خالص العزاء لشركاء الوطن الكفار - حسام السكرى - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 4:33 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

خالص العزاء لشركاء الوطن الكفار

نشر فى : السبت 14 أكتوبر 2017 - 11:05 م | آخر تحديث : السبت 14 أكتوبر 2017 - 11:05 م
سيقولون لك إن الإسلام دين الناس جميعا، وإن الله خلقنا جميعا مسلمين. سيؤكدون لك أن نبى الله آدم مسلم كباقى الأنبياء، وأن المسلم من سلم الناس من لسانه ويده.. فقط.
ولكنك ستسمع أيضا أن المسيحى كافر واليهودى كافر وكل من لم يشهد "ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله" كافر. بل وسيؤكدون لك أن المسلمين ليسوا بالضرورة مسلمين. فالشيعة والمتصوفة وغيرهم من الفرق كفار.
نحن فى أغلب الأحيان لسنا أمام خطابين مختلفين لفصيلين من دعاة المسلمين. إنما هو خطاب واحد يخرج من نفس المصادر. يتأرجح بين اللين والشدة، وينتقى مفرداته ومفاهيمه حسب الموقف والمناسبة. خطاب لا تحكمه فلسفة تحدد موقفه من العالم ومن يعيشون معنا فيه، بقدر ما تحكمه مناسبة السياق ورغبة أصحابه فى أن يحسبوا ضمن الوسطيين المعتدلين تارة، أو فى أن يحتفظوا بين صفوف أتباعهم بجحافل المتطرفين الإقصائيين التكفيريين تارة أخرى.
من يتبنون هذا الخطاب المتسامح اللين الرقيق لا يصعب عليهم تكفير نصر حامد أبو زيد أو فرج فودة أو نجيب محفوظ أو طه حسين. فلديهم القدر الكافى من «المهارة الفقهية» التى تمكنهم من استخدام ترسانة النصوص لإخراج من يريدون من الملة بنفس منهج التداعى المنطقى الساذج الذى يستخدمه القائمون على موقع «حقائق علمية إسلامية» فى تكفير الناس لأتفه الأمور. طبقا لما نشروه فى حسابهم الذى يتبعه عشرات الآلاف على تويتر فإن من يرتدى بنطلونا تصل ساقاه إلى ما بعد الكعبين «هو كافر مرتد عن الإسلام مخلد أبدا فى النار».؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ (bit.ly/kaab)
منطق الاستدلال بسيط: الرسول حض على تقصير الثوب، من لا يقصر الثوب يعصى الرسول، ومن يعصى الرسول يعصى الله، ومن يعصى الله كافر. سهلة ويمكن تطبيقها على أى إنسان فى أى مناسبة!
هذه الشراسة المفرطة فى التكفير لأتفه الأسباب سيقابلها لين مدهش مع السفاحين والقتلة «المؤمنين» الذين يذبحون ضحاياهم من الأبرياء المخالفين فى العقيدة، بداية من داعش وحتى قاتل القس سمعان شحاتة فى المرج. بحسب أئمة السماحة والوسطية هؤلاء مسلمون أكثر ممن يطيل بنطاله أو من أى مفكر يختلفون معه. إجرامهم وسفكهم للدماء لا يجعلهم أكثر من مسلمين عصاة «جانبهم الصواب».
الأقوال المنسوبة لأحمد السنباطى المتهم بقتل القس سمعان لا تثير الدهشة. إذ نسب إليه قوله فى التحقيقات إنه لم يخطط لقتل القس. لقد «فوجئ به يسير فى الشارع»، فوصله «هاجس» بقتله لأنه «لا يحب المسيحيين ويريد التخلص من الكفار» طبقا لما جاء فى الخبر.
البعض يقول إن السنباطى ملتاث عقليا ويستنكرون أن تكون دوافع الحادث دينية. ولكنهم لا يفسرون لنا لماذا يقرر ملتاث قتل كاهن مسيحى على وجه التحديد؟ لماذا لم يهاجم أيا من العابرين أمامه فى الطريق؟ وحتى لو كان ملتاثا، من يا ترى الذى حثه على كراهية الأقباط لتصل كراهيته إلى الرغبة فى القتل؟
يتجاهل «أئمة السماحة» دورهم فى شحن السنباطى وغيره بجرعات كراهية المخالفين فى العقيدة وبالحث على عدم ودهم والنهى عن مخالطتهم وتأثيم الترحم على موتاهم والحض على بغضهم وبغض عبادتهم.
يتجنبون نصوصا واضحة فى القرآن والسنة تدعو للتسامح وتطلق حرية العقيدة (لكم دينكم ولى دين)، لصالح نصوص أخرى ينزعونها من سياقها لنشر الكراهية. ولو اتهمتهم بالتحريض سينكرون اتهامك بقولهم إنهم لم يطلبوا صراحة ضغط الزناد أو إغماد السكين. «ندعو فقط إلى الكراهية»!
تدهشنى تصريحات الاستنكار المقولبة التى تصدر عن المؤسسة الدينية بعد كل حادث طائفى لتصفه بأنه «بعيد عن روح الدين» أو بأنه «حادث بشع تنكره كل الشرائع».
ربما كانت الأمانة تقتضى صياغة استنكارهم بطريق أكثر اتساقا مع دعاواهم وتعاليمهم:
«ندين قتل القس الآثم الكافر المشرك بالله الذى سيدخل نار جهنم خالدا فيها أبدا لقيامه بترويج عقيدة الثالوث الكفرية. خالص العزاء لشركائنا فى الوطن من الكفار المشركين».

 

التعليقات