اليابان.. بين رشوان وداعش - ناجح إبراهيم - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 6:30 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

اليابان.. بين رشوان وداعش

نشر فى : الإثنين 16 فبراير 2015 - 8:35 ص | آخر تحديث : الإثنين 16 فبراير 2015 - 8:35 ص

دخل محمد رشوان الإسكندرانى الأصل المباراة النهائية لبطولة الجودو فى أوليمبياد لوس انجلوس 1984 أمام اليابانى «ياسوهيرو» الذى كان مصابا وقتها فرفض رشوان أن يستغل إصابة خصمه وفضل ضياع الميدالية الذهبية ليكسب ما هو أفضل منها وهو إشادة العالم كله بأخلاقه النبيلة.. وأصدر اليونسكو يومها بيانا أشاد فيه بموقفه الكريم ومنحه ميدالية الروح الرياضية.. كما منح جائزة أحسن خلق رياضى فى العالم من اللجنة الأوليمبية للعدل فى فرنسا.
أما شعب اليابان فقد استقبل البطل المهزوم رياضيا والمنتصر أخلاقيا انتصار الفاتحين والأبطال التاريخيين.. وزوجوه إحدى بناتهم التى أسلمت وبعدها أسلم بعض اليابانيين.
تذكرت هذه القصة وأنا أفكر فى أى علة عقلية أو منطقية أو شرعية أو دينية تجعل داعش تقتل صحفيا يابانيا قبضت عليه فى العراق ثم تردفه بآخر.
فاليابان ليست لها خصومة مع بلاد العرب والمسلمين.. والشعب اليابانى شعب مسالم يحب ويخدم الجميع ويسعى فى تقديم العون لكل بلادنا.
قارنت بين تصرف محمد رشوان وتصرفات داعش.. رشوان أفاد المسلمين والعروبة ووطنه أكثر من مليون داعشى.. رشوان لم يتكلم كثيرا ولم يدغدغ العواطف بخطب رنانة وطنانة ولكنه قدم نموذجا راقيا وفذا لخلق المسلم الحقيقى فى صمت ووقار.. ورسالته الأخلاقية الصامتة وصلت إلى الدنيا كلها.. وأسرت قلوب الناس من دون سلاح يبطش أو سكين تذبح أو رصاصات تفتك.
لقد علم الناس بموقفه النبيل كيف تكسب الإنسان قبل أن تكسب المواقف.. فكسب الرجال أعظم من كسب المواقف السياسية أو الإعلامية؟
لقد كان بإمكانه أن يكسب الذهبية ولكنه أدرك أنه سيخسر حب الملايين ويخسر نفسه قبل كل شىء.
لقد عاش رشوان وأمثاله من ذوى الخلق الكريم والصفح الجميل مع قصة النبى العظيم محمد(صلى الله عليه وسلم) مع الإعرابى.. فقد نام النبى فى خيمة له تحت شجرة وسيفه معلقة عليها فدخل عليه إعرابى فاستل السيف وأيقظ النبى صارخا فيه: من يمنعك منى؟
فقال النبى (صلى الله عليه وسلم): الله.. فوقع السيف من يد الإعرابى فأخذه النبى قائلا للإعرابى: ومن يمنعك منى؟ فقال: كن خيرا آخذ.. فقال النبى الذى لا ينسى أن مهمته الهداية لا القتل: تشهد الشهادتين.. فقال الإعرابى: لا.. ولكنى أعاهدك ألا أقاتلك ولا أكون مع قوم يقاتلونك.. فتركه فذهب إلى قومه قائلا: جئتكم من عند خير الناس.
فالأعرابى بدأ بالعدوان وكاد يقتل النبى ورغم رفضه الإسلام بعد أن تمكن النبى منه.. فعفا عنه النبى (صلى الله عليه وسلم) ورحمه ليصبح أكبر داعية للدين والإسلام.
بنفس هذا المفهوم وبمثل هذا التصور الدعوى العظيم تصرف محمد رشوان مع غريمه
لقد صدق شاعر الرسول عبدالله شمس الدين وهو يصفه بقوله:
لا تحسبوا بالقهر قوم شعبه.. لا.. لا
أخلاقه غزت القلوب بنبلها
قبل استلال سيوفه ونباله
فأين غلمان داعش من محمد رشوان ومحمد النبى (صلى الله عليه وسلم).. محمد رشوان أثر إيجابا فى كل الشعب اليابانى وشعوب العالم.. وداعش جعلت الشعب اليابانى يشك فى كل ما هو إسلامى.
رشوان جعل اليابان كلها تبحث عن الإسلام.. وداعش التى لم تجعل اليابان وحدها تكره الإسلام ولكن شككت العالم كله فى كل ما هو إسلامى.. وأعطت أسوأ صورة عن هذا الدين العظيم.
الإعرابى قال للدنيا كلها: جئتكم من عند خير الناس.. وكل من يعرف داعش أو يتابع مذابحها يقول لقومه: جئتكم من عند أبشع وأسوأ وأجرم وأقسى الناس.
أمثال رشوان من الهداة يبشرون وييسرون ويجمعون ويوحدون.. وداعش تنفر وتعسر وتذبح وتقتل وتفرق.. فأى الفريقين أهدى سبيلا؟!

التعليقات