مطلوب استفتاء شعبى - محمود عبد المنعم القيسونى - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 7:01 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مطلوب استفتاء شعبى

نشر فى : الجمعة 25 أبريل 2014 - 6:25 ص | آخر تحديث : الجمعة 25 أبريل 2014 - 6:25 ص

تعلن المادة ٤٦ من الدستور أن لكل شخص الحق فى بيئة صحية سليمة وحمايتها واجب وطنى تلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ عليها وعدم الإضرار بها.. كتب الله جل جلاله لا تناقش ولا تعدل وهذه حقيقة لا نقاش فيها. لكن قرارات جمهورية ووزارية ممكن مناقشتها والاعتراض عليها لو كانت فى غير صالح الشعب فهى قرارات بشرية قد يقصد من بعضها الخير لكن توابعها ضارة بل قد تكون مميتة. فإذا كان هناك شك فى التوابع أو عدم وضوح رؤية فواجب رفع الأمر بتفاصيله وحقائقه للشعب لاتخاذ ما هو فى مصلحته. خصوصا لو كان شعب مصر ذا أقدم حضارة عرفها العالم أجمع فشعب مصر ليس بقاصر كما كان يردد بعض المسئولين منذ سنوات.

•••

مصير شعب مصر لا يقرره عدد من رجال الأعمال مستغلين عدم وجود مجلس شعب ولا حكومة مكتملة الأركان. هؤلاء يريدون تحقيق مصالحهم بتطبيق منظومة شيطانية مذكور تفاصيلها فى تقارير دولية نشرت خلال شهر إبريل الجارى، يتحدون المنطق ويتجاهلون التقارير والدراسات والأبحاث العلمية الدولية المعترف بها. هذه التقارير نابعة من تجارب وأبحاث عملية علمية مؤكدة تثبت أن استخدام خام الفحم فى توليد الطاقة يشكل كارثة صحية وبيئية. أبعادها وتوابعها قاتلة ليس فقط على الدولة التى تستخدمه بل على المناخ العالمى. وهو الامر الذى سيدفع دول العالم مواجهة إساءة أى دولة للبيئة والمناخ على أرضها بوقف المعونات والمنح وتوقيع عقوبات دولية صارمة. هذه العقوبات لن تتحملها الدول النامية مثل مصر.

•••

ما حدث بمصر خلال الشهور الماضية يستحق التسجيل والتوضيح. ظاهريا أخذت الحكومة الانتقالية تعلن عن احتمال الموافقة على استيراد الفحم واستخدامه فى توليد طاقة مصانع الأسمنت. توجد أربعة عشرة مصنع الأسمنت إما وسط التجمعات السكانية أو قريبة جدا منها، وسبعة مصانع بعيدة عن التجمعات السكانية، ومخالفاتهم البيئية صادمة. وفى نفس الوقت أعلن مسئول بالحكومة فى تصرف مناقض يكشف حقيقة موقف الحكومة الانتقالية انه لا مفر من استيراد الفحم واستخدامه فى توليد الطاقة. تبع ذلك اشتعال الإعلام التليفزيونى والصحفى بالحملة النارية والهجومية والمقالات المدافعة عن استخدام الفحم بل وتجميله، وهى الحملة التى واجهها علماء أجلاء وكتاب صحفيون بمقالات تسرد الحقائق العلمية المؤكدة بهدف دق ناقوس الخطر. للأسف تلقى عدد من هؤلاء الكتاب الوطنيين وابلا من المكالمات المنتقدة والثائرة والغاضبة تعاتبهم على مقالاتهم، ثم تعلن الحكومة فى خطوة تجميلية انها تنتظر دراسة الأثر البيئى لاستخدام الفحم وذلك من وزارة البيئة لإتخاذ القرار المناسب، وتم فعلا تقديم الدراسة المطلوبة أواخر شهر مارس وهو تقرير وطنى مخلص يغطى كل الجوانب التى تعين قيادات الدولة اتخاذ القرار المناسب.

•••

صدر بعد ذلك قرار مجلس الوزراء الصادم والمناقض تماما للدستور أوائل شهر ابريل بالموافقة على استيراد الفحم واستخدامه فى توليد طاقة المصانع، أى تم تجاهل مشمول دراسة وزارة البيئة بل وبذكاء إدراج بعض معلوماته مع حذف كلمات ذات ثقل، أى ولا تقربوا الصلاة، والمؤسف أن الحكومة واقعيا كانت قد اتخذت قرارها فعلا منتصف شهر مارس أى قبل استلامها لدراسة وزارة البيئة فأصدرت قرارا بالموافقة على استيراد مائتين وخمسين مليون طن فحم عن طريق موانئ الجمهورية، رغم معرفتها أن معظم موانئ مصر إما ملاصقة لتجمعات سكنية واستثمارات سياحية باهظة أو قريبة منها. صدرت بعد ذلك تصريحات مفادها أن القرار لا رجعة فيه وأن هناك انطباع حكومى أن الضغوط وموجات الاعتراض مدفوعة من السيدة وزيرة البيئة وهذا إنطباع خاطئ ،إن ما يحدث الآن هو نتيجة تفاعل وطنى واعى عفوى متلاحق ومتضاعف وسريع جدا تتناقله شبكات الإنترنت. الآلاف يتبادلون التقارير والأبحاث العلمية والطبية الصادرة من منظمات دولية ومؤسسات علمية محترمة تؤكد مخاطر وسموم الفحم وتوابعه المميتة على صحة الانسان والبيئة. انها فزعة أضعاف ما حدث بدمياط ما بين عام ٢٠٠٦ وعام ٢٠٠٨ فى مواجهة مشروع مصنع أجريوم للكيماويات والذى إنتهى بإلغاء المشروع. المواجهة قادمة لا محال وسيتم إلغاء القرار بإذن الله تعالى.

محمود عبد المنعم القيسونى المستشار السابق لوزير السياحة ووزيرة البيئة
التعليقات