مع گأس العالــم - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 1:35 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مع گأس العالــم

نشر فى : الإثنين 14 يونيو 2010 - 10:54 ص | آخر تحديث : الإثنين 14 يونيو 2010 - 10:54 ص

 لا أعرف أسماء النجوم من كبار اللاعبين العالميين فى كرة القدم وجنسياتهم. ولا تحفظ ذاكرتى تواريخ كأس العالم فى الكرة والدول التى فازت فيها كما تفعل نسبة كبيرة من أبناء الجيل الحالى. وعندما زارنى قبل أيام حفيدى الذى لم يتعد عمره بضع سنوات، كان موضوع الحديث بيننا عن دروجبا وأبوتريكة ورونالدينيو وأسماء أخرى لا أعرفها. وقال إن عندهم لاعبا مصريا مشهورا هو زيدان.. وأنه يراهن على فوز إسبانيا فى المونديال هذه المرة!!

وربما أكون قد أدركت حينئذ أننى من جيل يعيش فى عصر مختلف، ومزاج مختلف.. أصبحت الكرة فى هذا الجيل ظاهرة عالمية كونية. تحولت من التسلية والمتعة الفردية والجماعية التى كانت تملأ أوقات فراغنا ونحن صغار إلى عملية استثمارية كبرى.. للأموال والأفراد واللاعبين والأندية..

وأصبح العالم كله بفضل مباريات كأس العالم بمثابة ملعب كبير واحد. يضم كل الأجناس والألوان والثقافات. وتتشابك فيه السياسة مع الاقتصاد. البطولة مع التفوق. والانضباط مع الإبداع والمهارة. ويحقق التلاحم والتواصل بين الشعوب بقدر ما يثيره من خلافات وخصومات مثلما كان يحدث بين القبائل والجماعات.

أصبحت الرياضة ومباريات الكرة جزءا مهما من اهتمامات الحكام والسياسيين. وبعضهم يعوض عن نقص شعبيته بالإسراف فى تشجيع فريق أو لاعب إلى الدرجة التى قد تأتى بنتائج عكسية كما حدث فى مباراة مصر والجزائر.

ولكن التساؤلات التى تطرحها هذه المباريات عن الأموال والميزانيات التى تنفق على الدعاية والتسويق لأهداف تجارية، تستفيد بها الأجهزة الإدارية والاتحادات التى تحقق فى بعض الحالات عوائد ضخمة. ترتب عليها ظهور طبقة جديدة من أثرياء لاعبى الكرة ومليونيراتها والاستثمارات الضخمة فيها.

غير أن الأرقام التى يذكرها المتخصصون عما تحققه عوائد بيع المباريات التى يحتكرها الاتحاد الدولى لكرة القدم للقنوات التليفزيونية، لا تذهب كما يقال لمساعدة الفقراء وسكان مدن الصفيح الذين يمثلون أغلبية الدول الأفريقية، التى أصبح التفوق والتقدم بالنسبة لها هو الفوز فى كرة القدم.

ومع ذلك فقد بدأت الفيفا حملة هذا العام لاستثمار عائد الحفل الغنائى الكبير لافتتاح مباريات المونديال فى الإنفاق على عدد من مراكز تعليم الكرة فى جنوب أفريقيا ونشر التعليم بصفة عامة فى الأحياء الفقيرة.

معظم دول العالم المتقدم تهتم مدارسها بالتربية الرياضية. وتخصص فترة بعد الظهر للمباريات الرياضية حتى لا تصبح الرياضة مجرد عملية تجارية تسويقية بل تراعى فيها غرس القيم الأخلاقية السامية والروح الرياضية التى تتقبل النصر والهزيمة!

أما فى مصر فإن مباريات المونديال قد لا تمثل غير تعطيل للمصالح العامة والجلوس على المقاهى ساعات طوال.. ولا يركز المعلقون الرياضيون فى عشرات البرامج إلا على انتزاع الحماس والتصفيق لهذا اللاعب أو ذاك، دون استخلاص العبر الرياضية من قلب اللعبة.

وقد كانت هذه السطحية هى السبب الأساسى فى صفر المونديال حين تنافست مصر على استضافته مع جنوب أفريقيا والمغرب سنة 2004. فحصلت جنوب أفريقيا على 14 نقطة والمغرب على 10 نقاط ومصر على لا شىء. ومن أسف أننا لم نتعلم شيئا من التجربة المحزنة مع الجزائر.. فأخفينا الحقائق وأغمضنا عيوننا عن الإدانة الصريحة التى أصدرها الاتحاد الدولى ضد مصر والغرامة التى فرضها. ولم يتحرك أحد لإقالة المسئول عن هذه الفضيحة. فكم ذا بمصر من المضحكات.. وقد كان القدر بنا رحيما حين حصلنا على صفر المونديال. وإلا قل لى بربك: كيف كنا سنستقبل عشرات الألوف من اللاعبين والمشجعين والفرق الرياضية، وسط زحام القاهرة وأزمة البوتاجاز والتموين وانقطاع الماء.. لقد ستر الصفر عيوبنا. وأعطانا فرصة للفرجة والتأمل والاعتذار!!

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات