متى تعتذر مصر لإسرائيل؟ - أحمد يوسف أحمد - بوابة الشروق
الثلاثاء 7 مايو 2024 1:42 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

متى تعتذر مصر لإسرائيل؟

نشر فى : الخميس 25 أغسطس 2011 - 8:36 ص | آخر تحديث : الخميس 25 أغسطس 2011 - 8:36 ص

 أقدمت إسرائيل يوم الخميس الماضى على المزيد من جرائمها بحق الشعب المصرى، فقتلت خمسة من أفراد القوة الأمنية المصرية الموجودة على الحدود بدم بارد بعد توغل برى وجوى فى المنطقة الحدودية المصرية. كان من الطبيعى أن يجىء رد الفعل الشعبى على النحو الذى شاهدناه جميعا، خاصة وقد كان النظام السابق يحاول قدر الطاقة كبت المشاعر الوطنية المعادية لإسرائيل وسياساتها، لكن رد الفعل الرسمى لم يختلف نوعيا عن ردود الأفعال المماثلة فى ظل مبارك: الاحتجاج وطلب التحقيق والتوضيح وقبول الأسف أو الاعتذار، وعندما بدا لوهلة أن رد الفعل هذا يمكن أن يصعد قليلا إلى مستوى سحب السفير المصرى فى إسرائيل تم التراجع بعد سويعات عن هذا الموقف فى واقعة لا أريد فى هذه الظروف أن أصفها بما تستحق، أو أتوقف عند تفسيرها المقلق، مع أن خطوة سحب السفير ليست أمرا إدا، فقد سبق لنظام مبارك أن أقدم عليها مرتين فى واقعتى الغزو الإسرائيلى للبنان 1982 والعنف الإسرائيلى المفرط تجاه الفلسطينيين إبان انتفاضة الأقصى 2000، وما كان أجدرنا بهذه الخطوة، خاصة أن الاستخفاف الإسرائيلى بأرواح المصريين أدى إلى أكبر عدد من الشهداء فى الحوادث المماثلة، فقد كان الرقم القياسى ثلاثة شهداء فى 2004.

لم تر القوى الشعبية بحق أن ردود الفعل الرسمية كافية، ولذلك امتلأت صفحات الصحف وبرامج الفضائيات المصرية بمقترحات لخطوات إضافية منها على سبيل المثال إلغاء اتفاقيات تصدير الغاز لإسرائيل، وهى بالمناسبة لا تعد مخالفة لمعاهدة السلام كما يعتقد البعض، فكل ما هو مذكور فى هذا الصدد فى المحضر المتفق عليه للمواد 1، 4، 5، 6 والملحقين الأول والثالث لمعاهدة السلام هو أن العلاقات الاقتصادية بين الأطراف سوف تشمل مبيعات تجارية عادية من البترول من مصر إلى إسرائيل، وأن يكون من حق إسرائيل الكامل التقدم بعطاءات لشراء البترول المصرى الأصل والذى لا تحتاجه مصر لاستهلاكها المحلى، أى أن تصدير الغاز لإسرائيل فى ظل احتياج مصر إليه مخالف حتى لمعاهدة السلام نفسها.

لكن اللافت أنه على الرغم من تشديد ردود الفعل الشعبية على تعديل المعاهدة وإلغائها فإن أحدا لم يتوقف عند الدلالات القانونية للجريمة الإسرائيلية الأخيرة وما سبقها من جرائم، فالمعاهدة تتضمن إنشاء مناطق عازلة بين الطرفين ليس من حق أى منهما بطبيعة الحال القيام بعمليات عسكرية فيها، والجريمة الأخيرة تمت ليس فى المنطقة العازلة الإسرائيلية وإنما فى الأرض المصرية، وهو ما يمثل نموذجا مستقرا لانتهاكات إسرائيل للمعاهدة لم يتوقف القانونيون أو السياسيون عند دلالاته، مع أنه يعزز طلب التعديل أو على الأقل استغلال نص المادة السابعة من المعاهدة: «1- تحل الخلافات بشأن تطبيق هذه المعاهدة أو تفسيرها عن طريق المفاوضة. 2- إذا لم يتيسر حل هذه الخلافات عن طريق المفاوضة فتحل بالتوفيق أو تحال إلى التحكيم».

لا يتوقف خرق إسرائيل للمعاهدة عند هذا الحد، فالمادة الثالثة فقرة 1 (ج) تنص على تعهد الطرفين بالامتناع عن التهديد باستخدام القوة أو استخدامها بواسطة أحدهما ضد الآخر على نحو مباشر أو غير مباشر، كما تنص فى فقرتها الثانية على تعهد كل طرف بأن يكفل عدم صدور فعل من أفعال الحرب أو الأفعال العدوانية أو أفعال العنف أو التهديد بها من داخل أراضيه أو بواسطة قوات خاضعة لسيطرته أو مرابطة على أراضيه ضد السكان أو المواطنين أو الممتلكات الخاصة بالطرف الآخر.

على رجال القانون والدبلوماسيين والسياسيين أن يدرسوا إذن السلوك الإسرائيلى تجاه معاهدة السلام مع مصر ليس فى هذه الواقعة الأخيرة فحسب وإنما منذ توقيعها فى 1979، وأن يستخلصوا منه ما يؤيد الطلب المصرى المشروع فى التعديل. أما الإلغاء فعلى الرغم من أن مصر تملك حقه وفقا لمبدأ تغير الظروف، وكان لسياستها موقف شهير فى هذا الصدد عندما أقدم مصطفى النحاس على إلغاء معاهدة 1936 مع بريطانيا إلا أن خطوة الإلغاء تتطلب الآن تماسكا داخليا وبناء قاعدة للقوة يستند إليها هذا القرار. عبر السنوات تكرر السلوك الإسرائيلى المنطوى على استخفاف بالغ بأرواح المصريين، واكتفى نظامنا فى حينه بقبول الأسف والاعتذار، فلماذا لا نجرب أن نكون فى موقف المعتذر وليس المعتذَر له؟ بمعنى أن نرد بحسم وقوة على أى استخفاف إسرائيلى بأمننا فى المناطق الحدودية بغض النظر عن سقوط قتلى وجرحى من الجانب الآخر ثم نسارع بإبداء الأسف والاعتذار؟

أحمد يوسف أحمد أستاذ العلوم السياسية بكلية الإقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وعميد معهد الدراسات العربية