الجزر المنعزلة والمتناحرة.. وكيف نعالجها؟ - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
السبت 27 يوليه 2024 8:34 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الجزر المنعزلة والمتناحرة.. وكيف نعالجها؟

نشر فى : الأربعاء 28 فبراير 2024 - 7:30 م | آخر تحديث : الأربعاء 28 فبراير 2024 - 7:30 م
ما هى العوائق التى تمنع انطلاق الصناعة المصرية، وكيف نتغلب عليها.
كان البعض يشكو من وجود جزر منعزلة بين الوزارات والهيئات والمؤسسات والأجهزة المسئولة عن النهوض بالصناعة والاقتصاد الوطنى، لكن جلسة مجلس الشيوخ يوم الأحد قبل الماضى شهدت قول أحد الأعضاء أن هناك جزرا متناحرة وليست فقط منعزلة.
المناسبة كانت نظر مجلس الشيوخ لطلب مناقشة عامة من عضو المجلس تيسير مطر رئيس حزب الجيل وأكثر من عشرين عضوا لاستيضاح سياسة الحكومة حول التحديات التى تواجه الصناعة المصرية وكيفية مواجهتها لزيادة التصدير والاستثمار بوجه عام.
بداية الحديث عن الجزر المنعزلة جاءت على لسان وكيل أول مجلس الشيوخ المستشار بهاء الدين أبوشقة حينما قال إن التشريعات المنظمة للقطاع النصاعى متناثرة وغير متسقة ويعوق بعضها البعض الآخر، والوزارات تعمل فى جزر منفصلة تحكمها قرارات تصدر فى ولاية وزير وتنتهى فى ولاية وزير آخر، فى حين أن فلسفة النظم الحاكمة هى تحقيق التناسق والتناغم وخطة واضحة للعمل.
نفس الفكرة كررها ياسر الهضيبى رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الوفد بقوله إنه يتفق مع التوجه الرئاسى بأنه لا أمل لحل المشكلة الاقتصادية إلا بقاطرة الصناعة والتصدير. الهضيبى قال أيضا إن الصناعة لن تقوم إلا بإعادة التأهيل والهيكلة والاهتمام بالتصنيع الزراعى لكن جميع التوقعات تتحطم على صخرة الجزر الحكومية المنعزلة.
وخلال إداراته للجلسة طالب المستشار عبدالوهاب عبدالرازق رئيس المجلس بضرورة مناقشة هذا الكلام عن الجزر المنعزلة وتضافر كل الجهود لمواجهته إذا كان موجودا بالفعل خصوصا بعد أن تحدث أكثر من نائب عن المشكلة.
لكن حينما تحدث النائب الدكتور هانى سرى الدين فقد كان الأكثر وضوحا حيث قال إننا لا نرى حتى الآن تحديدا للأولويات خصوصا فى ظل أزمة سعر الصرف والتضخم.
وأضاف: طالما أن هناك مشكلة فى سعر الدولار فلن يدخل مستثمرون جدد. فلا يعقل أن يأتى مستثمر جديد سواء كان مصريا أو أجنبيا ليضخ ١٠٠ أو ١٥٠ مليون دولار، وهو لا يعرف الآثار المرتبطة بسعر العملة، لأنه قد يخسر كثيرا. المشكلة من وجهة نظره ليست مرتبطة بتأسيس مصانع جديدة بل أيضا بالبيروقراطية وصعوبة التراخيص والإفراج عن البضائع فى الموانئ. وحتى الآن لا نرى إجراءات فاعلة من الحكومة. وبالتالى فإن الأمور تجاوزت فكرة الجزر المنعزلة إلى الجزر المتناحرة. خصوصا فى ظل مشكلة مثل «الاختصاص الولائى» بمعنى تنافس وتناحر أكثر من جهة على من هو المسئول عن إصدار التراخيص أو الإشراف فيما يتعلق بالمصانع والمشروعات القائمة أو تلك التى تريد التأسيس.
أحد النواب قال فى حضور وزير الصناعة والتجارة إن المصانع شغالة بعشرة أو عشرين فى المائة فقط بسبب الفساد والبيروقراطية والجزر المنعزلة، وهو أمر خطير جدا.
نفس الفكرة تحدث عنها النائب حسام الخولى رئيس الهيئة البرلمانية لحزب مستقبل وطن حينما حذر من الجزر المنعزلة داخل الحكومة، مشددا على ضرورة أن يتولى وزير الصناعة بنفسه مهمة الدفاع عن حقوق المصنعين، بل و«يتخانق» إذا جاز التعبير ليحصل على أفضل ظروف عمل لهم.
هذا أبرز ما قاله بعض النواب فى مجلس الشيوخ عن الجزر المنعزلة فى اجتماع يوم الأحد قبل الماضى. وحينما كنت أبحث عن مزيد من المعلومات عن هذا الموضوع، تأكدت أن تعبير «الجزر المنعزلة» قديم جدا، ولا يخص حكومة الدكتور مصطفى مدبولى فقط بل هو شكوى متكررة فى غالبية الحكومات المصرية سواء قبل ٢٥ يناير ٢٠١١ أو بعدها. ومن الواضح أنه مرض مصرى قديم يحتاج علاجا حقيقيا وليس مجرد مسكنات. لكن تعبير «الجزر المتناحرة»، الذى أطلقه هانى سرى الدين يستحق التوقف والمناقشة بهدوء حتى نتحقق أولا من وجوده، وبعدها نبدأ فى علاجه، لأنه لو كان موجودا بالفعل وتركناه بلا علاج، فالمؤكد أنه سوف ينتشر ويتفاقم كالسرطان، والأخطر أنه سوف يلتهم أى جهود حقيقية تبذلها الحكومة والدولة للتنمية والتقدم.
الجزر المنعزلة أو المتناحرة هى الثغرة التى ينفذ منها الفساد والمفسدون للعمل والتوغل والانتشار بحيث يصعب القضاء عليهم.
عماد الدين حسين  كاتب صحفي