ولا يهمنا.. معانا ربنا - أميمة كمال - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 11:19 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ولا يهمنا.. معانا ربنا

نشر فى : الإثنين 15 نوفمبر 2010 - 11:34 ص | آخر تحديث : الإثنين 15 نوفمبر 2010 - 11:34 ص

 حتى أيام قليلة لم أكن آخذ موضوع الانتخابات، التى نحن على أبوابها، مأخذ الجد. وكانت تصيبنى أرتيكاريا كلما قال أحدهم فى وسائل الإعلام المختلفة إن تنفيذ البرنامج الانتخابى للحزب الوطنى فى الدورة السابقة قد فاق نسبة 100%.

ولكن بعد أن وجدت أن الانتخابات أصبحت مادة دسمة للنميمة وللحكايات المثيرة للخيال، اكتشفت أننى قد أضيع فرصة لا تعوض، إذا ما أهملت هذه الانتخابات واعتبرتها موضوعا غير ذى بال. وقررت أن ابدأ بداية جادة، ووجدت أنه باعتبار أن الحزب الوطنى مازال مصمما على أنه حزب الأغلبية، فلم لا ابدأ من البرنامج الانتخابى له؟

توكلت على الله وبدأت. «الحزب الوطنى فخور بالتغيير الحقيقى الذى شهدته جميع أوجه الحياة. ومنها ما وفره من حياة سياسية تستند إلى حرية إعلامية تكفل التعبير عن الرأى». قلت فى نفسى ابتدينا. «فخر» و«يشعر». أى فخر هذا؟ وعن أى شعور يتحدث أهل الحزب؟.

إذا كان فى نفس الصفحة على موقع الحزب كلام كثير عن محاكم تفتيش تعقدها ما سميت «بلجنة متابعة ورصد الدعاية الإعلامية للانتخابات» التى تنتقد أداء برامج بعينها مثل برنامج (90 دقيقة). الذى استضاف د. أسامة الغزالى حرب رئيس حزب الجبهة وقد اتهمته اللجنة بأنه يشكك فى جدوى الانتخابات. واعتبرت ذلك مخالفا للمعايير المهنية والأخلاقية للتغطية الإعلامية.

ليس هذا فقط، ولكن لجنة التفتيش، عفوا المتابعة، وجهت نقدا إلى تناول الإعلامية منى الشاذلى فى برنامج العاشرة مساء ما سمته شأنا داخليا بالحزب الوطنى دون دعوة أحد من الحزب ليمثل وجهة نظره. ولا أعرف كيف واتت اللجنة الشجاعة كى تكتب فى تقريرها «التأكيد على إتاحة فرص متوازنة لجميع الأصوات».

والله العظيم ده حصل. هناك فى مصر من يتجرأ، ويستطيع أن يكتب «التأكيد على فرص متوازنة لجميع الأصوات» ويكون قاصدا من ذلك الحديث الحزب الوطنى الحاكم بأمره. يتجرأ على ذلك فى نفس الوقت الذى لم يسمح فيه التليفزيون المصرى بإذاعة أى دعاية انتخابية لأى من الأحزاب، حتى ولو مدفوعة الأجر، إلا بعد أن أصدر القضاء أمرا بذلك.

وربما أيضا خرج تقرير اللجنة إياها فى نفس اليوم الذى خرجت فيه كل الصحف الحكومية عن بكرة أبيها وأمها أيضا، وقد تصدرت صفحاتها صور جميع السادة الوزراء المرشحين عن الحزب الوطنى. والاسم الثلاثى لبقية مرشحى الحزب. دون أن يكلف أحد من كتبة برنامج الحزب نفسه بتقديم تفسير لماذا لم يغضب الحزب على مخالفة برنامجه الذى يفخر به.


ويا ليت الموضوع توقف عند حد التعاطف من جانب اللجنة. ولكن استتبع ذلك أن وزير الإعلام أحال المخالفات إلى المنطقة الحرة الإعلامية مع التشديد على محاسبة المسئولين. وقبل أن أصاب بسكتة دماغية، قلت لنفسى لماذا لا أتغاضى عن الجانب السياسى من البرنامج الانتخابى، وتوقفت عن قراءة المزيد منه، وقلت ندخل على الجانب الاقتصادى. لعله خير.

أول القصيدة (.....). يقول البرنامج الذى يصفه معدوه بأنه شديد الواقعية أنه يستهدف توفير 4 ملايين فرصة عمل خلال السنوات الخمس المقبلة. ليس هذا فقط ولكن من فرط واقعيته يؤكد الحزب تحقيق الحماية أيضا للعاطلين عن العمل.

كنت أقرأ هذا البرنامج (الشديد الواقعية) وأنا أشاهد برنامجا تليفزيونيا يعرض مشاكل 32 ألف موظف فى مركز المعلومات بوزارة التنمية الإدارية.

وهم يشرحون كيف أنهم يختصمون قضائيا رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ومجموعة وزراء بسبب ما سموه فى دعواهم ظروف (العمل الأسود) التى يعيشونها. ويقولون كيف أنهم استخدموا للتهليل لبرنامج الرئيس الانتخابى. وإنهم تحولوا لمجرد أرقام يثبت بها الحزب أنه ينفذ البرنامج. وأنهم لايزالون يتقاضون 99 جنيها دون أى زيادة لمدة 5 سنوات. وإنهم يعملون دون عقود أو حتى تأمين اجتماعى أو صحى.

أغلقت التليفزيون حتى لا أتأثر بهؤلاء الناس الذين كرهت صمودهم على الباطل طوال كل هذه السنوات دون أن يخرجوا شاهرين (....) أقصد حناجرهم إلا هذا العام. ضغطت على أعصابى حتى أكمل رسالتى التى عاهدت نفسى عليها، وهى أن أحتمل استكمال برنامج الحزب حتى نهايته مهما كانت المنغصات. فهل هناك منغصات أكثر من أن يلطعك أحد على قفاك، ومع ذلك تواصل الإنصات له.

قلت وهل هذا أول قفا؟ أو حتى سيكون الأخير؟ لعل الحزب بالفعل لم يستطع أن يوفر فرص عمل حقيقية للناس، ولكن ربما يكون قادرا فى نفس الوقت على حماية العاطلين عن العمل. خاصة أن عددهم ليس كبيرا للدرجة المزعجة فقد وصل فى آخر تقدير لجهاز الإحصاء إلى 2.3 مليون متعطل فقط. فإذا كان الحزب قد طاوعه قلبه أن يعطى موظفا فى الدولة 90 جنيها ويضعه فى خانة المشتغلين، فلن يكون عبئا كبيرا أن يعطى للمتعطل 25 جنيها ويخرج علينا فى الانتخابات المقبلة ليقول إنه حامى حمى المتعطلين.

وقبل أن أغلق موقع الحزب غير آسفة لمحت كلاما خاصا بتحسين جودة الحياة فتذكرت هؤلاء المعذبين الذين لا يرغبون فى قضاء العيد فى الساحل الشمالى أو الغردقة وشرم الشيخ، ولكن كل أملهم أن يروا أهلهم فى الصعيد. إلا أن المسئول بهيئة السكة الحديد أعلنهم بأنه يتعذر ذلك لأن طاقة القطارات لا تستطيع إلا استيعاب مليون راكب فقط فى اليوم. فقلت ربما كان الحزب يقصد فى برنامجه جودة الحياة الآخرة.

حمدت الله كثيرا على أن الكمبيوتر «هنج» قبل أن أقرأ الجزء الخاص «بمكافحة الفساد، والتعدى على المال، والتصدى لسوء استغلال السلطة، وضمان المساواة بين المواطنين وعدم التمييز بينهم فى الحصول على الخدمات والوظائف.

خاصة أن مشاهد توزيع خرطوشة السجاير من الشركة الشرقية للدخان (قطاع أعمال عام) للعمال الذين حضروا المؤتمر الانتخابى للوزير د. مفيد شهاب كانت تلح على ذهنى. وكذلك وعود د. يوسف بطرس غالى وزير المالية لأهل دائرته بشبرا بتعيين بعض أنصاره، فى وظائف فى زمن عز فيه التوظيف، كادت تدفعنى لتكسير الكمبيوتر.

وقلت معتصمة بالله كما يقول المعتصمون فى شركة بتروتريد (ولا يهمنا معانا ربنا).

أميمة كمال كاتبة صحفية
التعليقات