الصين.. وكارثة السيطرة على السكان - قضايا إستراتيجية - بوابة الشروق
الأحد 12 مايو 2024 8:11 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الصين.. وكارثة السيطرة على السكان

نشر فى : الثلاثاء 29 أغسطس 2023 - 7:20 م | آخر تحديث : الثلاثاء 29 أغسطس 2023 - 7:20 م

نشر موقع Project Syndicate مقالا للكاتب Yi Fuxian، أورد فيه محاولاته المستميتة لإقناع الحكومة الصينية بالرفع الكامل لسياسات السيطرة على عدد السكان، بالتالى أوضح الكاتب تداعيات تلك المحاولات على حياته المهنية فى الصين.. إذ وصف بـ«الخائن» فى التقارير الحكومية. كذلك، حذر الكاتب من التداعيات الخطرة للاستمرار فى «سياسة الطفل الواحد» وتجاهل القادة الصينيين للأبحاث العلمية الدقيقة... نعرض من المقال ما يلى.
ربما يحمل التطور التاريخى لسياسات تحديد النسل فى الصين وجهود الحكومة الفاشلة للإبقاء عليها، حتى فى مواجهة الانخفاض السكانى، المفتاح لفهم عملية صنع القرار فى الحكومة الصينية. كما قاد تجاهل البحوث العلمية القادة الصينيون البلاد إلى فخ ديموغرافى.
يقول كاتب المقال Yi Fuxian، إنه لا تزال عملية صنع القرار فى الحكومة الصينية محاطة بالسرية، حتى من بعد مرور أكثر من أربعة عقود من بدء الصين الانفتاح على العالم. وتشكل سياسات التحكم فى عدد السكان فى البلاد والجهود المستمرة المبذولة لتحديها، مثالا واضحا على ذلك.
فأثناء نشأة Fuxian فى الصين، شهد شخصيا وحشية سياسة «الطفل الواحد»، الأمر الذى ألهمه لبدء حملة ضد تدابير وسياسات السيطرة على الزيادة السكانية فى البلاد فى عام 2000. فى البداية، كانت الجهود مقتصرة على نشر المقالات على المواقع الإلكترونية فى الخارج. وفى وقت لاحق تبنى الكاتب نهجا أكثر عملية، وبحلول عام 2003 سمح لبعض مقالاته بالظهور فى المنتديات الصينية.
استكمل Fuxian المقال قائلا، «نشرت كتابا فى هونج كونج بعنوان «الدولة الكبيرة ذات العش الفارغ»، فى عام 2007، حيث تحديت الافتراضات التى تقوم عليها تدابير السيطرة على السكان فى الصين وأدعو إلى إنهائها الفورى. وقد أثار الكتاب ضجة بين مسئولى تنظيم الأسرة وعلماء السكان، الذين حاولوا التقليل من شأن آرائى المهرطقة وإسكاتها، وسرعان ما تم حظره فى الصين. لكن النسخة الإلكترونية حظيت بعشرات الملايين من المشاهدات، فى تحد للجهود الرسمية لقمعها».
جاء رد الحكومة الصينية على حملة الكاتب Yi بتصنيفه «خائن»، لذا امتنع عن السفر إلى الصين. ولكن فى عام 2010، تمكن من التسلل لحضور المؤتمر السنوى للسكان فى الصين، حيث انتقده أحد واضعى الرسالة المفتوحة لعام 1980 التى أدت إلى تفعيل سياسة الطفل الواحد. وبمجرد الكشف عن هوية الباحث Yi، قيل له إن الشرطة كانت تبحث عنه باعتباره مثيرا للمشاكل، مما دفعه إلى الفرار من المدينة بين عشية وضحاها.
من الجدير بالذكر، تلقى العالم Fuxian على مر السنين عشرات الآلاف من طلبات المساعدة من نساء يواجهن عمليات الإجهاض القسرى، لذا فهو فخور بأن جهوده ساعدت فى إنقاذ العديد من الأطفال. ولتسليط الضوء على الخسائر البشرية الناجمة عن هذه السياسة، قام الباحث بتوزيع كتيبات على كل عضو فى البرلمان الوطنى تقريبا والعديد من المسئولين الإقليميين والوزاريين. وكانت الردود التى تلقاها ــ على الأقل قبل أن تكثف الحكومة نظام الرقابة فى عام 2015 ــ إيجابية بشكل مدهش.
لكن بدا أن المناقشات العامة والأكاديمية قد تغيرت. بين عامى 2010 و2017، تلقى الكاتب أكثر من 100 دعوة للتحدث فى أفضل مراكز الأبحاث والجامعات فى الصين. ومن اللافت للنظر أن بعض مسئولى تنظيم الأسرة سافروا عبر المقاطعات لحضور محاضراته.
لكن إصرار Fuxian على قول الحقيقة أدى إلى توتر علاقاته مع المسئولين الصينيين. قال Fuxian لصحيفة «نيويورك تايمز» إن اقتصاد الصين لا يستطيع أن يتجاوز اقتصاد الولايات المتحدة. وأثار هذا غضب مسئولى تنظيم الأسرة، الذين نجحوا فى الضغط على الحكومة المركزية لإدراجه على القائمة السوداء الرسمية للصين. كما أغضب Fuxian السلطات عندما أشار إلى أن عدد سكان الصين كان مبالغا فيه إلى حد كبير، وأنه فى الواقع بدأ فى الانخفاض فى عام 2018.
وبدلا من الاستجابة لنصيحة Fuxian والرفع الكامل لجميع تدابير السيطرة على السكان، تبنت القيادة الصينية نهجا حذرا. وفى عام 2014، نفذت الصين سياسة انتقائية للطفلين، مما يسمح للأزواج بإنجاب طفلين إذا كان أحد الوالدين هو الطفل الوحيد. وأعقب ذلك إدخال سياسة عالمية للطفلين فى عام 2016. وأخيرا، فى عام 2021، سمحت الصين للآباء بإنجاب ما يصل إلى ثلاثة أطفال. ومن المؤسف أن هذه التدابير كانت محدودة للغاية وجاءت بعد فوات الأوان بحيث لم تتمكن من إحداث تغيير ملموس.
لا تزال الصين تسير على الطريق الخاطئ، ويرجع ذلك جزئيا إلى المخاوف التى أثارتها التوقعات الديموغرافية الرسمية التى أشارت إلى أنه إذا استمرت سياسة الطفل الواحد، فإن معدل الخصوبة سيستقر عند 1.8، وسيصل عدد السكان إلى ذروته عند 1.5 مليار فى عام 2033. وتشير تقديرات هذه التوقعات أيضا إلى أنه إذا سمح لجميع الأزواج بإنجاب طفلين، فإن عدد السكان سيبلغ ذروته عند 1.6 مليار نسمة بحلول عام 2044، وسيرتفع معدل الخصوبة إلى 4.4ــ4.5 مولود لكل امرأة.
ونحن نعلم الآن أن كل هذه التوقعات، مثل تلك التى صدرت فى عام 1980 لتبرير سياسة الطفل الواحد، هى مجرد هراء. وحتى وفقا للأرقام الرسمية المبالغ فيها فى الصين، فقد بدأ عدد سكان البلاد فى الانخفاض فى عام 2022، مع انخفاض معدل الخصوبة إلى 1.0.
ختاما.. يقول الكاتب إنه «عندما أفكر فى تجربتى فى تحدى سياسات التحكم فى عدد السكان فى الصين على مدى ربع القرن الماضى، أجد بعض العزاء فى حقيقة أن تقديراتى قد ثبتت صحتها. ومن ناحية أخرى، فإنه يحزننى بشدة أن الصين تتجاهل باستمرار البحوث السليمة، الأمر الذى يقود البلاد إلى فخ ديموغرافى مرعب وكارثة إنسانية تلوح فى الأفق والتى يمكن أن تخلف عواقب عميقة على الاقتصاد العالمى».

ترجمة وتحرير: وفاء هاني عمر
النص الأصلي https://bit.ly/3ORZMcS

التعليقات