جزار دمشق - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الأربعاء 8 مايو 2024 10:09 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

جزار دمشق

نشر فى : الإثنين 16 يناير 2012 - 9:15 ص | آخر تحديث : الإثنين 16 يناير 2012 - 9:15 ص

من الواضح أن جهود الجامعة العربية لوضع حد لمذابح النظام السورى ضد شعبه قد باءت بالفشل، بسبب عجز النظام عن استيعاب مطالب السوريين بالتغيير. وفى اليوم الذى ألقى بشار الأسد خطابه الأخير احتفالا بالجيش فى عيد تأسيسه، كرر نفس الحجج والادعاءات التى بررت سفك الدماء. ولم تبد أى علامة على تراجعه عن عمليات القمع الدموية ضد المعارضة، والتى بدأت منذ عشرة أشهر. فعاد يؤكد أن هناك مؤامرة كبيرة على سوريا من دول قريبة وبعيدة. ولم تسفر وعوده التى بذلها لإنهاء العنف، وسحب قوات الجيش من المناطق السكنية وإجراء حوار مع المعارضة، كما سبق أن وعد فى لقائه بنبيل العربى، ليسمح لفريق المراقبة الذى بعثت به الجامعة العربية بمراقبة الموقف. بل على العكس زاد عدد القتلى خلال أسبوعين ليصل عددهم إلى ما يزيد على 400 قتيل من المدنيين. إضافة إلى خمسة آلاف سقطوا قبل ذلك طبقا لإحصائيات الأمم المتحدة.

 

لقد ظل الأسد يتحدث عن برامج إصلاحية طوال الشهور الماضية، دون أن يصنع شيئا. وظلت المعارضة أبعد من أن تصدقه. وحين اتفق الأمين العام للجامعة العربية على إرسال فريق من المراقبين لمتابعة تقدم الأوضاع فى سوريا على أرض الواقع، اتضح أن شيئا لم يحدث. وبدأ عدد من فريق المراقبة ينسحب من سوريا، ويرفض التعامل مع النظام، يأسا من حدوث أى تقدم، بعد أن عاين فظاعة عمليات القتل ضد النساء والأطفال. وانقلبت المعارضة السورية ضد المراقبين وضد الجامعة العربية. فاتهمتها بأنها لم تكن غير أداة للتغطية على مذابح جزار دمشق!

 

كثير من المراقبين العرب يتساءلون عن مصدر قوة نظام بشار الأسد؟ ولماذا لم يسقط أمام الضغوط الشعبية الهائلة، بل ظل يقاوم حتى هذه اللحظة؟

 

من أدق التحليلات التى قرأتها عن طبيعة النظام السورى البعثى القائم، وأسباب إصراره على المقاومة، أن النظام السورى يختلف عن أى نظام عربى آخر. وهذا يعود إلى بنيته الطائفية التى أصبحت نسقا متكاملا يتعذر تجزئته أو تفكيكه أو تعديله وإصلاحه. لأن الطائفية العلوية التى بدأت مع حافظ الأسد فقيرة وريفية، كانت تطمح فى البداية إلى مجرد المشاركة السياسية مع البرجوازية السنية. ولكن بعد أكثر من 40 عاما من السلطة والامتيازات وشبكة المصالح الواسعة، أصبح لها نفوذ قوى. والأهم من ذلك كله أنها كونت أطرها ونخبها فى جميع المجالات، مما جعلها تستغنى عن حليفتها البرجوازية من طائفة السنة. فانتقلت بذلك من المشاركة إلى الإقصاء، وهو ما يجيز الحديث عن «الطائفة الدولة». ومن هنا تبدت نزعتها الفاشية والاستبدادية، حتى أصبح بشار الأسد أسير هذا النسق المغلق. لا يستطيع منه فكاكا. ونتيجة لذلك بات الحل الدولى فى نظر الكثيرين هو الحل الأمثل!

 

أما المعارضة السورية فهى تعتمد على ما يمكن أن يقدمه الآخرون من مؤازرة للمساعدة فى إسقاط النظام. سواء من جانب الدول العربية التى تبدى معارضتها لممارسات النظام ضد شعبه. أو من الضغوط الدولية. غير أنه بدلا من أن توجه المعارضة غضبها إلى النظام وتعمل على مقاومة العنف بالعنف، فإنها توجه غضبها إلى الدول العربية وإلى فريق المراقبة العربى. علما بأن إسقاط النظام لن يتم إذا لم تتحد المعارضة مع الجيش الحر، ويتغلبان على خلافاتهما المتفاقمة التى يستغلها الأسد فى ضرب خصومه!

 

لقد فرضت سوريا على وسائل الصحافة والإعلام الخارجى، حصارا يجعل الوصول إلى معرفة ما يجرى فى البلدان السورية والتحقق من عمليات القتل والقمع التى يرتكبها الشبيحة والجيش من الأمور الصعبة. وحتى هذه اللحظة مازالت روسيا والصين تعارضان اتخاذ أى إجراء ضد سوريا على المستوى الدولى لفرض عقوبات اقتصادية. ومع ذلك فمازالت المعارضة السورية تعلق آمالا على المجتمع الدولى، وعلى اتخاذ إجراءات من جانب الدول العربية لإدانة الموقف السورى وتطبيق عقوبات اقتصادية وتجارية عربية عليها، خصوصا أن سوريا تتمتع بعلاقات تجارية وثيقة مع دول الخليج ومصر وتركيا.

 

هناك مخاوف قوية من نشوب حرب أهلية فى سوريا، حذر منها الأمين العام للجامعة العربية فى ظل شعور بالانزعاج والقلق يجتاح العالم العربى.

 

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات