تجديد العقل قبل تجديد الخطاب الإسلامى - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 7:13 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تجديد العقل قبل تجديد الخطاب الإسلامى

نشر فى : الجمعة 16 يناير 2015 - 8:35 ص | آخر تحديث : الجمعة 16 يناير 2015 - 8:35 ص

من أفضل ما قرأته فى الأيام الماضية كان قول الشاعر الكبير سيد حجاب إن ما نحتاجه هو تجديد العقل العربى وليس تجديد الخطاب الدينى كما يردد كثيرون.

حجاب تحدث يوم 8 يناير الجارى فى ندوة بعنوان «رؤية لمستقبل مصر» فى صالون الجبرتى بالمجلس الأعلى للثقافة قائلا إن غالبية شيوخ الأزهر لفترات طويلة كانوا يرفضون الحداثة ويرسخون للجهل وكانوا ذيلا للحكام باستثناء شيوخ قلائل.

السؤال هو هل يمكن تجديد الخطاب الدينى بنفس العقلية السائدة فى معظم أرجاء الوطن العربى الكبير.

الجدل بشأن هل ما نحتاج إليه هو ثورة دينية أم تجديد للخطاب الدينى يبدو فى لحظات كثيرة بيزنطيا ولا يمت إلى الواقع الحقيقى بصلة، لأن الأمر ببساطة أننا نحتاج أولا إلى تغيير طرق تفكيرنا وبعدها يمكننا أن نغير أى شىء.

ما سنرفض أن نفعله الآن وندفع مقابله ثمنا بسيطا، قد نفعله قريبا وندفع مقابله ثمنا فادحا.

ملياردير الإعلام اليهودى والكاره للمسلمين روبرت مردوخ قال كلاما خطيرا يوم الأحد الماضى حينما حمل كل المسلمين مسئولية أفعال داعش، طالما لم يحاربوا التنظيم. كلام مردوخ قد يؤشر إلى نوايا بعض الدوائر الغربية باستهداف كل المسلمين بحجة أننا لا نستطيع ردع داعش.

من المنطقى أن يستغل مردوخ وكل الصهاينة وكارهو العرب والمسلمين ما حدث فى فرنسا ضد صحيفة «شارلى إبدو»، أو ما يحدث من ممارسات وحشية من قبل داعش فى سوريا والعراق واليمن فى تشويه صورة العرب والمسلمين.

لكن علينا مرة أخرى قبل أن نتهم ونهاجم الصهاينة أن نسأل أنفسنا السؤال البديهى: هل أصلحنا أنفسنا أولا قبل أن نتهم الأعداء بالتآمر؟!.

الإجابة بطبيعة الحال هى لا، والعدو أو أى متآمر لا يستطيع أن ينفذ مؤامرته إلا إذا كنا ضعافا ومنقسمين ومتخلفين ومنشغلين بقضايا فرعية وتافهة فى حين أن العالم سبقنا بملايين السنوات الضوئية.

من دون إصلاح العقل العربى لن يمكننا تجديد الخطاب الدينى أو القيام بالثورة الدينية، أو حتى الثورة الزراعية أو أى ثورة من أى نوع!!.

لا يمكن لعقول هى سبب التخلف والبلاء أو فى أفضل الأحوال هى جزء منه أن تقوم بالإصلاح والتجديد.

ثم إن العديد من المستفيدين من حال التكلس والتخلف والانحطاط التى تعيشها مجتمعاتنا منذ سنوات طويلة سيحاولون عرقلة أى مبادرة جادة للإصلاح والتطوير والتقدم.

لكن علينا أولا أن نحدد ماذا نريد، ومن هم القادرون على تغيير هذا العقل العربى، وربما يكون السؤال الأساسى هو: ما هو نوع العقل الذى نريده فى المستقبل حتى يمكننا وقتها الحديث عن التغيير أو الإصلاح أو التجديد.

تجديد العقل العربى يحتاج إلى رجال أو عقول شابة حقيقية تؤمن بالمستقبل وبالعلم وبالتقدم وبالحرية والديمقراطية، وبطبيعة الحال تؤمن بأن دين الإسلام العظيم لا يتصادم مع كل هذه القيم والمبادئ.

لا يمكن أن يتولى تجديد العقل العربى أناس كانوا هم سبب نكبته، أو ساهموا فى زيادة التخلف ودعم الاستبداد والتفسير الظلامى للإسلام.

تجديد العقل العربى سوف يصطدم بالعديد من العقول المتحجرة والمصالح المتجذرة، وشبكة علاقات واسعة ومتشابكة تجمع بين الظلاميين والفاسدين والمستبدين فى زواج مصلحة غير شرعى.

ومن دون مواجهة هذا الحلف القوى والمتشابك وغير المقدس وتفكيكه لن يكون هناك أى أمل فى المستقبل بشأن دولة مدنية حديثة لا تخاصم صحيح الدين الإسلامى العظيم.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي