حاضر الإخوان ومستقبلهم - أحمد يوسف أحمد - بوابة الشروق
الخميس 2 مايو 2024 4:40 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حاضر الإخوان ومستقبلهم

نشر فى : الخميس 18 يوليه 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الخميس 18 يوليه 2013 - 8:00 ص

كنت قد امتنعت عن مشاهدة قناة الجزيرة منذ قامت ثورة يناير نظرا لما كان ملحوظا بوضوح من أنها تحاول المستحيل من أجل أن تجعل من الثورة عملا من أعمال الإخوان المسلمين رغم ما هو معروف من أنهم كانوا أول فصيل سياسى هرول إلى الاجتماعات التى كان قد دعا إليها المرحوم عمر سليمان، فى محاولة للخروج من الأزمة، كافة الفصائل السياسية وترددوا فى الانضمام إلى الثورة حتى اتضح أن النصر سوف يكون من نصيبها، ولم ينسب لهم فى حينه إلا دور اعترف به الجميع فى التصدى لما عرف بموقعة الجمل، وحتى هذا الدور أحاطت بملابساته الشكوك. ويوم الاثنين الماضى كنت أقوم بعملية مسح للفضائيات، فإذا بى أجد المؤشر قد استقر على «الجزيرة مباشر مصر» الناطق الرسمى باسم معتصمى رابعة العدوية الذين يعتبرون ما يسمعونه منها ويشاهدونه فيها الحقيقة المطلقة. توقفت عند المحطة بعد أن لفت نظرى عدد من الخطباء الشباب يتحركون على المنصة بطريقة مسرحية. فما الذى كان يقوله هؤلاء؟ الرطانة المعتادة: نحن حركة سلمية نخرج إلى الشارع بصدورنا العارية فيقع ما يقع علينا من اعتداءات وحشية كما فى أحداث الحرس الجمهورى التى هوجم فيها أبناؤنا غيلة من قوات الجيش التى أمعنت فيهم القتل أثناء أدائهم لصلاة الفجر فسقط منهم عشرات الشهداء، ولو كلفوا أنفسهم قليلا لعلموا أن كافة شهود العيان من سكان البنايات الملاصقة لدار الحرس الجمهورى يؤيدون رواية الجيش وفحواها أن مجموعة من الإرهابيين منهم لا يقل عدد أفرادها عن الثلاثين أتوا على دراجات بخارية يحملون أسلحة آلية، ويشرعون فى مهاجمة القوة التى تحمى الدار ولعلهم كانوا يقصدون اقتحامها انتقاما من الجيش، وربما دار فى خلدهم أن مرسى معتقل فى الدار وسوف يكون لهم شرف تحريره.

●●●

هى الأفكار السطحية نفسها التى حكمت تصرفاتهم منذ عقود وتصرفات التنظيمات المتفرعة عنهم، وهى أنك بعمل جزئى محدود يمكن أن تحقق أهدافا كبرى. هكذا فعلوا مع عبدالناصر فى الخمسينيات عندما تصوروا أن أعمال المقاومة المسلحة التافهة يمكنها أن تحقق هدفهم فى استرداد ثورة يوليو التى كانوا يعتبرون أنفسهم أصحابها رغم أنهم كانوا مجرد فصيل فى الإطار الوطنى العام شارك فى الثورة فكانت النتيجة فشلا ذريعا ألقاهم فى المعتقلات سنوات طويلة، وتكرر الأمر نفسه مرات عديدة، أبرزها فى السبعينيات عندما تصورت قيادة حزب التحرير الإسلامى أن مجرد الهجوم على الكلية الفنية العسكرية والاستيلاء على عدد من المدرعات منها كفيل بأن يجعلهم يسيطرون على الإذاعة والتليفزيون ويعلنون أنهم ممسكون بزمام السلطة، وكانت النتيجة هى الفشل الذريع نفسه والثمن الباهظ الذى تعين عليهم أن يدفعوه.

●●●

من ناحية أخرى نسى ممثلو المنصة أن يد الإرهاب تمعن قتلا وترويعا فى أبناء سيناء وحماتها، ونسوا أن هذا يتم باعتراف محمد البلتاجى الذى واتته الجرأة كى يرسل رسالة واضحة مفادها أن أعمال الإرهاب فى سيناء ستتوقف بمجرد عودة مرسى للحكم. اعتراف نادر بإرهابية حركة الإخوان المسلمين التى كان مفروضا أن تكون مسئولة عن حكمنا فإذا بها تضع مصالحها قبل كل شىء بما فى ذلك المصالح الوطنية، كذلك تحدث صفوت حجازى غير مرة عن تصعيد لا يخطر ببالنا. لكن الأهم من هذا كله أنه فى الوقت الذى كان فيه ممثلو المنصة يتحدثون عن السلمية والصدور العارية كان أهل البحر الأعظم يستغيثون من إخوانهم الإرهابيين الذين يعملون تدميرا فى ممتلكاتهم. يطلقون النيران من أسلحتهم الآلية على شرفات المنازل، وبعد هذا كله يتحدث مسئولونا الطيبون عن المصالحة الوطنية معهم وعدم إقصائهم، فعن أى مصالحة يتحدثون؟ إن المصالحة لا تكون ولا تجوز إلا مع قوى سياسية فى نظام ديمقراطى أما هؤلاء فلا وألف لا. إن الشعب لا يريد هذه المصالحة كذلك لا يريدها قادة تنظيم الإرهاب هذا، وحتى لو تصورنا بروز شريحة وسط من الإخوان تقبل المصالحة وتتخلى عن ممارساتهم الإرهابية فإنهم سيظلون موضع شك من الجميع.

إن الإجراء المطلوب ليس المصالحة مع حزب إرهابى يتستر بالدين إنما العودة للتقاليد المصرية الأصيلة التى ترفض فكرة الأحزاب الدينية من أساسها، وساعتها يجب حل حزب الحرية والعدالة وكل ما يشبهه من أحزاب، أما جماعة الإخوان المسلمين فعليها أن تبقى فى إطار الجماعة الدعوية كما يفترض أن تكون أصلا، وهو إطار تكاد ألا تكون قد التزمت به طيلة تاريخها، ويجب أن تكون تحت رقابة مشددة من المجتمع حتى لا تنحرف عن دورها الدعوى مرة أخرى، ولأعضاء حزب الحرية والعدالة المنحل أن ينتموا إلى أحزاب ورقية إن قبلتهم أو يتحركوا سياسيا كمستقلين كما فعلوا طويلا. هذه هى الطريقة الوحيدة للتعامل مع تنظيم فاشى إرهابى وليست أى طريقة أخرى. أما القوات المسلحة التى وعدت بألا تسمح أن يروع مواطن ومعها قوات الشرطة فعليها أن تتحرك بسرعة لمواجهة كل من يحمل سلاحا يهدد به مواطنا أو يلحق الضرر به وكذلك من يقومون بإغلاق الطرق وتعطيل مصالح الناس واعتقال كل هؤلاء وتقديمهم للنيابة تمهيدا لمحاكمتهم إن رأت ذلك وإنزال العقوبة اللازمة بهم. أما التصرف إزاءهم «برقة» وعلى ضوء ما يمكن تسميته بعقدة الحرس الجمهورى فهو ترف غير مسموح به فى هذه الظروف الصعبة.

 

أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة

ومدير معهد البحوث والدراسات العربية

أحمد يوسف أحمد أستاذ العلوم السياسية بكلية الإقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وعميد معهد الدراسات العربية