غزة فى دافوس - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 6:52 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

غزة فى دافوس

نشر فى : الثلاثاء 17 فبراير 2009 - 4:57 م | آخر تحديث : الثلاثاء 17 فبراير 2009 - 4:57 م

 لم تثر «دافوس» اهتمام معظم شعوب العالم طوال السنوات الماضية، إلا عندما كانت تقترن بظهور بعض الجميلات من نجوم السينما العالمية مثل أنجلينا جولى أو شارون ستون فى بعض جلسات المنتدى وحفلاته.

وفيما عدا ذلك، فقد ظل «منتدى دافوس» الذى اكتسب سمعة عالمية أكبر مما يستحق، ينظر إليه على أنه ناد لصفوة الصفوة من كبار رجال المال والأعمال ورؤساء البنوك والمستثمرين ورؤساء الشركات فى العالم.. تحملهم طائراتهم الخاصة إلى المنتجع السويسرى الفاخر الذى تحيط به قمم الجبال التى يغطيها الثلج لممارسة رياضة التزلج على الجليد.. يقضون أوقاتاً ممتعة ما بين الجلسات الروتينية التى يعيدون ويزيدون فيها حول مزايا العولمة وتأثيرها على المشكلات الاقتصادية، والأسواق العالمية، وأسعار المواد الخام.. وبين حفلات العشاء الفاخرة، وجلسات النميمة العالمية.. وقد يدعى إليها بعض رؤساء الدول والحكومات والشخصيات العالمية للحديث عن السياسة الاقتصادية لبلادهم.. أو يطلب إلى بعضهم إلقاء محاضرات للترويج لمحاسن الرأسمالية ومزايا الاقتصاد الحر.

إلى هذا المنتدى أو المنتجع يهرول عادة بعض السياسيين ورجال الأعمال من الدول النامية، يتلمسون مكاناً لهم وسط هذا المجتمع المخملى.. يتصيدون كلمة من هنا أو هناك، علّهم يخرجون مما يصل إلى أسماعهم باتجاه أو فكرة تستقرئ شيئاً مما يدور فى كواليس هذا المجتمع الفريد.. الذى استقر فى وهم بعضهم أنه هو الذى يحدد اتجاهات الاقتصاد العالمى، ويرسم المؤشرات للمستقبل.. ولكن حين وقعت الأزمة المالية العالمية هذا العام، تلفت الجميع حولهم، ليكتشفوا أن معظم تنبؤاتهم قد خابت.. وأن رءوس النظام الرأسمالى ورموزه اختفت.. وأصبحت مشكلة «دافوس» هذه المرة أن يدافع عما بقى من تعاليم الحرية الاقتصادية والعولمة.

فى هذه الأجواء وقع الصدام الحاد فى المناقشة التى نظمها المنتدى حول «غزة ومعضلة السلام فى الشرق الأوسط».. حين شن نبى العبرانية الحديثة شيمون بيريز هجوما حاداً على المقاومة الفلسطينية، ودافع بحرارة عن الفظائع التى ارتكبتها إسرائيل ضد الأطفال والنساء والمدنيين.. وسمح له مدير الندوة ديفيد أجناثيوس المعروف بكتاباته فى صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، وتحب صحف عربية كثيرة أن تنقل عنه، بأن يتجاوز المدة المحددة له إلى الضعف.. بينما لم يسمح لرجب طيب أردوغان رئيس وزراء تركيا بنفس المعاملة، وحرمه من إكمال كلمته التى رد فيها على بيريز وقال له: «إننى أذكر اثنين من رؤساء وزراء إسرائيل السابقين، الذين أعربوا عن سعادتهم البالغة لأنهم دخلوا فلسطين على ظهر دباباتهم».

انسحب أردوغان.. وهمّ عمرو موسى أن ينسحب، ولكن بان كى مون، أمين عام الأمم المتحدة شده من طرف جاكتته وأقنعه بالبقاء.. والواقع أن انسحاب موسى لم يكن ليفيد كثيراً بعد ذلك، فقد رد موسى على كثير من الترهات التى أثارها بيريز.. وأى انسحاب بعد ذلك كان يمكن أن يكون له رد فعل عكسى، فى أجواء الحضور المعبأة بمشاعر ضد حماس والمقاومة وغزة والفلسطينيين والعرب والمسلمين والشرق الأوسط بأكمله.

كلاوس شواب السويسرى البارع الذى جعل من منتدى دافوس استثماراً فى العلاقات العامة على مستوى العالم.. لا تزيد محصلته النهائية على صفر، وكان الفائز الوحيد هو أردوغان الذى استقبل استقبال الأبطال فى بلاده وفى العالم العربى، لأنه كما قال لم يتحدث إلى بيرىز حديث الدبلوماسيين، بل واجهه بالحقائق على مشهد من العالم.. واعتذر له بيريز بعد ذلك.. فمتى نعرف كيف نواجه خصومنا وأصدقاءنا أيضاً بالحقائق دون أن نضحى بشىء من حقوقنا أو كرامتنا ؟!.

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات