متى يزول الكابوس؟ - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 8:49 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

متى يزول الكابوس؟

نشر فى : الإثنين 25 يونيو 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 25 يونيو 2012 - 8:00 ص

إذا استيقظ المصريون اليوم وقد زال عنهم كابوس الانتخابات الرياسية، وعادوا يسعون إلى أعمالهم وأرزاقهم ويفكرون فى مستقبل حياتهم، فلابد أن يتأكدوا أولا من أن ما أقدموا عليه من انتخاب رئيس لهم قد أحسنوا اختياره، وأن دولة القانون هى التى انتصرت على الأهواء والانتماءات وليس على الأشخاص والتحزبات والجماعات.. لابد أن يعود الجميع إلى حكم القانون، واحترام أحكام القضاء، وأن يستمد الرئيس الجديد سلطته من وحدة الشعب وليس من ائتلاف أحزاب أو جماعات..

 

وإلا فنحن ذاهبون إلى مسلسل للرعب، يزداد فيه الاستقطاب بين فئات المجتمع وبين القوى السياسية المتنافرة. ويصبح «الوفاق» أو «الجبهة الوطنية» مجرد كلمة أو إجراء شكلى، تتجمع فيه كما فى كل مرة أطياف من الطامحين للزعامة وحب الظهور!

 

لذلك لم يكن غريبا أن تغرى حالة الانقسام التى شهدتها البلاد، أطرافا وقوى خارجية من واشنطن وغيرها، بتوجيه انتقاداتها إلى المجلس العسكرى وإلى السلطات المصرية لحثها على الإسراع بتسليم السلطة إلى الرئيس المنتخب، واحترام حقوق المصريين دون تمييز.. ومن الطبيعى أن تثير هذه التصريحات غضب الشعب المصرى وترى فيها تدخلا فى شئونه الداخلية دون دعوة من أحد، ودون إدراك أو تقدير لطبيعة الظروف التى أدت إلى تأخير إعلان النتائج.

 

فى التصريحات الأمريكية والأوروبية، وفى عديد من المقالات الأجنبية محاولات واضحة للإيقاع بين المؤسسة العسكرية وبين التيار الإسلامى، وإثارة الأحقاد بين الطرفين بما تتضمنه من اتهامات للمؤسسة العسكرية بأنها تتحرك فى الاتجاه المعاكس للحرية والديمقراطية.. الأمر الذى يوحى باحتدام الصراع على السلطة. فإذا تحقق فوز الإسلاميين بمنصب الرئيس ستكون هذه هى المرة الأولى ــ طبقا لما تنشره هذه الصحف ــ التى تجرى فيها انتخابات شرعية فى الربيع العربى ينتج عنها اختيار رئيس الدولة.

 

هذه التكهنات تشير إلى أن الإدارة الأمريكية هيأت نفسها للتعامل مع الإخوان المسلمين، وهى تتعجل تسليمهم للسلطة بكل الوسائل فى أقرب وقت ممكن. وقد شهدت الفترة الأخيرة طابورا طويلا من وفود وممثلى التيار الإسلامى الذين اصطفوا فى واشنطن عقب القرار الذى أدى إلى حل مجلس الشعب.

 

لا أحد يدرى إلى أين ستتجه البلاد فى حالة ما إذا نجح محمد مرسى وحزب الحرية والعدالة وأنصاره من الإسلاميين فى تحقيق أهدافهم. برفض إعلان الدستور المكمل، وإلغاء قرار المحكمة الدستورية الذى أفضى لحل مجلس الشعب، وإلغاء الضبطية القضائية. إذا أصر المجلس العسكرى على التمسك بقراراته الأخيرة؟ وماذا ستكون النتيجة لو ثبت أن تسويد البطاقات ينطوى على عمليات تزوير واسعة من جانب الإخوان أقحمت فيها المطبعة الأميرية، خصوصا وأن تقرير كارتر ألمح إلى ذلك بدون مواربة.

 

وكشفت الطعون أن كلا الطرفين أسهم فى عمليات التزوير بدرجة أو بأخرى؟ هل نعترف بنزاهة الانتخابات إذا فاز الإخوان أم نعترف بتزويرها إذا فشل الإخوان وفاز شفيق؟!

 

ولكن الأخطر من ذلك أن القرارات التى صدرت عن المحكمة الدستورية العيا، كانت ناجمة عن قوانين اتسمت بالعوار الدستورى. وحدث نفس الشىء بالنسبة لتشكيل الجمعية التأسيسية للدستور، فجاءت مناقضة لأحكام القضاء الإدارى. ومع ذلك استمر تشكيلها واجتماعها دون تغيير.

 

هذه السلسة من القوانين المعيبة هى التى سيجد محمد مرسى نفسه مضطرا إلى الحكم على أساسها، وهى التى يستند إليها فى تعبئة ميدان التحرير بالاعتصامات والمظاهرات. ولو افترضنا أنه أفلت من الأزمة الراهنة بشكل أو بآخر فسوف تظل هذه الأسئلة قائمة دون إجابة. وأغلب الظن أنها لابد أن تثار من جديد يوما ما.

 

أما إذا فاز شفيق بناء على عدد الأصوات بعد مراجعتها، فهو على الأرجح ما لن يقبله حزب الحرية والعدالة وأنصارهم من حزب النور والإسلاميين. وقد نشهد صدامات واشتباكات دامية. ربما أفضت فى النهاية إلى إعلان حالة الطوارئ واتخاذ إجراءات مشددة.

 

فى غضون ذلك تتردد أنباء قوية عن اجتماعات تعقد فى الغرف المغلقة بين العسكرى والإخوان، فى محاولة لفك تعقيدات المشكلة. وقد سعت شخصيات محايدة ومحترمة مثل البرادعى والكفراوى وموسى فى اتصالات بالمجلس العسكرى لإيجاد حل يضع نهاية لهذا الهوان الذى أذل الشعب المصرى وأخرجه عن صبره!

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات