ضد التفسير الميكانيكى ــ التنوير هو الحل - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
الثلاثاء 30 أبريل 2024 5:46 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ضد التفسير الميكانيكى ــ التنوير هو الحل

نشر فى : الأحد 28 يونيو 2015 - 11:30 ص | آخر تحديث : الأحد 28 يونيو 2015 - 11:30 ص

فوحشية عصابات داعش والقاعدة ودموية ميليشيات العنف الدينى والمذهبى والعرقى لا ينتجهما فقط الاستبداد أو الفقر أو الفساد أو الانهيارات الإقليمية أو التدخل الخارجى.

جميع هذه العوامل تصنع بيئات مجتمعية قابلة للإرهاب، وقد يرتب تشويهها للأنساق الأخلاقية والإنسانية التى تحيط بالأفراد استعداد بعضهم لممارسة العنف ونزوع البعض الآخر إلى التورط فى خطيئة استساغة الوحشية والوقوع ضحايا لداء «جاذبية» الدماء.

غير إننا هنا فى معية عوامل تتكرر فى عدد غير قليل من المجتمعات المعاصرة خارج بلاد العرب ولا تدفع إلى الإرهاب، كما أننا أمام احتماليات كثيرة يعوزها لكى تجعل من البيئات القابلة للعنف بيئات ممارسة للعنف حضور حقائق مجتمعية إضافية.

ضد التفسير الميكانيكى ــ فتونس، على خلاف الوضعية المصرية الراهنة، لم تخرج على الآليات والإجراءات الديمقراطية وتستقر تجربتها التعددية تدريجيا وتمكن حركات اليمين الدينى والمجموعات الليبرالية واليسارية من المشاركة فى العملية السياسية فى سياق أوضاع اقتصادية واجتماعية ليست بالمتدهورة بشدة ــ لم تزل معدلات الفقر والبطالة والتهميش والحرمان من الخدمات الأساسية أقل بوضوح من جوار تونس فى المغرب العربى وأقل أيضا من مصر وليبيا.

أما الكويت، فهى البلد الخليجى الوحيد الذى تواكب تطور دولته الوطنية الحديثة مع تجربة برلمانية مستقرة ومع حريات شخصية ومدنية على نواقصها لا نظير لها فى محيطه الإقليمى المباشر ومع دمج فى العملية السياسية للمجموعات السكانية ذات الانتماء المذهبى السنى والشيعى لم ترتب التوترات والصراعات التى أحاطت به دوما إلغاءه ــ ويتوفر المجتمع الكويتى على أوضاع اقتصادية واجتماعية جيدة ترتفع فى إطارها مستويات الخدمات الأساسية وخدمات الرفاه المقدمة للمواطنات والمواطنين، كما أن نمط التمييز الاقتصادى والاجتماعى ضد مجموعات سكانية على أساس مذهبى يكاد يسجل غيابا كاملا على خلاف حالات خليجية أخرى أبرزها البحرين.

ضد التفسير الميكانيكى ــ فالانهيارات الإقليمية التى تحاصر تونس والكويت، من جراء انهيار السلم الأهلى وتفتت الدولة الوطنية وجنون عصابات الإرهاب فى ليبيا وبسبب حروب وصراعات وعنف العراق المتواصل منذ سنوات وتنامى نفوذ عصابات داعش فى العراق وسوريا ومدها خرائط جرائمها الطائفية والمذهبية إلى الخليج، وإن كانت تضغط وبشدة على البلدين إلا أنها لا تعنى حتمية تورطهما فى ممارسات الإرهاب والعنف اللعينة. كما أن تداعيات التدخل الخارجى، المتمثل خاصة فى الفعل العسكرى الغربى، لا تفرض لا على تونس ولا الكويت تحديات كبرى كتلك الحادثة فى العراق وسوريا ولبببا واليمن.

ضد التفسير الميكانيكى ــ فوحشية ودموية عصابات الإرهاب والعنف التى تجتاح بلاد العرب ترتبطان أيضا بانهيار قيمة العقل والعلم والمعرفة فى مجتمعاتنا، وبثقافة الجهل ومقولات التطرف والكراهية التى تحاصرنا من كل جانب، وبعجز النخب ــ بغض النظر عن قناعاتها الأيديولوجية والفكرية وتوجهاتها المجتمعية والسياسية ــ عن الاضطلاع بدور تنويرى حقيقى وتحمل كلفة الابتعاد عن ممالأة الجماهير (الشعبوية) أو الاكتفاء بخدمة السلطان.

غدا.. هامش جديد للديمقراطية فى مصر

عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات