في الطريق إلى «مؤتمر نيويورك» - ناصيف حتى - بوابة الشروق
الأربعاء 28 مايو 2025 1:08 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

في الطريق إلى «مؤتمر نيويورك»

نشر فى : الإثنين 26 مايو 2025 - 9:15 م | آخر تحديث : الإثنين 26 مايو 2025 - 9:15 م

نهاية أسبوع شهدت لقاءات أو مؤتمرات دبلوماسية متعددة الأطراف للتشاور والتباحث والتحضير «للمؤتمر الدولى لحل الدولتين»، الذى سيعقد فى الأمم المتحدة بعد أسابيع ثلاثة من الزمن (17 إلى 20 الشهر القادم). قراران للجمعية العامة للأمم المتحدة (فى سبتمبر وديسمبر ٢٠٢٤) كانا أساس الدعوة لعقد هذا المؤتمر، الذى سيكون برئاسة مشتركة سعودية فرنسية. عقد لقاء وزارى رباعى تشاورى فى باريس (سعودى، مصرى، أردنى، فرنسى) المهندسين الأساسيين لهذا المؤتمر.

 

كما حصل اجتماع تحضيرى واسع فى الجمعية العامة حمل رسالة واضحة من الرئاسة المشتركة أن الهدف «إطلاق مسار تغيير حقيقى، مسار عمل»، كما جرى التأكيد، أيضا، أن المؤتمر «لن يكون مجرد منصة للتوافق فى الآراء بل إطار عمل تنفيذى فى ترجمة الالتزامات إلى خطوات ملموسة». مجموعات عمل ثمانية تستمر فى بلورة أفكارها ومقترحاتها، كما ظهر فى اجتماع نيويورك لصياغتها بشكل مقترحات عملية فيما يتعلق بالتعامل مع جميع أوجه تسوية النزاع فى رؤية شاملة ومتكاملة ومترابطة بين مكوناتها المختلفة. العاصمة الإسبانية احتضنت، أيضا، الأحد الماضى، مؤتمرا لما يعرف بــ«مجموعة مدريد» بشأن الموضوع ذاته بمشاركة ٢٠ دولة عربية وإسلامية وأوروبية والبرازيل، أيضا، والمنظمات المعنية فى سياق بلورة أفكار عملية للمؤتمر القادم.
دون شك ما هو حاصل من حراك عربى ودولى «جديد» والزخم الذى يحظى به يفترض البناء عليه وتحويله إلى مسار شامل وعملى. مسار يحظى بانخراط وبمواكبة فاعلة مستمرة وبالتزام من الأطراف الدولية المعنية مباشرة أو ذات التأثير الفعال. ولا بد من التذكير أن المطلوب أيضا موقف عربى فاعل وناشط وعملى فى السياق ذاته. ذلك كله يبقى أمرا أكثر من ضرورى لإنجاح المسار الذى يفترض أن ينطلق من مؤتمر نيويورك، الشهر القادم، رغم إدراك العوائق والصعوبات الجمة أمامه بسبب السياسات الإسرائيلية المستمرة دون أى رادع والتغييرات التى أحدثتها تلك السياسات منذ عقود من الزمن على الأرض (حروبا واستيطانا ناشطا) وتعمل على تكريسها. ما يزيد من تعزيز سياسة تهويد الجغرافيا والديمغرافيا، كما نذكر دائما، هيمنة أصولية دينية فى قسم منها واستراتيجية فى قسم آخر تقوم على فكر وعلى سياسة إلغاء «الآخر» الفلسطينى أو إنكار وجوده وبالتالى حقوقه كشعب. فلا يحق له ما يحق لغيره من الشعوب، وذلك «باسم الدين أو التاريخ أو الأمن الوطنى». يبقى سؤال أساسى يتعلق بالموقف الأمريكى من المؤتمر الذى يفترض أن يشكل منعطفا أساسيا فى مسار النزاع المستمر والتسوية الممكنة والضرورية حسب الشروط المشار إليها. فى هذا السياق لا بد من السؤال التالى: هل سنشهد بعض التغير، ولا أقول التحول، فى الموقف الأمريكى؟ ليس بالضرورة بين ليلة وضحاها ولكن مع الوقت وبشكل تدريجى خاصة فى ظل سياسة أمريكية تعمل بالقطعة. سياسة تقوم على منطق التبادلية المنفعية ولها مصلحة فى الاستقرار فى الشرق الأوسط. ولا بد من التذكر أن «المسألة الفلسطينية» تشكل ولو بصيغ ودرجات مختلفة ورقة أساسية و«جذابة» فى لعبة الأمم فى المنطقة وفى صراع القوى على مد نفوذها فى الإقليم، والأمثلة على ذلك كثيرة.
المهم أن يبلور مؤتمر نيويورك المرجعية التفاوضية (أسسها وأهدافها) وسلة القضايا التى تجب معالجتها لإنهاء النزاع والأجوبة على ذلك والتوصل إلى السلام الشامل حسب الأهداف المعروفة والمعترف بها دوليا، وكذلك خريطة الطريق. السلام الذى يستدعى، لاحقا، التوصل إلى التسوية السلمية حسب المرجعيات القانونية والقرارات الدولية ذات الصلة على المسارين اللبنانى والسورى. طريق طويل يجب بلورته فى «مؤتمر نيويورك». صحيح أن ذلك أمرا شديد الصعوبة فى ظل ما أشرنا إليه ولكنه الوحيد لتحقيق "ثلاثية" الاستقرار والأمن والازدهار فى الإقليم. فإذا كان تحقيق السلام كما أشرنا أمرا صعبا فإن غياب السلام يجعل تحقيق هذه الثلاثية أمرا مستحيلا.

ناصيف حتى وزير خارجية لبنان الأسبق
التعليقات