لماذا ـ دائمًا ـ سؤال التوريث؟ - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الأربعاء 8 مايو 2024 1:22 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لماذا ـ دائمًا ـ سؤال التوريث؟

نشر فى : الخميس 20 أغسطس 2009 - 10:00 ص | آخر تحديث : الخميس 20 أغسطس 2009 - 10:00 ص

 عادة ما تفتح الزيارات المتعددة التى يقوم بها الرئيس مبارك للخارج «كوة صغيرة» فى جدار الصمت والغموض الذى يغلف كثيرا من الأوضاع والسياسات التى تمس مصالح المصريين، أو تلقى الضوء على المستقبل.

وقد تجيب عن بعض التساؤلات التى تتردد فى الشارع المصرى وفى دوائر الأحزاب والقوى السياسية. وغالباً ما تكون هذه «الكوة الصغيرة» من خلال الأحاديث والتصريحات التى يدلى بها الرئيس لإعلاميين أجانب فى وسائل إعلام أجنبية.

وغالبا ما تكون أيضاً أكثر صراحة وشفافية مما يقال فى الداخل.. ولا يتردد الصحفى الأجنبى فى أن يكون أكثر إلحاحاً وجرأة فى السؤال دون أن يتحرج من تسمية الأشياء بأسمائها، وإثارة موضوعات محظورة لا يجرؤ حتى مجلس الشعب على إثارتها!

ومن خلال هذه الكوة الضيقة التى انفتحت فى حوار الرئيس مبارك مع المذيع الأمريكى تشارلى روز أثناء زيارته إلى واشنطن، أتيح للشعب المصرى أن يعرف أن مسألة التجديد لفترة رياسية قادمة مازالت بعيدة.

ولا يشغل باله فى الفترة الحالية من سيخلفه، وأن تفكيره منصب حاليا على إنجاز برنامجه الانتخابى الذى وعد به عام 2005، وتجاهل الرئىس الإجابة عما إذا كانت هذه الفترة التى تنتهى بعد أقل من عام ونصف هى الفترة الأخيرة فى ولايته، مؤكدا أنه لا يفكر فيما إذا كان سيجدد أو لا يجدد؟

وعلى الرغم من أن الرئىس لم يعط فى إجاباته أى إشارة إلى موضوع الخلافة فقد واصل الصحفى الأمريكى تشارلى روز إلحاحه فى قضية التوريث. وقد أنكر الرئيس أن يكون له دور فى خلافة جمال. وقال إن الشعب هو الذى سيختار الشخص الذى يثق فيه.

وأنه لم يناقش هذه المسألة أبداً مع نجله، الذى بدا عازفا عن السياسة وعن الانضمام للحزب الوطنى فى مستهل حياته العملية حين اشتغل فى بنك لندن.

لم تكن هذه هى المرة الأولى التى يوجه مثل هذا السؤال بمثل ذلك الإلحاح إلى الرئيس، وأن ينفى مجرد التفكير فى ترشيح جمال للرياسة، فقد كرر تأكيده هذا عدة مرات وفى مناسبات وبصيغ مختلفة.

وفى أغلب الحالات فى حوارات مع وسائل الإعلام الخارجية، حيث تتحرى وسائل الإعلام وأجهزة الاستخبارات عامة فى الدول الصديقة وغير الصديقة احتمالات التغيير فى السلطة، وبالذات فى الدول ذات الأهمية الاستراتيجية مثل مصر.

ومحاولة التعرف على أبرز الشخصيات السياسية المرشحة سواء بحكم موقعها فى سدة الحكم أو فى موازين القوى الغالبة فى المجتمع.. هذا فى الدول التى تخضع لأنظمة مازالت تبحث عن طريقة آمنة للحكم.

أما الدول التى تحكمها أنظمة انتخابية ديمقراطية ولها تاريخ وتجربة فى هذا المجال، فإن مراقبة الموقف عن كثب ومتابعة الصعود والهبوط فى المسرح السياسى بين الأحزاب والقوى المتنافسة، يكفى للتنبؤ بالمستقبل دون حاجة لتوجيه مثل هذه الأسئلة الحرجة..

التى لا نشك فى أن أحداً من كبار المسئولين المصريين أو من أعضاء وفودنا الرسمية إلى الخارج ومن جانب السفراء والمبعوثين الدبلوماسيين فى الداخل قد واجهها أو وجهها.

على مدى تاريخ ولاية الرئيس مبارك، ظل هذا السؤال الوحيد الذى احتفظ به الرئىس لنفسه، ولم يقدم إجابة شافية له، على العكس من أسئلة أخرى أجاب عنها فى حواره مع الإعلامى الأمريكى حول احتمالات عملية السلام. ولهذا ظل الاهتمام مركزاً على الأوضاع الداخلية: حل مجلس الشعب، قضية التوريث ودور جمال مبارك فى السياسة الداخلية.

وصول الإسلاميين إلى الحكم والعلاقة مع الإخوان المسلمين.. وكلها بالفعل من المسائل الشائكة التى ولدت قدراً من عدم الاستقرار، ولا توجد إجابات واضحة عنها أو حتى لفهمها. والتى تهم الشعب المصرى أكثر من اهتمامه بالصدامات المستمرة بين فتح وحماس وعجز الفلسطينيين عن توحيد صفوفهم، ومناورات نتنياهو لفرض الاستيطان والتنصل من أية التزامات دولية. والموقف من إيران وملفها النووى، والعلاقات مع الشيعة وحزب الله.

وهكذا تظل الإجابة عن سؤال التوريث أو التجديد ومستقبل الحياة السياسية فى مصر، خارج الحساب والجواب.. حيث لن تتحدد الإجابة عن هذا السؤال إلا فى مصر، مهما بدت الحاجة إلى الإعلام الأمريكى لإكمال الصورة.

وربما لهذا السبب كلما خفت حدة الجدل والنقاش فى مصر حول مستقبل النظام السياسى والمسار الذى يمكن أن تسلكه الديمقراطىة وحركة الإصلاح فى الداخل، اشتعلت المقالات والحملات فى الصحف ووسائل الإعلام الأجنبية عن احتمالات حدوث فوضى سياسية فى مصر.

وارتفع صوت القوى المعارضة للرئيس مبارك فى الخارج، وقد نقلت الصحف ووسائل الإعلام كيف تحولت المظاهرات حول السفارة المصرية فى واشنطن إلى مبارزة سياسية بين التأييد والمعارضة، جمعت مختلف العناصر من الناشطين السياسيين. وبدا ـ للأسف ـ وكأن المصريين لا يملكون القدرة على ممارسة الحرية والتعبير عن آرائهم إلا فى أجواء أمريكية أو تحت أعلام أمريكية!!






 

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات