يسعدنا تفاؤلكم.. فقط.. لا تغتالونا - حسام السكرى - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 11:40 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

يسعدنا تفاؤلكم.. فقط.. لا تغتالونا

نشر فى : السبت 23 يناير 2016 - 11:20 م | آخر تحديث : السبت 23 يناير 2016 - 11:20 م
عندما غنى على الحجار أغنية «إحنا شعب وهم شعب»، بدا للوهلة الأولى أنها قادرة على تفسير خلاف اتسعت شقته حول الرؤية والمنهج والمشروع الذى يمكن أن يحقق المصلحة للناس.
نحن الآن بعيدون تماما عن هذه النقطة. أصبح الشعبان شعوبا، دون خلاف حول الرؤى لأنها فى الواقع وباختصار غير موجودة، ولا على المشاريع أو الخطط لأنها لا تعلن خوفا من الأشرار.
من الصعب أن نتحدث، أو نختلف حول المستقبل، فى حين أننا عاجزون حتى عن رؤية الواقع. خاصة مع الظهور التدريجى لمبادرات إعادة توصيف ما يجرى، بقيادة متفائلين يشفعون توصيفهم دوما بنصائح ومطالبات بنبذ الكآبة والتخلى عن نشر السلبية ومشاعر الإحباط.
ترجمة هذا على أرض الواقع تكون عادة بالكتابة عن الأمل المنتشر فى ربوع الوطن بعد كل رحلة تنظمها أجهزة التوجيه المعنوى، والأهم من ذلك أن ينتهى الحديث دوما بوصلة صارت معتادة، عن المتشائمين المؤدلجين المسيسين، الذين تتحكم فيهم أهواؤهم ويرفضون رؤية الواقع المبهر الذى تخطو مصر نحوه بثقة وثبات.
المشكلات التى تعترض هذا الطرح كثيرة. منها أن قطاعا ليس بقليل لا يستطيع أن يتغاضى عن الهوة التى نسير نحوها بتجاهل أبسط مبادئ الديمقراطية والمشاركة السياسية، وبالانتهاكات المستمرة وغير المبررة للقانون والعدالة وحقوق الإنسان، وبالتدهور المستمر لمتطلبات الحياة الأساسية من غذاء، وصحة، وتعليم.
المخرج السينمائى عمرو سلامة كتب أخيرا على صفحته فى فيسبوك يعتبر أن ما نمر به «من أسوأ الأيام اللى مرت فى تاريخ مصر»، ويقول إنه ليس متفائلا بالغد وإنما بما سيأتى بعده. «أنا متأكد إن بكره مش حلو وإننا رايحين فى داهية. بس أملى ان بعد بكره يبقى أحسن، ومتفائل جدا جدا، بما بعد الداهية».
المشكلة ليست خلافا حول نصف الكوب الذى ينبغى التركيز عليه، وهل هو النصف الملآن أم النصف الفارغ، كما يعتقد المتفائلون. ولا يحلها محاولاتهم للظهور بشكل موضوعى يرى النصفين بالحديث بين حين وآخر عن الطفل محمود «معتقل التيشيرت»، أو عن الطبيب طاهر مختار الذى كان يناضل ضد الإهمال الطبى فى السجون، أو عن محمد نبيل الناشط فى مجال رعاية المحبوسين، أو غيرهم من ضحايا الظلم أو السجن الاحتياطى الممتد.
عزيزى الكاتب «المتزن»، لا توجد مشكلة فى نشر التفاؤل، خاصة عندما يكون الناس ومبادراتهم هى منبعه. فقط أرجوك ألا توظف تفاؤلك لتبرير القمع، أو لاغتيال زملائك الكتاب معنويا عندما يختارون محاربة الديكتاتورية والانتهاكات.
الأهم من ذلك هو أن تتذكر أن الموقف من الحريات الأساسية لا تغيره إنجازات من أى نوع. فحتى لو خرجت الكفتة من جهاز عبدالعاطى، ولو امتدت التفريعة لتصبح قناة موازية، ولو تحولت ديون القناة إلى أرباح غطت تكاليف حفرها وفاضت، ولو ظهرت المليون شقة وسكن فيها الفقراء، ولو امتلأت خزائن البلاد بأموال صفقات مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادى لا ينبغى أن توالس أو تتغاضى عن امتهان الإنسان وكرامته، كما لا ينبغى أن تشوه من جعلوا هذه رسالتهم. فكل إنجازات العالم لا تبرر ظلم برىء أو تعذيب إنسان.
حملتك على «المتشائمين وناشرى الكآبة» ليست خلافا حول رؤية الواقع، بقدر ما هى موقف من الإنسانية.
التعليقات