طالبان برعاية العم سام - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 2:36 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

طالبان برعاية العم سام

نشر فى : الإثنين 16 أغسطس 2021 - 6:55 م | آخر تحديث : الإثنين 16 أغسطس 2021 - 6:55 م
قيل إن الأمم تنهزم عندما تصبح «أرواح النساء» فى الأرض، فهل تتمرغ أرواح الأفغانيات فى التراب من جديد مع عودة حركة طالبان ببنادق ولحى مقاتليها إلى حواضر المدن، عقب استيلائها السريع والخاطف على مفاصل، بل وعلى ما تبقى من لحم وعظام أفغانستان؟
اليوم ومع دخول طالبان القصر الرئاسى، عقب فرار الرئيس أشرف غنى إلى الخارج على عجل، تطرح منظمات حقوق الإنسان، وتلك المعنية بالنساء، حول العالم السؤال العريض: ما هو مستقبل المرأة الأفغانية التى تنفس قطاع منها الصعداء فى غياب طالبان، فارتادت المدارس والجامعات، ورقصت فى الأفراح والأعراس دون خوف من التنكيل أو التهديد بالقتل والاختفاء؟
طالبان التى خرجت من سدة حكم اعتلتها لخمس سنوات فى تسعينيات القرن العشرين، وكانت كابوسا مخيفا لجميع النساء الأفغانيات، تزعم اليوم أنها ليست هى نفسها الحركة التى أطاحت بها الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون من السلطة فى أعقاب هجمات 11 سبتمر 2001 على نيويورك وواشنطن، وأنها ستسمح للبنات بالذهاب إلى المدارس، وللنساء بالتنقل فى الأسواق، لكن ضمن ضوابط الحركة التى يفرض متشددوها قانونهم الخاص تحت مظلة رؤيتهم لتطبيق «الشريعة الإسلامية» التى تقدم فى أسوأ صورها إلى العالم حتى بات الإسلام نفسه محل طعن من كارهيه.
هل حقا نحن أمام حركة هذبتها الأيام، وأقنعت الأحداث قادتها بأن العالم أكبر من جبال تورا بورا، بل وأوسع من مساحة أفعانستان نفسها؟.. ربما تكون الإجابة نعم ولا فى الوقت ذاته. نعم نحن أمام حركة جديدة على الصعيد السياسى، فقد سبق عودتها الدراماتيكية إلى قلب كابول، تسلل المساومات البرجماتية إلى صفوف قادتها، فرأيناهم يحاورون الأمريكان فى الدوحة، ويفاوضون الروس فى موسكو، ويفتحون خطوطا مع جيرانهم الأقربين، ويُبدون استعدادا للتواصل مع العالم.
غير أن سلوك طالبان على الصعيد الاجتماعى خلال سنوات حكمها القصير، وفى المناطق التى ظلت ملجأ لعناصرها على مدى السنوات العشرين الماضية تقول إن الحركة لا يمكن لها التخلى بسهولة عن رؤيتها المتشددة فى حجب النساء عن الأنظار وإرغام الرجال على إطلاق اللحى، ومحاربة وسائل التكنولوجيا الحديثة، لأنها «بدع» يجب القضاء عليها، واعتبار ذلك كله جهادا فى سبيل الله و«الجهاد عبادة والعبادة قائمة إلى يوم الدين» كما قال أحد عناصر الحركة.
لسنا مع احتلال أفغانستان، غير أن تخلى واشنطن عن حلفائها الأفغان على نحو ما جرى يثبت مجددا سقوط الغرب أخلاقيا، فقد دفعت الولايات المتحدة وحلف الناتو بمئات الألوف من القوات المقاتلة إلى جبال وصحارى الأفغان فى «مهمة مقدسة» شعارها القضاء على الإرهاب، ومحو تنظيم القاعدة وطالبان وإذ بهم اليوم يسلمون الحركة مقاليد الحكم عن طيب خاطر، ليس حبا فى ذوى اللحى الطويلة والعمامات الكبيرة، ولكن لمآرب أخرى بالطبع.
ظلت طالبان كامنة فى الجبال وعلى أطراف المدن المهمة المحصنة بالقوات الأمريكية وجنود حلف الناتو لمدة 20 عاما كعدو، بل كشيطان رجيم يرعى الإرهاب، حتى شاء العم سام أن يعود سيرته الأولى فى استخدام «المجاهدين الأفغان» كمخالب قط ضد منافسيه الروس، وغرمائه الصينيين هذه المرة، وبما يقلب المسرح الجيوسياسى فى وسط آسيا، ويفتح المشهد على صور جديدة للصراع بين القوى الكبرى.
يبقى السؤال الأهم بالنسبة لنا فى مصر والمنطقة العربية: ما هى تداعيات ما يدور علينا؟ وهل من فاتورة واجبة السداد إن عاجلا أو آجلا؟ فى اعتقادى كما دفعنا جزءا مؤلما من فاتورة حرب «المجاهدين» الذين صنعتهم الاستخبارات الأمريكية لدحر السوفييت، وهزيمة المعسكر الشرقى، لابد وأن النيران القادمة ستطولنا، وعلينا الاستعداد من اليوم قبل الغد، فما يدور فى الأقبية لا يجب أن نأمن شرره، وعلينا ألا ننخدع بما يخرج على الألسن، فدائما هناك ما هو مُخبأ فى الصدور.
التعليقات