ثلاثة تطورات هامة حول الحرب المستمرة - ناصيف حتى - بوابة الشروق
السبت 7 ديسمبر 2024 5:49 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ثلاثة تطورات هامة حول الحرب المستمرة

نشر فى : الإثنين 22 يوليه 2024 - 6:25 م | آخر تحديث : الإثنين 22 يوليه 2024 - 6:25 م

 شهدنا فى الأيام الأخيرة ثلاثة تطورات هامة تتعلق بالحرب الدائرة التى دخلت شهرها العاشر. الحرب التى  بدأت  بالغزو الإسرائيلى لغزة ثم توسعت بالجغرافيا والقوة القتالية والأطراف والأهداف، خاصة على الجبهة اللبنانية، مع استراتيجية «وحدة الساحات» كرد على الحرب الإسرائيلية على غزة.

أول هذه التطورات دخول الجولان السورى المحتل كإحدى ساحات المواجهة ولو ما زالت تلك المواجهة منخفضة نسبيا، لكن الموقع الجغرافى لتلك الساحة يدفع لأن يزداد دورها المباشر وغير المباشر أيضا، كممر، فى الحرب الدائرة، خاصة على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية. نضيف إلى ذلك توسع الحرب إلى البحر الأحمر ذات الأهمية الاستراتيجية بشكل خاص كممر من آسيا إلى البحر الأبيض المتوسط وأوروبا. الهجوم الإسرائيلى على ميناء الحديدة اليمنى وعلى خزانات الوقود ومحطة الكهرباء هناك ضمن سياسة الرد على المشاركة الحوثية فى حرب وحدة الساحات، واعتراض القوات الإسرائيلية لصواريخ حوثية قرب مرفأ إيلات يشكل خطوة جديدة ونوعية فى جغرافيا التصعيد الحاصل. 

ثانى هذه التطورات ما صدر عن محكمة العدل الدولية، الرأى الاستشارى أو الفتوى الاستشارية الصادرة، بناء على طلب الجمعية العامة للأمم المتحدة، بشأن الإجراءات والتبعات القانونية لسياسات وممارسات إسرائيل والتى يمكن اختصارها بإنهاء الاحتلال وكافة أنشطته وأوجهه فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، ودفع التعويضات المطلوبة لذلك. الأمر الذى يجب أن يوفر فرصة جديدة للجمعية العامة للأمم المتحدة لمعاودة إصدار قرار أسوة بما حصل فى العام الماضى لدعم طلب فلسطين الحصول على العضوية الكاملة فى المنظمة الدولية، وسقط العام الماضى بسبب الفيتو الأمريكى. ورغم أن لجوء واشنطن إلى استعمال الفيتو أمر غير مستبعد إذا ما أعيدت الكرة لكن ذلك يبقى ضروريا. إنه يشكل خطوة أولى وأساسية للدفع نحو إطلاق مسار التسوية السلمية الشاملة القائمة على حل الدولتين. فلا يكفى للقوى الدولية الفاعلة القول «إننا مع حل الدولتين» والاكتفاء بذلك. رغم صعوبة تحقيق هذا الحل إلا إنه يبقى الحل الوحيد الممكن لإقامة السلام الفعلى والعادل والدائم. التراجع عن هذا الهدف يعنى عمليا القبول بالحلول المؤقتة التى تعنى عمليا الهروب إلى الأمام وإلى مزيد من التعقيدات والصعوبات التى تمنع تحقيق السلام الفعلى.

ثالث هذه التطورات تتعلق بالقرار الصادر، وللمرة الأولى عن الكنيست الإسرائيلى برفض إقامة دولة فلسطينية: قرار غير مفاجئ فى طبيعته وتوقيته. قرار يذكر أن الحل الإسرائيلى «للمسألة الفلسطينية» يقوم حسب السياسة الإسرائيلية الواضحة فى الخطاب والممارسة على استكمال إقامة إسرائيل الكبرى من وادى الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط مع ربما إعطاء صلاحيات إدارية أو بلدية محلية لكانتون فلسطينى أو ضمن أى صيغة أخرى لا تمس بهدف تحقيق إسرائيل الكبرى. بالطبع غزة ليست ضمن هذه الرؤية الدينية الأصولية لإسرائيل الكبرى وبالتالى يمكن إيجاد ترتيبات خاصة بها.

يحصل ذلك عشية زيارة بنيامين نتنياهو لواشنطن وإلقاء خطابه أو توجيه رسائله عبر هذا الخطاب أمام مجلسى الشيوخ والنواب، أولا للداخل الإسرائيلى لتعزيز موقفه من خلال خطاب التشدد المنتظر، وثانيا للحليف الأمريكى الرسمى حول ما هو مطلوب، وثالثا لطرفى المعركة عشية الانتخابات الرئاسية حول مطالب إسرائيل من الإدارة الجديدة التى ستفرج عنها الانتخابات فى مطلع نوفمبر القادم.

نعيش اليوم مرحلة تقطيع الوقت سواء ما يتعلق بملء الفراغ الرئاسى فى لبنان أو فى التوصل إلى التسوية لوقف إطلاق النار على أساس ترتيبات جديدة فى غزة، إذ هنالك مسافة شاسعة فى النظر إلى طبيعتها بين الأطراف المتحاربة. من الأرجح أن تستمر الحرب على جبهاتها المختلفة والمترابطة ضمن احترام قواعد قتال مقيدة وضابطة دون أن يعنى ذلك غياب أى مخاوف من انزلاق نحو حرب مفتوحة ستكون دون شك ذات طبيعة إقليمية أوسع وأشمل وتداعيات أكبر لاحقا. لكن من المرجح أن تستمر الحرب، كحرب استنزاف ذات وتيرة تشهد تصعيدا وتخفيضا، توسعا وتقلصا فى ميدان القتال كما نشهد حاليا. كل ذلك حتى ينجلى الموقف غداة الانتخابات الرئاسية فى الولايات المتحدة بسبب الرهانات العديدة والمختلفة للأطراف المتواجهة حول اليوم التالى لتلك الانتخابات، وبهدف التوصل إلى «التسوية الكبرى» أو التسوية بين الفاعلين الكبار.     

ناصيف حتى وزير خارجية لبنان الأسبق
التعليقات