احتساب مخاطر الاستثمار الجديد - محمد مكى - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 4:44 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

احتساب مخاطر الاستثمار الجديد

نشر فى : السبت 24 سبتمبر 2022 - 8:00 م | آخر تحديث : السبت 24 سبتمبر 2022 - 8:00 م
سيظل الخلاف مستمرا طويلا فى قضايا تزيد من السخط الشعبى، والذى كان جزءا كبيرا من عموم الناس، لا يبحث عنها فى أوقات سابقة، منها مثلا: هل الركود أفضل من التضخم، وهل زيادة الدين الخارجى يعطل الاستثمار والإنتاج، وهل الاستثمارات الاجنبية فى بعض الأصول المملوكة للدولة - التى يراها البعض بيعا لها - طوق النجاة من مخاوف متزايدة كل يوم عن مستقبل الوطن والأبناء.
فى قضية الاستثمارات الاجنبية فى بعض الأصول المملوكة للدولة ستجد مدراس تعظم من قيمة التخارج وبيع الأصول باعتباره استثمارا يعظم من إيرادات الدولة وأنها فى الأصل رقيب ومنظم وهو ما يحدث فى كثير من البلاد التى تبنت سياسية السوق الحرة، فهناك خصخصة لكل القطاعات من صحية وخدمية وغيرها، وبين من يرى أن البيع هو خسارة لما فعله الآباء من ربط البطون من أجل حياة أفضل للأجيال القادمة، ومن الصعب تعويضه فى ظل اضطراب عالمى اقتصادى وسياسى نحن من أبرز ضحاياه.
نحن فى مصر ومن بعد الحرب الروسية الأوكرانية وهناك حالة تسارع فى هذه الظاهرة، وقد ظهر تنافس بين الصناديق السيادية العربية الثلاثة «السعودى والإماراتى والقطرى» ومن خلال أذرع تابعة لها تشترى شركات وبنوكا ارتبطت وجدانيا بتاريخ الوطن، وأصبحت التصفية والبيع والتخارج حديث كل بيت، موضوعة جنبا إلى جنب مع مصاعب اقتصادية يومية جعلت رائحة الامر ممجوجة حتى لو كانت فى محلها وتحقق عائدا.
لكن يظل أخطر ما فى الاستثمارات الاجنبية فى بعض الأصول المملوكة للدولة هو احتساب مخاطر البيع على المدى المتوسط والبعيد من فقد إيرادات سنوية ثابتة للدولة والموازنة العامة، كانت تلك الأصول تدر عوائد تساعد فى توفير خدمات ودعم للمواطن كان محدودا.. ويصبح معدما فى حالة عدم وجود بدائل وظرف اقتصادى يعلمه الجميع، خاصة وأن أسباب التخلي عن الأصول تظل موجودة، واستمرار فقد مزيد منها قائما بشدة.
فقد ربحية معتادة تدخل فى موازنة الدولة بشكل سنوى لا محالة سوف يؤثر على حالة الناس الاقتصادية، خاصة وأن خطة الدولة المعلنة هى تحقيق إيراد من عملية البيع بواقع 10 مليارات دولار سنوى ممتدة ومستمرة، ومن يقول إن من طلبات صندوق النقد ومؤسسات التمويل تخارجا للدولة من عدة أنشطة وإعطاء مجال أكبر للقطاع الخاص وإعادة هيكلة للاقتصاد وتصويب أخطاء موجودة به من استئثار الدولة وغلبة لها، عليه أن يجيب لماذا التخلى عن كل ما هو ناجح ويحقق فوائض وفى أنشطة استراتيجية من بنوك وأسمدة وشركات معلومات ونقل ومؤانئ، كما أن التخلى يتم بأسعار متدنية ولنا فى بيع حصة البنوك الحكومية فى التجارى الدولى عبرة.
لسنا ضد تعظيم الاستثمار شريطة أن يكون بتوسعة للمصانع وإدخال علوم وفنيات جديدة ويوفر فرص عمل جديدة ويقلل الاستيراد وإدخال قطاعات تحتاجها سوق كبيرة وفيها مزايا قلما تجدها فى سوق أخرى.
شهية كبيرة لصناديق الاستثمار العربية فى ظل فوائض مالية تتمتع بها وتبحث عن فرص فى كثير من الدول، لكن اختيارها نوعية معينة من الاصول داخل مصر أمر يجب أن يعاد فيه النظر.. وشراء قطاعات الأسمدة والكيماويات والاتصالات والرعاية الصحية والتعليم يحمل مخاطر، وعلى الدولة أن تفكر وتقيس مخاطر التوسع فى هذا النهج.
المفهوم من فلسفة الدستور المصرى أن هوية الاقتصادى المصرى أنه حر لكنه منضبط ووجود مؤسسات الدولة و«وثيقة ملكية الدولة»، لا يتعارض مع حماية بعض القطاعات وهو أمر ليس ترفا، خاصة مع توحش بعض المؤسسات فى شراء كل ما يمس حياة الناس، وما يحدث من توسع استثمارى خارجى فى القطاع الصحى نموذج وإنذار بالخطر.
دخول العالم فى «خطر كبير» ومعاناة من «الشلل» الاقتصادى بسبب الانقسامات المتزايدة بين الشرق والغرب، ومضاعفة المخاوف على الأمن الغذائى وأمن الطاقة والأمان النووى وتوسعة الهوة بين الدول الغنية والنامية يجعلنا مطالبين بالحفاظ على ميراث الآباء فقد يكون هو الملاذ الأخير.
التعليقات