم ولنا خيارتنا.. ليس لدينا ما نخاف عليه، لم يمسك علينا أحد ذلة، لا يوجد ما يلوون به ذراعنا، لا نخشى من الفضائح المسربة، نؤمن بأن فى النهاية لن يصح إلا الصحيح».

وإلى «الورد اللى فتح فى بهو النقابة»: لا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين، تمسكوا بحلمكم فلن يستطيع أحد مهما بلغت سطوته أن يكسركم، فمصر الثورة أعصى من أن يهضمها هؤلاء أو يعيدوها إلى الخلف.. بعد كل ضيق فرج.
التعليقات