حرائق «القس والشيخ»! - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 2:49 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حرائق «القس والشيخ»!

نشر فى : الجمعة 19 مايو 2017 - 9:40 م | آخر تحديث : الجمعة 19 مايو 2017 - 9:40 م

لم تمر أيام قليلة على تصريحات الشيخ سالم عبدالجليل، وكيل وزارة الأوقاف الأسبق، والتى كادت ان تشعل حريقا كبيرا فى «ثوب الوطن»، بعدما وصف العقيدة المسيحية بـ«الفاسدة»، والمسيحيين بـ«الكفار»، حتى دخل القس مكارى يونان، رئيس الكنيسة المرقسية الكبرى فى القاهرة، على خط اشعال الحرائق والفتن المجانية، بتوجيه إهانات بالغة للعقيدة الإسلامية.
القس يونان خلال اجتماعه الأسبوعى فى الكنيسة قال إن «الإسلام انتشر بالسيف والرمح»، مضيفا: «بلا مقارنة بين عقيدة وعقيدة أقول إن عقيدتنا اللى بتقول عليها فاسدة هى عقيدة الطهارة ونقاوة القلب»، وتابع أن «المسيحية لا تعرف القتل ولا تعرف الدماء بل بالعكس المسيحية تعرف أن من يبغض أخاه فهو قاتل نفس.. المسيحية الحقيقية هى المحبة بس وملناش عدو فى الدنيا.. لا وجه للمقارنة بين المسيحية وأى عقيدة تانية».
بالتأكيد هذه التصريحات سواء كانت للقس أو للشيخ، هى مشروع فتنة متكامل الأركان، يمكن أن يأكل الأخضر واليابس فى هذا الوطن، ويساهم فى تأجيج النعرات الطائفية البغيضة التى أهلكت أوطانا مستقرة وشعوبا متآلفة، وحولتها بين ليلة وضحاها إلى «أرض محروقة»، لا أمل فى أن تستعيد التعايش المفقود بين أبنائها حتى ولو بعد مئات السنين.
ما يجب أن يفهمه القس والشيخ، هو ضرورة الابتعاد عن اللعب على وتر الفتنة الطائفية أو إهانة عقائد الآخر، أو تأجيج الكراهية بين أبناء الوطن.. فهذه الأشياء جميعا «خط أحمر» لا يمكن للغالبية العظمى من أبناء هذا البلد أن يقبلوا أو يسمحوا بتجاوزه، لأنها تمثل تهديدا صريحا للسلم الاجتماعى، ولن تخدم سوى اعداء هذه الأمة الذين ينتظرون رؤية دخان الكراهية يتصاعد، حتى ينفخوا فيه ويحولوه إلى نار تحرق «قلب الوطن».
على القس والشيخ أن تكون رسالتيهما داخل الكنيسة والمسجد، نشر قيم الحق والعدل والجمال والمساواة والتعايش وتقبل الآخر مهما كان مختلفا فى اللون أو العرق أو العقيدة.. فالتنوع والاختلاف هما من سنن الله الفطرية التى خلق الناس عليها، وبالتالى لا يمكن لأحد أن يفرض رؤيته أو أفكاره أو عقيدته على الآخر.
السؤال الآن.. لماذا لم تتحرك الكنيسة المصرية والبابا تواضروس الثانى لادانة تصريحات القس يونان المسيئة للإسلام، مثلما تحرك الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف والعديد من الشخصيات والتيارات الاسلامية، لادانة علنية وواضحة لتصريحات الشيخ سالم عبدالجليل عن «العقيدة الفاسدة»؟.
تحرك البابا تواضروس مطلوب للغاية، ويجب ألا يتأخر كثيرا، حتى يمكن للكنيسة المصرية المعروف عنها حرصها على نسيج هذا الوطن وعشقها لترابه، محاصرة هذه الأصوات النشاز التى تعكر صفو السلم الاجتماعى وتضرب الوحدة الوطنية فى مقتل، وتزيد من مخاطر الفرقة والانقسام فى المجتمع، خصوصا أننا فى هذا الوقت لا نحتمل مزيدا من المشكلات.
أيضا يجب على الدولة أن تقوم بدورها الآن، لمحاصرة مشعلى الحرائق والحروب بين الأديان، وأن تتدخل بقوة وجدية لمنع «فوضى التطرف» عند الجانبين، وذلك من خلال العمل على الكثير من الجبهات فى وقت واحد، أهمها بلا شك تفعيل القوانين التى تعاقب على ازدراء الأديان أو نشر الكراهية أو إثارة الفتنة الطائفية بين أبناء الوطن، وتطبيق هذه العقوبات فورا على من يقومون بمثل هذه الأمور، وألا تترك مصير ما يتفجر من قضايا مماثلة فى المستقبل، بيد ما يسمى بـ«المجالس العرفية» التى لا تعيد حقا أو تضع ضوابط تمنع تكرار إشعال مثل هذه الحرائق مجددا.

التعليقات