على (رض) وتغيير المسار(2 ــ 2) - جمال قطب - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 5:30 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

على (رض) وتغيير المسار(2 ــ 2)

نشر فى : الجمعة 17 أغسطس 2012 - 9:05 ص | آخر تحديث : الجمعة 17 أغسطس 2012 - 9:05 ص

(1)

 

تعجب غاية العجب حينما تقرأ الروايات الموثقة فترى ان عليا (رض) اقتنع واقنع العقلاء ان المبادرة إلى القصاص من قتلة عثمان مستحيلة ولابد لها من الصبر والتدبير، ورغم ذلك يبادر هو (رض) الى عزل ولاة عثمان فور توليه المسئولية، رغم أن هؤلاء الولاة يتحصنون بمواقعهم و صنعوا حول انفسهم اتباعا ومريدين وخصوصا ما كان من معاوية بن ابى سفيان الذى مضى عليه فى الشام اكثر من عشرين عاما واليا من قبل ابى بكر وعمر وعثمان وهو يدير شئون «الشامات» كلها «سوريا ولبنان وفلسطين والأردن».

 

فكيف لعلى (رض) أن يتروى ويحتاط مع قتلة عثمان وهم متورطون آثمون لا حجة لهم ولا شبهة، ثم لا يتروى ولو قليلا مع ولاة تولوا اعمالهم بقرارات من الخليفة السابق  هل كانت ازمة الامة شديدة شدة زلزلت العقول وصرفت الانظار عن الواقع وملابساته؟. هل يدرك على (رض) انه عاجز عن قتلة عثمان ولايدرك ذلك مع معاوية بن ابى سفيان بالشام، وعبدالله بن عامر بالبصرة، وسعيد بن العاص بالكوفة، ويعلى بن منية باليمن؟  

 

(2)

 

وكيف لهذا الخليفة على (رض) وهو حديث عهد بالمسئولية يرفض شورى جميع من عرض عليه ارجاء عزل الولاة جميعهم أو على الاقل ارجاء عزل معاوية فأين الشورى واين قبول النصيحة.. أنه زلزال الدماء قد أرهق العقول فلم تستطع حسن تقدير الظروف الطارئة ما زالت العاصمة تعانى أشد المعاناة من وطأة المتمردين قتلة عثمان ورغم ذلك فهذا الخليفة (رض) يدعو الناس للخروج إلى حرب جديدة لا ثمرة لها إلا تنفيذ امر سياسى بسرعة تغيير معاوية، فهذا الخليفة (رض) ينصحه المغيرة بن شعبة فيقول له: اترك هؤلاء فى وظائفهم حتى يبايعوك وإن كان ولا بد فاترك معاوية فإن لك حجة فالذى ولاه هو عمر بن الخطاب وكذلك قال له ابن عباس (رض).

 

ويرفض على (رض) ويقول: لا اداهن فى دينى، ولا ابقى معاوية يومين أبدا وليس له إلا السيف. فلما ضاق بن عباس قال له: يا أمير المؤمنين أنت رجل شجاع ولكن لست صاحب رأى فى الحرب.

 

(3)

 

هكذا حين يتغيب الفقه، تتمزق الأمة فهذا على (رض) يحمى مسئوليته التى تحملها، وهذان طلحة والزبير يحفظان نصوص الحدود، ويغيب عنهما ادراك الواقع وتأثيره، وهذه ام المؤمنين تفارق بقية أمهات المؤمنين بعد الحج فيرجع الأمهات إلى المدينة وتذهب هى (رض) إلى العراق. لماذا كل هذا؟

 

لا حرج على مسلم أن يفكر ويتذكر، ولا حرج عليه أن يشك أو يتيقن، إنما الحرج كل الحرج أن يظن الإنسان أن الدين يحض على الانفراد بالقرار وإجبار الآخرين على وجهة نظره، وأشد من ذلك أن يتصور أن رأيه حق لا شك فيه وآراء الآخرين باطل لا شك فيه، من حق الإنسان ان يفكر فى الشأن العام، وأن يتشكك فى رأى غيره لكن ليس من حق أحد أن ينفرد بالقرار حتى ولو كان أمير المؤمنين.

 

(4)

 

أين الشورى؟ أليست فريضة مفروضة تسبق التنفيذ ثم ترافقه ثم تلاحقه؟

 

كيف يتصور الإنسان أن يجيش جيشا مسلما ليخضع جيشا آخر مسلما لو كانت هاتان الفئتان وليس بينهم ولا معهم «فئة ثالثة» غير متحيزة ولا متشوفة للسلطة لاعتبرنا الأمة أمة ضالة مضلة. أليس فينا رجل رشيد؟

 

أين مؤسسة «أهل الحل والعقد» وما يشترط لها من أهلية الأعضاء واتساع مداركهم وخبراتهم، مع تنازلهم الدائم عن الترشيح لأى ولاية وكذلك قناعة وثقة الناس فيهم.. إذا غابت هذه المؤسسة سواء أعلى مستوى الدولة أو على كل المستويات فقل على الأمة السلام.

 

 

 

 

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات