التأثير الاقتصادى لنتائج الانتخابات الأمريكية - محمد الهوارى - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 11:35 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

التأثير الاقتصادى لنتائج الانتخابات الأمريكية

نشر فى : السبت 14 نوفمبر 2020 - 8:00 م | آخر تحديث : السبت 14 نوفمبر 2020 - 8:00 م

فى الثامن والعشرين من يونيو الماضى نشرت جريدة الشروق مقالا لى توقعت فيه تحقق نتائج استطلاعات الرأى الأولية التى توقعت هزيمة ترامب فى انتخابات الرئاسة الأمريكية. ورغم ميل تلك التوقعات لفوز أكبر للديمقراطيين وهو ما لم يتحقق فإن هزيمة الجمهوريين كانت بالتأكيد أكبر مما كانوا يتمنون وذلك يثبت أن الشعب الأمريكى يرى أن هناك فشلا ذريعا فى إدارة الولايات المتحدة خلال الأعوام القليلة السابقة. حتى وقت كتابة هذا المقال، يبدو أن بايدن قد فاز بالرئاسة بأكثر من ٣٠٠ صوت انتخابى، وكذلك حافظ الديمقراطيون على سيطرتهم على مجلس النواب وإن كانت الأغلبية التى حققوها أقل من ذى قبل وفازوا أيضا بمقاعد أكثر فى مجلس الشيوخ مع احتمال فوزهم بأغلبية ضئيلة فى انتخابات الإعادة على بعض المقاعد فى يناير القادم.
أتوقع أيضا وأنا أكتب هذا المقال بعد أيام قليلة من الانتخابات أن ترامب لن يرحل بسهولة ولكن أيضا أن الحزب الجمهورى لن يسانده فى حربه ضد طواحين الهواء محاولا التشبث بالبيت الأبيض. المؤكد أن تنصيب جو بايدن رئيسا سيحدث كما هو معتاد فى ٢٠ يناير ٢٠٢١ بدون تأخير وبأى ثمن حتى لو اضطر الحزب الجمهورى أن ينقلب على ترامب. أيا كان، بعيدا عن السياسة، ما يهمنا هو التأثير الاقتصادى لنتائج الانتخابات. من وجهة نظرى تنقسم نتائج الانتخابات إلى شقين رئيسيين من حيث التأثير الاقتصادى على أمريكا والعالم:
١ــ نجاح بايدن معناه أن نوعية المواجهات الأمريكية ومحاورها ستتغير: كانت الدبلوماسية من أهم إنجازات إدارة أوباما. اتفاق السلام مع إيران والذى ألغاه ترامب ومن الوارد أن يعود بايدن لهذا الاتفاق أو ما شابهه؛ خاصة وأن حلفائه الأوروبيين يريدون عودته لأسباب كثيرة. بالنسبة لأوروبا فإن ترامب وضعها فى موقف تأهب مستمر ونتوقع أن تعيد إدارة بايدن بناء جسور التواصل مع أوروبا بل وتشكيل تحالف تحتاجه الدبلوماسية الغربية لمواجهة التنين الصينى القادم بقوة. وتتبقى مواجهة الصين كمواجهة مستمرة وحقيقية وإن كانت ستتغير طبيعتها تحت رئاسة بايدن الجنتلمان الهادئ عن الزئبقى ترامب ونتوقع أن نرى محاور جديدة للمواجهة حيث ستتحول لمواجهة سياسية متكاملة بدلا من تعامل ترامب معها كمواجهة تجارية بحتة. كل هذه التغييرات سيكون لها تأثيرات على الأسواق وأسعار السلع الهامة مثل النفط والغاز والسلع الزراعية التى تم ذكرها اسما فى اتفاق ترامب التجارى مع الصين وكذلك زيادة المخاطر على شركات التكنولوجيا من الجانبين من حيث غلق الأسواق وتغيير سلاسل القيمة وكذلك أتوقع وجود تأثير على أسعار العملات العالمية التى ستزيد تقلباتها.
٢ــ نجاح الديمقراطيين بأغلبية ضئيلة أو بحكومة منقسمة إذا خسروا مجلس الشيوخ معناه أن قدرتهم على تغيير القوانين التى تؤثر على الميزانية ستصبح متوقفة على الجمهوريين أو على توافق الحزب بجميع توجهاته على القوانين وهو أمر ليس سهلا. ما هى القوانين التى تؤثر على الميزانية؟ هى قوانين الضرائب بجميع أنواعها وقوانين حزم التحفيز الاقتصادى والتى كان ينتوى الديمقراطيون تطبيق العديد منها مع تركيز على الطاقة الجديدة والمتجددة وعلى الصحة. أما الآن، يبدو أن هذه الحزم والأولويات ستكون فى أفضل الأحوال أصعب فى التنفيذ وفى كل الأحوال أصغر حجما مما كانوا يأملون. مرة أخرى هذه التغييرات لها معانٍ متعددة، مثلا أن الاقتصاد الأمريكى الذى يحتاج لإنعاش أكثر للخروج من تأثير فيروس الكورونا سيتعين عليه انتظار المزيد من البنك الفيدرالى لتعويض غياب حزم تحفيز كبيرة من الحكومة. طبيعة حزم الحكومة مختلفة عن الفيدرالى وتأثيرهم مختلف. الفيدرالى يستطيع فقط أن يعطى تمويل مؤقت (ديون) يتم ردها لخزينته بعد فترة. الحكومة تستطيع أن تعطى منحا لا ترد وهى مهمة لمساندة الفئات الأكثر تضررا فى المجتمع.
رغم فخامة منصب الرئاسة الأمريكية فأنا لا أحسد الرئيس المنتخب بايدن على الفوز. يبدو بايدن وكأنه وصل فى لحظة فارقة وتاريخية بل ومستحيلة فى التاريخ الأمريكى. هى لحظة تبدو وكأنها بداية أفول نجم هذه الامبراطورية لصالح التنين الصينى القادم. يزيد على ذلك حكم شعب منقسم تماما فى المنتصف وهو ليس منقسما حول يسار ويمين الوسط كعادة السياسة الأمريكية التى عرفناها، بل هو منقسم بين أقصى اليمين وأقصى اليسار وإن كان ذكاء الديمقراطيين أنهم رشحوا بايدن وهو الأقرب للوسط وذلك لمقاومة حالة الانقسام الموجودة فى أمريكا واستقطاب أصوات الجمهوريين الأقرب للوسط مع ضمان أصوات الديمقراطيين بمختلف ميولهم. ساعدهم فى ذلك مساندة زعيم اليسار فى الحزب بيرنى ساندرز. والسؤال هو: هل يستطيع بايدن إيقاف تدهور التفوق الأمريكى ووضع الولايات المتحدة على مسار تصاعدى من جديد أم أنه سيكون عاملا محفزا لسرعة الهبوط الأمريكى والصعود الصينى؟ الرد على هذا السؤال له تبعات اقتصادية عميقة وأهمها على الاطلاق هو إمكانية نهاية النظام العالمى أحادى القطب وخلق نظام جديد مماثل للحرب الباردة. وقت الحرب الباردة كان العالم يتأرجح بين قطب شيوعى ممثل فى الاتحاد السوفيتى وقطب رأسمالى ممثل فى الولايات المتحدة ونرى العالم الآن يتجه إلى التأرجح بين قطب رأسمالى يحاول تطبيق بعض المبادئ الاشتراكية وهو الولايات المتحدة ونظام جديد وهو رأسمالية الدولة State Capitalism الذى تطبقه الصين والذى بدأت العديد من الدول فى تطبيقه.

مدير صناديق استثمار دولية

 

محمد الهوارى مدير صناديق استثمار دولية
التعليقات