الفلول والانتخابات - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الأربعاء 8 مايو 2024 4:36 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الفلول والانتخابات

نشر فى : الأربعاء 28 سبتمبر 2011 - 9:25 ص | آخر تحديث : الأربعاء 28 سبتمبر 2011 - 9:25 ص

ربما كان الوقت متأخرا لاتخاذ الإجراءات القانونية الكفيلة بمنع عودة الفلول من كوادر النظام الساقط إلى مراكز التأثير والحكم فى مصر عن طريق البرلمان، لكى تحقق الثورة المضادة بذلك أهدافها. أما ونحن الآن على أعتاب الانتخابات البرلمانية، بعد أن تم التغلب على معظم الخلافات بشأن تقسيم الدوائر والاتفاق على القائمة النسبية والفردية.. ومع اقتراب ساعة الحسم، فإن المخاوف تزداد من تسلل فلول الوطنى المنحل إلى الترشيح على القوائم الانتخابية للأحزاب الكبيرة المعترف بها. أو عن طريق الأحزاب الجديدة التى يتشكل معظمها من الفلول تحت أسماء وعناوين جديدة.

 

وقد تلكأت الحكومة والمجلس العسكرى فى تنفيذ قانون «الغدر» الذى كان مطبقا بعد ثورة يوليو 1952، وبعد تعديله بقصد إحالة الرءوس الصغيرة المتورطة فى قضايا الانحراف والفساد من أعمدة النظام السابق إلى المحاكمة. وهو ما كان كفيلا بإبعاد عدد كبير من رموز النظام القديم وأعوانه، ممن ثبت تواطؤهم أو تآمرهم ضد مصالح الشعب. وتركت الباب مفتوحا أمام هذه العناصر لدخول النقابات والجامعات. وفى الوقت نفسه، لم تضع أى قيود على الترشح للانتخابات، بما يمنع عودة أعضاء الحزب المنحل، وبخاصة أولئك الذين تولوا مناصب رئيسية من مزاولة العمل السياسى.

 

ويبدو بالفعل أن هذه العناصر الكامنة من الفلول قد أخذت تنشط على مستويات مختلفة. ليس فقط فى مجال التظاهرات والمليونيات والحركات الاحتجاجية، ولكن أيضا فى الندوات التليفزيونية والمحاضرات العامة والمؤتمرات السياسية.. فضلا عن حركة انضمام منظمة إلى الأحزاب التقليدية. وقد نشرت جريدة «الشروق» أسماء 80 شخصية من أعضاء الوطنى المنحل وضعت على قوائم حزب الوفد فى الانتخابات المقبلة. ومن بينهم أسماء معروفة لرجال أعمال فى القاهرة والمحافظات. مما فجر خلافا بين الوفد وحزب الحرية والعدالة المتحالف معه.

 

ومن الضرورى أن يقال هنا إن الهدف الحقيقى للثورة، لم يكن مجرد إسقاط نظام ليحل محله نظام مشابه بنفس الأدوات والمواصفات والوجوه.. ولم يكن مجرد محاولة لتطهير الحقل السياسى من ألغام الفساد والمحسوبية وسوء الإدارة. ولكنه استهدف تغيير كل أجهزة المسئولية واقتلاع جذور العفن والفساد.. لارساء الأساس السليم لنظام ديمقراطى كامل. وهو ما لن يتأتى بدون إزاحة طبقة كاملة من الفساد والمفسدين فى كل المجالات.. والبرلمان على رأسها!

 

الاشكالية التى تواجه مثل هذا الإجراء، والتى ربما واجهت معظم الثورات، هى ألا يتحول النظام الديمقراطى إلى مقصلة للإقصاء والعزل دون مبرر. فليس كل من كان عضوا فى الحزب الوطنى المنحل لحقه الفساد أو شارك فى الانحراف أو تربح من عضويته فى الحزب. وليس من العدل والمساواة أن يحرم عدد كبير ممن انساقوا فى صفوف الحزب ممن كانوا مجرد أحجار شطرنج فى لعبة السلطة، من ممارسة حقوقهم فى العمل السياسى، بعد أن تطهرت البلاد من أجواء لجنة السياسات ومباحث الحزب الوطنى.

 

وفى اقتراح تقدم به المستشار حسن السلامونى نائب رئيس مجلس الدولة، فى مشروع بقانون لحماية الثورة، إلى المجلس العسكرى ومجلس الوزراء، نص المشروع على حرمان جميع أعضاء الحزب الوطنى المنحل ممن شغلوا مناصب قيادية فى الحزب من القاعدة وحتى القمة.. بما فى ذلك رؤساء اللجان النوعية أو الذين ترشحوا على قوائم الحزب طوال السنوات العشر الأخيرة، فى الانتخابات البرلمانية والمحلية والمجالس الشعبية، لمدة خمس سنوات متصلة من ممارسة حقوقهم السياسية. أو تولى أية مناصب قيادية فى الحكومة والإعلام أو الهيئات الشبابية. على أن يتولى القضاء الإدارى الفصل فيما يرفع إليه من تظلمات.

 

مرة أخرى قد يكون الوقت قد فات لإصدار تشريع شامل يجرى تطبيقه قبل الانتخابات القادمة. ولكن لا بأس من النظر فى إمكان تطبيقه ولو جزئيا على الذين صدرت ضدهم أحكام أو قدموا للمحاكمة بعد 25 يناير 2011. وبذلك نتلافى بعض الأضرار الناجمة عن خروج الفلول من جحورها!

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات