«صفق لى..» - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 8:26 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«صفق لى..»

نشر فى : الإثنين 20 أبريل 2020 - 8:55 م | آخر تحديث : الإثنين 20 أبريل 2020 - 8:55 م

«لا تقل لى عُد إلى بلادك، لا تقل بلادك ليست هنا، أنت تعرف الشعور بأن يكون الوطن سجنا، أنت تعرف شعور الحياة فى خوف.. لذلك أنت تصفق لى، وتحمل لى كل هذا الحب».
مقطع من قصيدة ضمن فيلم انتشر وسط الملايين على مواقع التواصل الاجتماعى فى بريطانيا للاحتفاء بذوى الأصول غير البريطانية الذين اكتشف المجتمع مدى الحاجة إليهم فى مكافحة وباء كورونا، وبعد أن سقط لون البشرة كمعيار لتقدم الصفوف فى دفاع الإنسان عن شقيقه الإنسان أمام عدو خفى يحصد الأرواح بلا رحمة.
وفقا لموقع «بى بى سى» الإلكترونى فإن الفيلم الذى ظهر فيه أطباء وسائقو توصيل طلبات ومدرسون ومشاهير، ويحمل عنوان «أنت تصفق لى»، تستهدف رسالته الأساسية الاحتفاء بالعاملين من ذوى الأصول الإفريقية والآسيوية والأقليات العرقية الأخرى. وقال مخرجه دارين سميث إن «فيروس كورونا أشاع شعور التضامن داخل المجتمع والانفتاح واستيعاب الآخرين والتسامح».
القصيدة، كما يقول المخرج، تعمدت استخدام بعض من «لغة الكراهية» التى يوجهها البعض للأقليات، للفت النظر إلى أن فيروس كورونا هو «العدو المشترك، فالوباء من وجهة نظره أحدث «تحولا إيجابيا» تجاه الأقليات العرقية، لأنه قبل كورونا «كان من المستحيل تخيل فكرة أن الناس، سيخرجون إلى عتبات منازلهم ويصفقون لبعض الأقليات العرقية، الذين مازالوا يؤدون العمل نفسه الذى كانوا يقومون به من قبل» بلا أى تشجيع.
هذا فى بريطانيا، أما فى فرنسا هل كان أحد يتصور أن مارين لوبان، زعيمة حزب التجمع الوطنى اليمينى، المعادى للأجانب، يمكن لها أن تدافع عن الجالية الصينية ضد موجة كراهية وجهت إلى أفرادها على مواقع التواصل الاجتماعى عقب ظهور كورونا وربطه بالصين؟!
السيدة لوبان تملكها صوت العقل والحكمة، وكتبت على حسابها فى «تويتر»: «لا شىء على الإطلاق يبرر أن يصبح مواطنونا من أصل صينى، ضحايا عدم الثقة بسبب فيروس كورونا، لأنه ليس لهم أى علاقة بالأمر! فلنبقى أذكياء وإخوة!».
لوبان أدركت، كما أدرك غيرها، أن المهاجرين الذين دعا البعض لإلقائهم فى البحر، هم عنصر فاعل فى المجتمعات التى يلتحقون بها، خاصة وقت الأزمات، ولعل فى الإجابة التى تلقاها الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون فى إحدى المنشآت الطبية فى مارسيليا قبل أيام خير دليل، عندما سأل عددا من الأطباء والباحثين: من أين أنتم؟ فكان الرد أن أصولهم تعود إلى المغرب والجزائر وتونس ولبنان ومالى وبوركينا فاسو والسنغال، وبالقطع هؤلاء يحتاجون أن يصفق لهم المجتمع الفرنسى.
الوضع فى ألمانيا لا يفرق كثيرا، فقد خفتت أصوات اليمين المتطرف أمام توجه البلاد فى أوج أزمة كورونا للاعتماد على المهاجرين واللاجئين فى معالجة نقص اليد العاملة خاصة فى الصحة والزراعة خلال فترة الحصاد هذا العام. فقد أعلنت ولاية سكسونيا، حسب موقع «دوتش فيليه»، عن دعوتها للأطباء المهاجرين للمساعدة، بغض النظر إن كانت اجراءات الترخيص لمزاولة الطب اكتملت أم لا، وقد استجاب المئات للنداء وتلقوا ترحيبا بمساعدتهم.
ويروى شادى شحادة، وهو طبيب مهاجر، قدم إلى ألمانيا من سوريا قبل أشهر بتأشيرة للباحثين عن عمل من ذوى المؤهلات العليا، كيف تم إلغاء اختبار اللغة الألمانية الذى كان يحتاجه للعمل كطبيب فى ولاية سكسونيا بسبب فيروس كورونا. الأمر نفسه حدث فى هامبورج التى قال المسئولون عن الصحة بها إن المهاجرين واللاجئين من ذوى المؤهلات المناسبة مرحب بهم للتقدم للعمل، بغض النظر عن إقامتهم أو وضعهم الوظيفى.
القصص فى بريطانيا وفرنسا وألمانيا ربما لها ما يماثلها فى إيطاليا وهولندا وبلجيكا وأسبانيا، حيث يمد المهاجرون يد العون، لكن يبقى السؤال: هذا التحول الذى أحدثه فيروس كورونا فى تصرفات العديد من الحكومات والشعوب الأوربية، هل هو وليد لحظة ضعف يمليها الوباء، أم هو علامة على تقارب منتظر بين البشر باعتبار أنهم يركبون سفينة واحدة فى بحر الحياة المتلاطم الأمواج؟!

التعليقات