احتكار الثورة - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 12:14 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

احتكار الثورة

نشر فى : الثلاثاء 19 يوليه 2011 - 8:33 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 19 يوليه 2011 - 8:33 ص
البعض فى مصر، من ثوار وسياسيين وإعلاميين، يشعر بأن له بمفرده الحق فى الحديث باسم الثورة وأهدافها ومسارها الصحيح ويعطى لذاته سلطة استبعاد كل من يصنفهم أعداء للثورة أو نصف ثوار أو قافزين على الثورة. ولا يدرك محتكرو الحديث باسم الثورة خطورة المأزق الذى يضعون الوطن به، خاصة عندما يزايدون باسم الثورة مبتعدين عن كل توجه رشيد وعقلانى يراد به حماية الثورة وضمان فرص بناء مجتمع الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

مطالبة بعض الأصوات فى ميدان التحرير وميادين الحرية الأخرى فى مصر بإسقاط المجلس الأعلى للقوات المسلحة وبحل المؤسسة العسكرية وتصنيف كل رافض لهذا الهراء على أنه خائن للثورة ولا يحق له الحديث باسمها يصب فى خانة احتكار الثورة وإخراجها عن رشادتها، بل ووضعها فى مواجهة قناعة أغلبية المصريين بأن المجلس الأعلى يؤدى دورا وطنيا بامتياز.

نعم هناك خلاف سياسى مع المجلس الأعلى حول خريطة طريق المرحلة الانتقالية وقضايا مركزية، بعضها حُلّ كالوقف الفورى لإحالة المدنيين إلى القضاء العسكرى وبعضها لم يحل كإعادة محاكمة المدنيين الذين تمت محاكمتهم من قبل القضاء العسكرى أمام القضاء المدنى وإلغاء وزارة الإعلام. ونعم أدير الخلاف السياسى هذا فى الشارع الذى عادت إليه الاعتصامات والاحتجاجات على نطاق واسع ومازالت. إلا أن هذا لا يعنى تخوين المجلس الأعلى أو المطالبة بإسقاطه وإسقاط المشير أو تهديد تماسك المؤسسة العسكرية وهى اليوم ضمانة استقرار الوطن الوحيدة.

ويندرج أيضا فى خانة احتكار الثورة تصنيف بعض القادمين الجدد للحياة السياسية المصرية على أنهم من القافزين على الثورة والطامحين لمجد شخصى بالحديث باسمها، خاصة إن كانوا قد غابوا عن مصر لسنوات طويلة. يطول هذا الاتهام شخصيات عامة كالدكتور محمد البرادعى أو الدكتور أحمد زويل، كما يوجه للزميل معتز عبد الفتاح ولى بعد عودتنا إلى مصر من ارتباطاتنا المهنية فى الخارج فى أعقاب الثورة فى حالته وقبلها فى حالتى. الأصل هنا أن لكل مواطنة مصرية ومواطن مصرى الحق فى أن يقرر فى لحظة ما الاهتمام بالشأن العام والسياسى وممارسته وليس لأحد أن يحرمه من ذلك بحجة أنه كان بعيدا عن المشهد والساحة من قبل. ممارسة العمل العام والسياسى ليست حكرا على أحد، والثورة ليست ملكية خاصة لمن فجر شرارتها الأولى.

دعونا ننتبه إلى خطورة احتكار الثورة وضرورة مواجهة غلواء مجموعات فوضوية وعنيفة صغيرة لا تعنيها إلا المزايدة المستمرة بشعارات أكثر تطرفا ولا تقف طويلا عند حتمية الحفاظ على تماسك الدولة المصرية وفرص التحول الديمقراطى. الثورات ليست ملكيات خاصة، واحتكارها من قبل فوضويين بداية لإخفاقها.

وكلى ثقة فى أن المواطنين الذين صنعوا الثورة ومازالوا يتابعون مسارها ويعبرون عن تمسكهم بأهدافها باعتصامات واحتجاجات سلمية، وهم أجمل ما فى مصر، حتما سيبتعدون عن فوضوية وتطرف البعض.
عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات