تقسيم أوكرانيا - سامح فوزي - بوابة الشروق
الإثنين 2 ديسمبر 2024 7:31 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تقسيم أوكرانيا

نشر فى : الثلاثاء 15 مارس 2022 - 7:45 م | آخر تحديث : الثلاثاء 15 مارس 2022 - 7:45 م

 

أشار تحقيق منشور فى عدد صحيفة فاينانشال تايمز منذ أيام إلى دول البلطيق الثلاث، لاتفيا واستونيا وليتوانيا، وألمح إلى برلين، المدينة التى شهدت التقسيم لعقود بين المعسكرين الغربى والشرقى. فما دلالة ذلك فى الحرب الدائرة الآن فى أوكرانيا؟ أظن أن فى ذلك إشارة خفية إلى استدعاء سيناريو التقسيم حلا لأزمة اوكرانيا.
الإشارة إلى دول البلطيق جاءت فى تصريح للرئيس الاوكرانى الذى ذكر أن الدور سوف يأتى على دول البلطيق بعد ان تلتهم روسيا اوكرانيا. الفارق بين الحالتين واضح. اوكرانيا لم تدخل حلف شمال الاطلنطى، ولا الاتحاد الاوروبى، ولكن دول البلطيق الثلاث أعضاء فى حلف شمال الاطلنطى، دخلت فى وقت لم تكن روسيا قادرة على منع ذلك، وبالتالى فإن أى اعتداء على أى منها سوف يستدعى تدخلا عسكريا مباشرا من حلف الناتو، الأمر الذى قد يؤدى إلى حرب واسعة النطاق. من هنا تشعر دول البلطيق بالأمان ربما أكثر من أى وقت مضى فى تاريخ علاقاتها بالكيان الروسى أيا كان اسمه، ولكن القضية معقدة، لأن فى هذه الدول نفوذا ثقافيا روسيا واسع المدى، وهناك حزب فى أحدها له ارتباط وجدانى بروسيا يحصل على مراكز متقدمة فى الانتخابات.
من ناحية أخرى فإن استدعاء برلين دلالة على أن هناك تفكيرا صامتا فى سيناريو تقسيم اوكرانيا بعد ان عصف الغزو الروسى بسيناريو سابق هو حياد أوكرانيا. الحياة فى المدن المقسمة ليست سهلا. النفوذ الروسى فى الجزء الشرقى واسع المدى، أما غرب اوكرانيا فهو يرتبط اكثر بالغرب. نفس المشهد فى برلين سابقا. فقد احتل الحلفاء ألمانيا، وصارت برلين شطرين: شرقى محتل من روسيا، وخلفه ألمانيا الشرقية، وغربى تحت نفوذ الحلفاء الذين استقروا فى ألمانيا الغربية. الحياة فى برلين المقسمة كانت صعبة. الناس كانت تهرب من ألمانيا الشرقية إلى الغربية، فاتجهت السلطات الألمانية الشرقية لبناء سور برلين، وظل هناك اتفاق بين الحلفاء على مرور الدبلوماسيين والعسكريين على الجانبين. وفى إحدى المرات، وبالتحديد فى ٢٢ أكتوبر ١٩٦١، كان هناك دبلوماسى أمريكى يود العبور إلى الشطر الشرقى من برلين لمشاهدة عرض فى الأوبرا فاعترضته سلطات ألمانيا الشرقية راغبة فى رؤية أوراقه، ولكنه رفض على خلفية أن المنوط بذلك هى السلطات السوفيتية. تدهور الوضع سريعا، وجاءت الدبابات الأمريكية فى مواجهة الدبابات السوفيتية عند نقطة عبور شارلى، وكان الوضع ينذر بمواجهة شاملة، لم ينزع فتيلها سوى اتصال بين الرئيسين الأمريكى والسوفيتى كيندى وخرشوف.
الحياة فى مدينة مقسمة صعبة، ولاسيما فى ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة، والترابط بين السكان، واستمرار المواجهة على أصعدة مختلفة.
أوكرانيا لا يجب أن تصير مثل ألمانيا فى الحرب الباردة، ولا ان تصير محتلة تحكمها حكومة فى المنفى، كما يتردد كأحد السيناريوهات. هذه الأشكال من الإدارة والحكم عفا عليها الزمن، وهى موضة قديمة، لم تعد تصلح فى عالم وحد الاقتصاد والرياضة والانترنت والاوبئة بين ارجائه.

سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات