تطوير محور قناة السويس قبل فوات الأوان - علاء الحديدي - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 9:30 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تطوير محور قناة السويس قبل فوات الأوان

نشر فى : الإثنين 22 مايو 2017 - 9:40 م | آخر تحديث : الإثنين 22 مايو 2017 - 9:40 م

تداولت وسائل الإعلام الدولية والمحلية أخبار قمة «الحزام والطريق للتعاون الدولى» التى استضافتها بكين يومى ١٤ و١٥ مايو الحالى، وشارك فيها زعماء ٢٩ دولة بين رئيس ورئيس حكومة، فضلا عن ١٥٠٠ شخصية يمثلون ١٣٠ بلدا. وكان الخبر الأبرز هو إعلان الرئيس الصينى شى جين بينج فى كلمته الافتتاحية عن قيام بلاده بتمويل مشروعات بـ١٢٤ مليار دولار لطريق الحرير الجديد. فكيف يختلف الطريق الجديد عن القديم؟ ثم ما تأثير ذلك على قناة السويس؟ وأخيرا كيف تستفيد مصر منه؟
من المعروف أن طريق الحرير القديم كان يربط أسواق الصين القديمة (ومن أهم منتجاتها الحرير ومن هنا التسمية) بأسواق أوروبا والشرق الأوسط. وكان هذا الربط يتم من خلال عدة طرق برية تبدأ من غرب الصين، وتمر عبر العديد من الوديان والجبال والصحارى فى آسيا الوسطى، حتى تصل إلى الحدود الشرقية للعالم الإسلامى ومنها بعد ذلك إلى أوروبا. وكانت هذه الرحلة تستغرق أشهرا طويلة قد تمتد أحيانا لسنوات، تقطع خلالها آلاف الكيلومترات على ظهور الجمال، سواء فى الذهاب أو الإياب. وكان من أشهر التجار الأوروبيين الذين قطعوا هذه الرحلة ماركو بولو الذى ألهب بما كتبه خيال من أتوا بعده.
ولا يوجد شك فى الأهمية التى تعولها الصين على تجارتها مع دول آسيا الوسطى التى تعد الفناء الخلفى لها. وقد لمست ذلك بنفسى حين قمت بزيارة كل من دوشنبه عاصمة طاجيكستان وعشق أباد عاصمة تركمنستان كسفير غير مقيم لمصر بين ٢٠١٠ و٢٠١٢، وشاهدت كم البضائع والسلع الصينية الموجودة فى الأسواق الشعبية وغير الشعبية. ولهذا كانت بداية المبادرة فى عام ٢٠١٣ من أجل هذه الدول، إلا أن الطموح الصينى بعد ذلك لم يقتصر على دول آسيا الوسطى ولكنه امتد إلى الأسواق الأوروبية. وقد تناقلت الصحف أخيرا تدشين أول رحلة قطار لنقل البضائع من الصين إلى بريطانيا، والعكس. وقد سبق ذلك العديد من مشروعات الربط بالسكك الحديدية من الصين إلى كل من بولندا وإسبانيا، حيث تطمع كل منهما أن تكون المحطة الرئيسية لحركة نقل البضائع بين أوروبا والصين عن طريق خطوط السكك الحديدية سواء الموجودة أوالمزمع إنشاؤها لهذا الغرض تحديدا. ولن أتحدث عن تركيا ورئيسها وما تقدمه من مشاريع لتكون المعبر البرى الرئيسى بين آسيا وأوروبا.
يثير ما تقدم التساؤل حول تأثير ما تقدم على قناة السويس، خاصة أن العديد من هذه الطرق البرية وخاصة السكك الحديدية يتم مقارنته بطريق قناة السويس. وتذهب بعض الدراسات إلى أن الرحلة البرية تستغرق نحو نصف الوقت مقارنة بالرحلة البحرية لنفس المسافة. فهل يعنى ذلك تقلص دور قناة السويس وتحول التجارة الدولية عنها؟ الإجابة تأتى من صلب المبادرة الصينية ذاتها التى تتحدث عن طريق الحرير «الجديد»، والجديد هنا هو الطريق البحرى وفى القلب منه قناة السويس. إذن نحن نتحدث عن إحياء طريق برى قديم، وإنشاء طريق بحرى جديد. يأتى فى هذا الإطار قيام الرئيس الصينى بالإعلان عن ضخ ٤٦ مليار دولار فى باكستان أثناء زيارته لها فى عام ٢٠١٥ لتمويل العديد من المشروعات وعلى رأسها تشييد طريق كاراكورام البرى السريع لربط المقاطعات الصينية المتاخمة للحدود مع باكستان مع ميناء جوادارالباكستانى على المحيط الهندى. وقد تم تخصيص مليار دولار للميناء الباكستانى والمخطط له أن يكون المنفذ البحرى للمنتجات الصينية لشحنها عن طريق البحر إلى الأسواق العالمية عبر العديد من الخطوط الملاحية التى يمر معظمها من قناة السويس. فأين نحن من ذلك؟
لا شك لدى أن تطوير منطقة قناة السويس محل اهتمام الصين ومحور أى حديث بين المسئولين المصريين ونظرائهم الصينيين. ولا مجال هنا لسرد ما يمكن فعله بعد أن أسهب العديد من الكتاب فى تعداد كم وحجم المشروعات والخدمات التى يمكن تقديمها لتتحول منطقة قناة السويس إلى المشروع القومى الذى نحلم به جميعا. ولذلك أحزننى كثيرا عدم مشاركة السيد المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء فى هذه القمة مع كامل احترامى لمن شارك فيها من مصر. ومهما كانت الارتباطات أو الالتزامات المسبقة، فكلما ارتفع مستوى التمثيل فى مثل هذه المحافل، دل ذلك على مدى الاهتمام والتقدير الذى توليه الدولة لهذا الحدث. وأتمنى ألا نكون أسرى مقولة «الموقع الاستراتيجى» الذى كان حقا لا غنى عنه فى الماضى، ولكن مع التقدم التكنولوجى والتطورات السريعة والمتلاحقة على الساحة الدولية فإن الأوضاع تتغير. ولعل أبرز هذه الأوضاع الجديدة ما تشهده منطقة البحر الأحمر من تطوير فى عدد من الموانئ التى كانت إلى عهد قريب غير ذات أهمية. ومن الطبيعى أن تبدأ هى الأخرى فى التفكير فى كيفية الاستفادة من المبادرة الصينية بإنشاء طريق حرير بحرى، وهو ما يعنى ظهور منافسين على نفس الطريق الملاحى الذى يمر بالبحر الأحمر ويستطيع أن يقدم من الخدمات والمشاريع ما يمكن أن تقدمه قناة السويس. وأشير هنا إلى ما ذكره الصديق الدكتور إبراهيم نوار بصفحته على موقع الفيسبوك بتاريخ ١٤ مايو، من أنه يتم حاليا تطوير ميناء جيبوتى لتصبح المركز اللوجيستى لتجارة الصين مع شرق إفريقيا وكذلك تجارة الصين العابرة للبحر العربى والبحر الأحمر. ولا أستبعد أن تخطو دول أخرى على البحر الأحمر نفس الخطوة. فهل يمكن الانتهاء من تطوير محور قناة السويس قبل أن تسبقنا دول وموانئ أخرى؟

التعليقات