مقالب السوشيال ميديا... ثقافة التنمر والترهيب ومواجهة الموت - مواقع عربية - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 12:39 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مقالب السوشيال ميديا... ثقافة التنمر والترهيب ومواجهة الموت

نشر فى : الثلاثاء 23 أغسطس 2022 - 7:40 م | آخر تحديث : الثلاثاء 23 أغسطس 2022 - 7:40 م
نشر موقع رصيف 22 مقالا للكاتبة إيناس حقى بتاريخ 22 أغسطس تناولت فيه مخاطر مشاهدة الأطفال لفيديوهات المقالب على الإنترنت دون رقيب، مع اقتراح بعض الحلول لمواجهة ذلك... نعرض من المقال ما يلى.
ترافق سطوع نجم مواقع التواصل الاجتماعى مع ظهور فئة من صناع المحتوى التى تركز بشكل أساسى على جمهور المراهقين والشباب، تقوم بإنتاج أشكال وأنواع متعددة من فيديوهات المقالب والتحديات.
يركز هذا النوع من المحتوى على المفاجأة التى تصور رد الفعل الحى لضحية المقلب وتراوح أنواع المقالب بين المضحك والمسلى، وتنتشر أيضا بين الأصدقاء فيديوهات المقالب التى تطورت شيئا فشيئا لتتحول إلى صناعة تتطلب إنتاجا ضخما يشبه برامج الكاميرا الخفية العربية التى شهدناها فى السنوات الأخيرة.
ترافق نجاح هذا النوع من المحتوى مع تحول صناعه على منصات التواصل الاجتماعى إلى نجوم بين المراهقين وتحول عملهم إلى صناعة تدر المال، وبدأ يصبح لهم تمثيل فى الصناعة من حيث إن لكل منهم وكيل أعمال وناشرا وفريقا يساعدهم فى إدارة وإنتاج المحتوى.
وفى مرحلة من المراحل كانت إحدى أشهر هذه المجموعات مجموعة اسمها «فلوغ سكواد» بقيادة يوتيوبر مشهور اسمه «ديفيد دوبريك».
خرج أحد أفراد مجموعة دوبريك على الإعلام فجأة العام الماضى ليعلن أنه كاد يموت بسبب إحدى المخاطرات أثناء تصوير فيديو، إذ تعلق «جيف» بحبل مربوط برافعة يقودها «دوبريك»، وبسبب خطأ ما، بدل أن يقع جيف فى البحر ضربته الرافعة على وجهه وهشمت جمجمته، وأعلن حينها أنه لن يقاضى دوبريك، ولكن الفضيحة رافقتها فضائح أخرى، واتضح أن المجموعة كانت قائمة على علاقات قوة مبنية على التحرش والتنمر على الآخرين، وفى حال عبر أحد أعضاء الفريق عن رفضه لطرق دوبريك تم تهديده بالطرد من المجموعة وبالتالى حرمانه من العائد المادى الهائل.
لا يبدو لهذا العالم العجيب أى صلة بعالمنا العربى ومشاكله، لكننى أروى لكم هذه الحكاية اليوم لأطلعكم على ما يشاهده أطفالنا حين لا نراقب المحتوى الذى يستهلكونه.
يقلق الأهل من أن يخطر فى بال أولادهم تقليد هذه المقالب وتعريض حياتهم للخطر، وهم محقون بأن هذا هو الخطر الأشد، ولكن للأمر جوانب أخرى تثير القلق بدورها وهى تطبيع ثقافة قائمة على التنمر وترهيب الآخرين بهدف إضحاك المجموعة. ثقافة تهدف فى جوهرها إلى إذلال أحدهم أو إيذائه كى يضحك البقية، أما من يدافع عن الضحية أو يحاول الإشارة إلى تمادى المجموعة فيخرج مباشرة من جنة الشهرة والأموال والشعبية، ويطرد إلى عالم «العاديين والعاديات».
يبدو عالم صناع المحتوى اليوم أشد تعقيدا من أى وقت مضى، لا سيما فى ظل انفلاته من قوانين ناظمة، وفى ظل عدم إمكانية السيطرة على نوع المحتوى الذى يستهلكه الأطفال والمراهقون، وفى ظل انفلات ثقافة العنف والتنمر، وبشكل أساسى بسبب أن المكافأة المادية قائمة على جذب أكبر عدد ممكن من المشاهدين للمحتوى، وبالتالى كلما كان المحتوى أشد غرابة، كانت المكافأة أكبر.
لست أدعو هنا إلى إغلاق هذه المواقع ولا إلى منع الأطفال من مشاهدتها، لأننى أعتقد أن الحرمان سيؤدى إلى تأزيم الموقف ما دام كل الأطفال الآخرين يشاهدون، ولكننى أدعو للتفكير بالموقف، إذ لا أمتلك حلولا جاهزة للمعضلة.
لعل أفضل الخيارات المتاحة اليوم هو أن يشاهد الأهل الفيديوهات الأكثر انتشارا مع أولادهم ويشرحوا لهم الجوانب السلبية التى يرونها فيها، أو لعل الحل يتمثل فى محاولة توجيههم باتجاه كميات هائلة من المحتوى التعليمى المسلى والقنوات المفيدة خاصة فى مجالات تعلم الهوايات والمهارات. ولعل الطريقة الوحيدة التى نمتلكها اليوم فى مواجهة عالم العنف والتنمر والشراهة هو أن نتعلم ونعلم المزيد من اللطف والمحبة، علنا لا نغرق كبارا وصغارا فى طوفان المحتوى البشع الذى يحيط بنا من كل حدب وصوب.
النص الأصلى

التعليقات