محمد خان.. الباكستاني! - هشام أصلان - بوابة الشروق
الثلاثاء 21 مايو 2024 8:28 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

محمد خان.. الباكستاني!

نشر فى : الثلاثاء 17 ديسمبر 2013 - 8:10 م | آخر تحديث : الثلاثاء 17 ديسمبر 2013 - 8:20 م

تاجر الشاي الذي جاء مصر منذ سنوات بعيدة، وتزوج سيدة مصرية، لم يكن يعرف أن ابنه محمد، سوف يصبح أحد أعلام السينما المصرية.

ربما أيضًا لم يضع الأب الباكستاني في حساباته، الأضرار النفسية التي سوف يعانيها هذا الابن من كونه لن يستطع حمل جنسية "بلده مصر"، وأن معاناته سوف تتضاعف بسبب حمله جنسية بلد "يرعى الإرهاب".

***

لأسباب خاصة بجهلي، لم أكن أعرف أن المخرج الكبير محمد خان ليس مصريًّا.

ما لم أستوعبه، أن الرجل طالب بمنحه الجنسية أكثر من مرة ولم يهتم أحد. بل إنه يكاد يترجى الحصول عليها، وأنت تحسب أن مثله، تمنحه الدولة جنسيتها بمجرد إشارة للموضوع من وزير ثقافة أو نقيب للسينمائيين...

المخرج الكبير قال للزميلة دعاء سلطان:

"نفسي أحصل عليها كتكريم لي، أنا عندي 71 سنة دلوقتي، وعايز أموت مصري، هل من الممكن لحكومة الدكتور الببلاوي أن تمنحني الجنسية قبل فوات الأوان؟"

مهلًا، الصيغة السابقة، ربما تلائم حالة أخرى، أحد محبي مصر من الشخصيات العامة الأجنبية، لكنها، في حالة خان، تعد اعترافًا ضمنيًّا بعدم مصريته. هذا الرجل يعني:

خرج ولم يعد، الحريف، زوجة رجل مهم، أحلام هند وكاميليا، سوبر ماركت، موعد على العشاء، وغيرها.

كيف "لغير مصري" أن يقدم أعمالًا لم يقف أثرها عند تشكيل وعي عدة أجيال، بل صنع مع مجايليه من المخرجين، نهضة وازنت الحالة السينمائية مقابل انتشار أفلام المقاولات في الثمانينيات والتسعينيات. هؤلاء المجايلون هم أسماء بحجم عاطف الطيب وداود عبد السيد وخيري بشارة والسيناريست بشير الديك.

***

سنتصور أن محمد خان يطالب بالجنسية المصرية، طمعًا في الميزات العظيمة التي تتوفر لحاملها، وليس حبًّا في هذا البلد. فما الذي لدينا، كمصريين، ونعزّه على رجل مثله؟

ربما مجانية التعليم!

الجنسية المصرية ذهبت إلى الفنان العظيم وديع الصافي بعدما غنى "عظيمة يا مصر"، وهو الذي لم يطلبها، أو حتى يحتاج إليها، فقط من باب التكريم. ولا مزايدة في الأمر لو قلنا: إن ما قدمه خان لا يقل، ناهيك عن كونه ولد لأم مصرية، وابن بار لثقافة "الساعين على الرزق" في هذا البلد.

لمحمد خان 23 فيلمًا، اختير أربعة منها ضمن أهم مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية. وفاز آخرها بجائزتين في الدورة الأخيرة لمهرجان دبي السينمائي الدولي، وهو ما أعاد لصفحات الفن بالجرائد الاهتمام مرة أخرى بمشكلة "جنسية خان" المطروحة بلا حل منذ أكثر من عشرين عامًا.

كل فترة يتجدد الحديث في الموضوع ثم "تبرد ناره" بتعبير الكاتب إبراهيم داود، الذي اعتبر الموضوع "بايخ". غير أن هذه "البواخة" لا زالت ملحوقة، "بواخة" تتحول إلى "مسخرة" حقيقية، إذا قررت الدولة تكريم هذا الفنان الكبير بعد فوات الأوان.

هشام أصلان كاتب وصحفى
التعليقات