امنحوا بيبى جائزة نوبل للسلام - صحافة عالمية - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 9:44 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

امنحوا بيبى جائزة نوبل للسلام

نشر فى : الثلاثاء 18 أغسطس 2015 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 18 أغسطس 2015 - 8:00 ص

نشرت مجلة فورين بوليسى مقالا للكتاب آرون ديفيد ميلر، نائب الرئيس الأمريكى للمبادرات الجديدة وباحث متميز فى مركز وودرو ويلسون الدولى للباحثين، يوضح فيه الدور الهام الذى لعبه بنيامين نتنياهو فى تحقيق الاتفاق الأمريكى الإيرانى حول ملف الأخيرة النووى، وكيف كان العرض الإسرائيلى الدائم لخطر البرنامج النووى الإيرانى دافعا لتحقيق الاتفاق فى أفضل صوره. ويبدأ ميلر مقاله بأنه عندما يحين الوقت لمنح جوائز السلام للاتفاق النووى الإيرانى، ينبغى على لجنة نوبل النرويجية بحث تكريم رئيس الوزراء الاسرائيلى بنيامين نتنياهو.

ويؤكد ميلر أنه لن يقبل، فقد ظل فترة طويلة يبذل قصارى جهده لمنع التوصل إلى اتفاق. ولكن، فى واحدة من أقسى المفارقات السياسية فى الشرق الأوسط، لا يمكن إنكار أن تأكيد نتنياهو على التهديد النووى الإيرانى، ساعد فى الواقع على توليد الظروف التى أنتجت الاتفاق نفسه الذى يعارضه اليوم. ويعرض ميلر السبب، حيث كان نتنياهو يصمم على وضع القضية النووية فى صدارة جدول الأعمال الأمريكى والدولى. وقد ركز على هذه القضية منذ أوائل التسعينيات، وجعلها موضوعا محوريا فى كتابه عام 1995، «مكافحة الإرهاب: كيف يمكن للدول الديمقراطية هزيمة الإرهاب المحلى والدولى» وذكر أن إيران سيكون لديها سلاح نووى فى غضون ثلاث إلى خمس سنوات وأنها داعم أساسى للإرهاب الدولى. وفى عام 1996، عندما تحدث أمام جلسة مشتركة للكونجرس الولايات المتحدة ــ قبل ما يقرب من عقدين من ظهوره المثير للجدل أوائل هذا العام ـ حذر رئيس الوزراء من «عواقب كارثية» لحصول إيران على سلاح نووى. وقد لقى حديثه قبولا من الكونجرس الذى يحمل كراهية كبيرة لإيران.

ومنذ ذلك الحين، رفض عددا من الخبراء والمحللين الكثير من خطاب نتنياهو حول ايران والقضية النووية باعتباره الصبى الراعى الذى صرخ مرارا «الذئب»!. فقد ظل ـ على مدى العشرين عاما الماضية ـ يحذر من أن إيران أمامها بضع سنوات قليلة للحصول على قنبلة نووية. لكن اكتشاف برامج إيران غير المشروعة للتخصيب النووى، ذات الصلة بالأسلحة، فى أوائل العقد الماضى، أضفى مزيدا من المصداقية لكل من الرسالة وصاحبها. وليس من المبالغة القول إنه لا يوجد فى واشنطن أو فى المجتمع الدولى ــ بما فى ذلك الرؤساء كلينتون وبوش وأوباما ــ من قام بتسليط الضوء على التهديد النووى الايرانى، أكثر من نتنياهو.

***

ويشير ميلر إلى أن إلحاح نتنياهو على خطورة إيران كان محركا رئيسيا لدفع واشنطن وطهران إلى طاولة المفاوضات. فقد ألمح بقوة ـ على الأقل مرتين فى السنوات الخمس الماضية ـ إلى أن إسرائيل على وشك تنفيذ ضربة من جانب واحد ضد المنشآت النووية الإيرانية. وفى عام 2012، أعرب وزير الدفاع فى ذلك الوقت، ليون بانيتا، عن قلقه علنا لأن إسرائيل تستعد لضرب إيران. ومرة أخرى فى ربيع 2014، انشغلت الصحافة الإسرائيلية بتقارير تفيد أن رئيس الوزراء أمر بتوجيه ضربة ضد إيران، وخصص ميزانية لذلك. وسواء صدقته إيران أم لا فى كل من المرتين، فقد دفع الخطر المحتمل كلا من واشنطن وأوروبا للقيام بشىء لإبطاء تسارع خطوات البرنامج النووى الإيرانى، وإقناع نتنياهو أن مخاوفه تؤخذ على محمل الجد. واستخدمت الولايات المتحدة بوضوح إمكانية توجيه ضربة إسرائيلية لتنشيط حلفائها والحفاظ على وحدة وتماسك نظام العقوبات. وذلك فضلا عن أن إيران ربما لم تكن لتجلس أبدا على مائدة المفاوضات، لولا ضغط نتنياهو المتواصل على الكونجرس لفرض عقوبات أكثر صرامة.

ويرى ميلر أن نتنياهو قد مهد الطريق إلى الاتفاق بوسيلتين مهمتين أخريين: فقد سهلت انتقاداته الشديدة لاتفاق نوفمبر 2013 المؤقت، الذى اعتبره «خطأ تاريخيا»، وإطار لوزان إبريل 2015 الذى قال إنه يهدد «بقاء إسرائيل»، والخطة المشتركة الشاملة فى يوليو، التى اعتبرها «خطأ فادحا فى فهم الأبعاد التاريخية»، وهذا فتح الطريق على المفاوضين الإيرانيين لإقناع العناصر المتشددة فى الوطن بالاتفاق على أساس «إذا كانت إسرائيل ذلك، فنحن أمام صفقة جيدة!». وهذه هى الحجة بالضبط التى كنا نرددها طوال الوقت لترويج مواقف الولايات المتحدة أمام العرب، فى المفاوضات العربية الإسرائيلية السابقة. يمكن للمرء أن يتخيل ردة فعل الحرس الثورى الإسلامى والمحافظين فى مجلس الشورى إذا كانت إسرائيل قد أيدت عملية التفاوض أو احتضنت أيا من الاتفاقات التى تنجم عنها.

ويختتم ميلر الأسباب بأن تدخل نتنياهو فى السياسة الأمريكية، ولا سيما خطابه أمام الكونجرس فى وقت سابق من هذا العام، أدى إلى إثارة غضب الرئيس الأمريكى باراك أوباما وزيادة تصميمه على إبرام الاتفاق. وفى خطابه الأخير فى الجامعة الأمريكية دافع عن الاتفاق بلهجة حاسمة استهدفت جماعات الضغط الموالية لإسرائيل وسخر ممن يجادلون بأنه كان من الممكن الحصول على صفقة أفضل. وأظهرت لهجته تمسك أوباما بتنفيذ الاتفاق ــ عبر الفيتو الرئاسى إذا لزم الأمر ــ وعدم الاستسلام للضغوط، سواء كانت داخلية أو إسرائيلية.

***

يتساءل ميلر فى نهاية مقاله حول ما إذا كان من الممكن أن يتصرف نتنياهو بشكل مختلف تجاه إيران والاتفاق، وبذلك تتسع خيارات إسرائيل وتقل التوترات مع الولايات المتحدة؟ معتقدا أنه لم يكن من الممكن ذلك. حيث تنغرس فكرة التهديد الإيرانى فى صميم الصورة الذاتية لنتنياهو، باعتباره رئيس الوزراء الإسرائيلى الأقدر على قيادة إسرائيل للخروج من ظل قنبلة إيرانية إلى الأبد. وكذلك، حذر أيضا من إيران، اسحاق رابين، ذو الشخصية المأثرة للغاية، وجميع رؤساء وزارات اسرائيل منذ الثمنينيات. ومن الناحية العملية، يصعب تصديق أن اتباع خط مختلف أو ليونة من جانب نتنياهو كان من الممكن أن ينتج اتفاقا أفضل مع طهران – بل على الأرجح، ربما كان أسوأ. فربما كانت إدارة أوباما لتقدم المزيد من التنازلات من دون ضغوط إسرائيل. لكن الأمر الذى كان من الممكن أن يكون مختلفا: انخفاض التوتر القائم اليوم بين القدس وواشنطن. وهى ليست مسألة هينة. ولكن هذا كان يتطلب رئيس وزراء من نوع مختلف. وغنى عن القول، أنه لا يوجد أحد من هذا النوع.

ويُنهى ميلر مقاله بأن واشنطن وطهران كانتا القوتين الدافعتين وراء إبرام الاتفاق. وقد أساء نتنياهو فقط تقدير إلى أى مدى سيذهب أوباما فى توقيع هذه الصفقة. ولكن لا شك أن تركيز رئيس الوزراء المتواصل على القضية النووية مهد الطريق لرئيس أمريكا كى يفعل شيئا حيال ذلك، وأمده بالأدوات الإضافية للقيام بذلك. وربما يكون ليس من الواقعية أن يحتفى أى رئيس وزراء إسرائيلى بهذ الصفقة، ناهيك عن نسبة الفضل إليه فى المساعدة على إبرامها. ويمثل الاتفاق إشكالية كبيرة، من حيث الموقف الذى يتعين أن تتخذه الحكومة الإسرائيلية. ويدرك رئيس الوزراء ذلك، فلا شك أنه لم يكن يتصور أن يتحقق أسوأ النتائج المتوقعة بالنسبة له فى هذه القصة النووية الإيرانية.

التعليقات