«اشتباك» مع معز مسعود ومحمد دياب - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 8:28 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«اشتباك» مع معز مسعود ومحمد دياب

نشر فى : الأحد 17 يوليه 2016 - 10:00 م | آخر تحديث : الأحد 17 يوليه 2016 - 10:00 م
فى اللحظة التى انتهى فيها عرض فيلم «اشتباك»، شعرت بانقباض لم أشعر به منذ زمن، وفى الوقت نفسه حمدت الله أنه انتهى، وكأن جبلا قد انزاح من فوق قلبى.

الفيلم ــ الذى تبلغ مدته ٨٩ دقيقة ــ تجسيد حى للمأساة أو الهستيريا التى يعيش فيها قطاع كبير من المجتمع المصرى فى السنوات الأخيرة.

ضبطت نفسى أبكى مرتين أو ثلاث خلال العرض الخاص والضيق للفيلم مساء يوم الثلاثاء الماضى فى مقر إحدى الشركات الفنية بالمهندسين بصحبة مخرج ومؤلف الفيلم محمد دياب ومنتجه معز مسعود والزملاء والأصدقاء شريف عامر ومحمد هانى ومحمد فتحى ومحمد أبوشامة.

كنت متشوقا لرؤية الفيلم بعد الحفاوة الكبيرة التى لاقاها خلال عرضه الخاص فى مهرجان كان السينمائى الدولى، والإشادات التى تلقاها من سينمائيين ونقاد كثيرين من بينهم توم هانكس وسلمى حايك.

طوال عرض الفيلم جلست متسمرا أمام الشاشة، وعندما انتهى كانت كل المواجع التى تعرضت لها مصر فى السنوات الأخيرة قد تفجرت.

أحداث الفيلم تبدأ بعد أيام قليلة من ٣٠ يونيو ٢٠١٣، تحكى قصة ما يدور خلال يوم ونصف اليوم، داخل سيارة ترحيلات وتتضمن لحظات من الجنون، والعنف والرومانسية والكوميديا والكثير من الجوانب الإنسانية، وتذكرنا إلى حد ما بفيلم «إحنا بتوع الأتوبيس».

داخل هذه السيارة متظاهرون من جماعة الإخوان، وخليط عشوائى من مواطنين عاديين مسلمين ومسيحيين إلى «مواطنين شرفاء»، نزلوا للدفاع عن الشرطة فوجدوا أنفسهم فى السيارة ومعهم مصور وصحفى يعملان لمصلحة وكالة أنباء أمريكية.

الفيلم يكشف ويفضح جماعة الإخوان وعنفها وإرهابها وانفصالها عن الواقع، وانتهازيتها بشكل واضح لا لبس فيه، والأهم يظهرها بأنها مجموعة تحب أن ترى نفسها منفصلة عن الشعب المصرى حتى داخل سيارة الترحيلات، لكن الفيلم يعرض أيضا لبعض اعضاء هذه الجماعة فى لحظات ضعفهم الإنسانى لدرجة لا تمنعك أحيانا من التعاطف مع بعضهم. رسالة الفيلم الأساسية انه يكشف عن حالة الهستيريا التى يتسبب فيها العنف والإرهاب والقمع والاستبداد. الفيلم يدين الإخوان كما يدين استبداد الشرطة، وفى الوقت نفسه يكشف عن نماذج إنسانية كثيرة لرجال الشرطة حتى وهم يشتبكون بالرصاص والغاز مع المتظاهرين.

نهاية الفيلم مفتوحة، وهو ليس فيلما يقسم الناس إلى أشرار وأخيار، بل يظهرهم كبشر، مجنى عليهم حينا وجناة أحيانا.

عقب نهاية العرض جرى نقاش سريع، وكان هناك ما يشبه الإجماع على أن الفيلم جيد جدا فنيا، وكان هناك ما يشبه الإجماع أيضا بأنه ــ وبعد ان يعرض للجمهور ــ قد يتعرض لسوء فهم على يد المروجين للاستقطاب السياسى، من كل التيارات، أولئك الذين يريدون من أى عمل فنى أن يتحول إلى منشور سياسى زاعق يتبنى وجهة النظر الكاملة لهذا التيار أو ذاك.

عندما جاء دورى فى الحديث قلت إن قيمة هذا الفيلم ستظهر وتزيد أكثر كلما قل الاستقطاب، ونظر إليه الناس باعتباره فيلما فنيا يعالج لقطة صغيرة مكثفة شهدتها مصر خلال سنواتها الأخيرة.

الفيلم بطولة نيللى كريم وطارق عبدالعزيز وهانى عادل وأحمد داش وأحمد مالك وعمرو القاضى وشارك خالد دياب فى التأليف، ومخرج منفذ كريم الشناوى. صناع الفيلم معز مسعود ومحمد دياب ومحمد حفظى، قاموا بعمل بطولى حقيقى حينما انتجوا مثل هذا العمل فى هذا الوقت الذى لا يقبل فيه غالبية الناس إلا وجهة نظر واحدة وأحادية.

نحتاج إلى أفلام كثيرة جادة تشبه هذا الفيلم، تقدم فنا حقيقيا قد يساهم فى وقف الاستقطاب ومساعدة المجتمع على العودة للحياة الطبيعية.
عماد الدين حسين  كاتب صحفي