قراءة فى النتائج - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الأربعاء 8 مايو 2024 1:54 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قراءة فى النتائج

نشر فى : السبت 27 نوفمبر 2010 - 9:19 ص | آخر تحديث : السبت 27 نوفمبر 2010 - 9:19 ص
لا أحد يتوقع أن يكون يوم الانتخابات غدا يوما فارقا فى الحياة السياسية المصرية، أو أن تسفر العملية الانتخابية ــ رغم كل ما أحاط بها من ضجيج، وما شابها من غرائب وعجائب لا تعرفها الديمقراطيات البرلمانية فى العالم ــ عن بدايات جديدة أو نهايات قديمة..

ولذلك فلا مجال للتنبؤات التى جرى العرف فى عديد من الدول على استخلاصها قبل إعلان النتائج الأولية أو النهائية. والتى تعتمد على إحصاءات واستطلاعات علمية للرأى ولاتجاهات الناخبين.

وهى غالبا ما تقترب من الحقيقة وتفصح عنها بدقة مذهلة.
أما عندنا، فلا نحتاج لتنبؤات أو قراءات مسبقة للنتائج، التى تبدو بالنسبة للكثيرين محسومة سلفا.

حيث أحكم الحزب قبضته على العملية الانتخابية بكل تفاصيلها من أولها إلى آخرها. ولم يترك غير هامش صغير تلعب فيه الأحزاب المعارضة والقوى السياسية الأخرى.

بل إنه لم يترك للناخب نفسه خيارا غير انتخابات مرشحى الحزب فى معظم الدوائر المفتوحة باختراع مبدأ أكثر من مرشح فى الدائرة الواحدة.
واستخدام أساليب غير قانونية لاستبعاد من يراد استبعادهم حتى لو صدرت لصالحهم أحكام قضائية.

وإغماض العيون عن دخول المال والتكتلات القبلية وأساليب العنف المتبادل والاشتباكات بين المرشحين.

لا يمكن القول بأن هذه الانتخابات تمت فى ظروف طبيعية، أو أن درجة العنف التى سادتها سوف تشجع الناس على المشاركة.بل يخشى أن تصل موجة العنف والصدام بين الشرطة والمتظاهرين إلى ذروتها يوم الانتخابات.

وكانت المقدمات التى وقعت فى المصادمات العنيفة بين جماعة شرعت فى تحويل مبنى إدارى إلى كنيسة فى الجيزة دون الحصول على التراخيص اللازمة، دليل على انخراط الدولة فى تشكيل الانتخابات بكل قوتها دون تقدير سليم للأولويات أو مراعاة للجوانب الأمنية الأخرى.

والمشكلة أنه كلما اقتربت ساعة الذهاب إلى صناديق الاقتراع، كلما تضاءلت الثقة فى نزاهة الحكومة، وظهرت يد الأجهزة الأمنية الثقيلة المتحكمة فى كل شىء.. حتى بدت قرارات اللجنة العليا للانتخابات وكأنها حبر على ورق. كما ساد التصور بأن الإشراف القضائى المنقوص ــ على عكس ما كان عليه الحال فى انتخابات 2005 ــ لن يحقق أهدافه فى ضبط العملية الانتخابية والحد من التدخل فى الصناديق. أما الرقابة الدولية فقد قاومتها الحكومة بكل ما تملك من قوة، وبدأت لعبة القط والفأر مع منظمات الحقوق المدنية المنوط بها مراقبة الانتخابات، فأعلنت اللجنة العليا أنها لن تسمح لهذه المنظمات بدخول اللجان لمراقبة عملية التصويت، وهو ما قد يؤدى إلى انسحاب المنظمات من مهمتها.

هل توجد صفقات مستترة بين الحزب الحاكم والإخوان كما حدث فى الانتخابات السابقة؟ أو هذه المرة مع حزبى الوفد والتجمع كما تؤكد التكهنات؟

الأقرب إلى الظن أن الدولة عازمة هذه المرة على استبعاد الإخوان تماما من الساحة السياسية ومن صفوف مجلس الشعب. اللهم إلا إذا تسربت منهم أعداد قليلة قد لا تتجاوز عدد أصابع اليدين تحت ستار المستقلين! وهو ما سوف يزيد الاستقطاب والتوتر داخل المجتمع!

 

ولكن القراءة الموضوعية لمؤشرات عديدة تدل على قدر من السماح والتوافق بين النظام وحزب الوفد، بما يسمح لمرشحيه بالحصول على عدد معقول من المقاعد، يقترب من العدد الذى حصده الإخوان فى المجلس السابق أى فى حدود 80 مقعدا.
تبقى بعد ذلك كتلتان مهمتان فى تشكيل المجلس القادم: كتلة المستقلين، وكتلة المرأة!

وقد تكون مفاجأة الانتخابات هذه المرة هى أعداد المستقلين فى ضوء هجرة أعداد من المرشحين الذين استبعدتهم أحزابهم.وفى هذه الحالة سوف نشهد ما شهدناه فى المرة السابقة من محاولة ضم الفائزين منهم إلى الحزب الحاكم.

بعضهم سوف يسعى لذلك، والبعض الآخر تحت الضغط والإغراءات .. لكى يحقق الوطنى أغلبيته الساحقة التى لا يستطيع أن يعيش بغيرها!أما كتلة أو كوتة المرأة فسوف تذهب حصيلتها فى النهاية إلى الحزب الحاكم الذى يسعى للحصول على أكبر عدد من الـ64 مقعدا المخصصة للمرأة.

وإذا بقى شىء من المقاعد للوفد أو التجمع أو المستقلين فسوف تكون مجرد حالات فردية أفلتت من حصار الوطنى لأسباب عصبية أو قبلية.
وسوف نكتشف حينئذ أن «الكوتة» لم تكن غير خدعة لتدعيم أغلبية الحزب الوطنى.
وهذه هى الانتخابات على الطريقة المصرية!

 

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات