نتنياهو وترامب.. أنصار مبدأ «أنا أولًا» ثم الدولة - دوريات أجنبية - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 10:14 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نتنياهو وترامب.. أنصار مبدأ «أنا أولًا» ثم الدولة

نشر فى : الأحد 30 يوليه 2023 - 7:55 م | آخر تحديث : الأحد 30 يوليه 2023 - 7:55 م

نشرت مجلة The new Yorker مقالا للكاتب ديفيد رينيك، قارن فيه بين تصرفات كل من ترامب ونتنياهو للهروب من العدالة، إذ يتبنى كلاهما مبدأ «أنا أولا» على حساب حرية الشعب، لكن كل على طريقته الخاصة. إذ يسعى نتنياهو بلا هوادة لتقويض صلاحيات القضاء لضمان بقائه فى السلطة آمنا ضد الاتهامات الموجهة إليه غير مبالٍ بنتائج هذا من فوضى وتزعزع لصورة إسرائيل الديمقراطية ــ كما تروج لها ــ أمام العالم، كذلك يخلق ترامب الفوضى والانقسام فى المجتمع الأمريكى من أجل رجوعه للسلطة مرة أخرى، والهروب من التهم التى تلاحقه... نعرض من المقال ما يلى:
يقول الكاتب فى مستهل المقال، انظر ما إذا كان هذا يبدو مألوفًا: يجد السياسى الساخر المغرور نفسه فى مواجهة التبعات القانونية لأفعاله الوضيعة وفساده. بمعنى أوضح، يواجه تحقيقات جنائية وتهما عديدة ومحاكمات حتى إنه يكون مهددا بالسجن. لذا، يحاول النجاة من العواقب المحتملة لأفعاله بضمان البقاء فى السلطة بدلا من تعيين محامين للدفاع عنه. وللحصول على السلطة، فهو على استعداد لتعميق وإشعال أسوأ الصراعات القبلية فى بلاده، إنه على استعداد لتقويض سيادة القانون، والتصالح مع أكثر الأصوات البغيضة فى مجتمعه ووضعها إلى جانبه. فى النهاية، هو على استعداد لتقويض حرية شعبه لتأمين نفسه.
يشير كاتب المقال إلى أن القاسم المشترك بين بنيامين نتنياهو ودونالد ترامب هو تبنى مبدأ أنا أولا ثم الدولة. وعلى هذا النحو فإن ما شاهدناه يوم الإثنين الموافق 24 يوليو الحالى ــ تصويت الكنيست لتقليص صلاحيات المحكمة العليا، وبالتالى تعزيز قدرة رئيس الوزراء للالتفاف على العدالة ــ بمثابة تحذير لما قد يحدث فى هذه الدولة فى خريف عام 2024.
ويضيف كاتب المقال أن إقرار الكنيست بالتعديلات القضائية المقترحة يمكن أن يؤدى بسهولة إلى المزيد من الإجراءات غير الليبرالية، من ضم الضفة الغربية إلى قمع وسائل الإعلام الناقدة. إذ شهدت الأسابيع التى سبقت التصويت مسيرات احتجاجية غير مسبوقة. ويقول كاتب المقال إن أحد الأصدقاء من تل أبيب أخبره بأن «الشوارع ستحترق».
فى نفس السياق، توصل المعلقون الإسرائيليون إلى مجموعة من المقارنات لوصف الوضع الراهن فى إسرائيل. يقارن البعض الاتجاهات فى إسرائيل بتضاؤل الأعراف القانونية والديمقراطية فى بولندا والمجر. ويشير آخرون إلى أوجه تشابه فى تاريخ لبنان، مع تعميق العشائرية للمجتمع الإسرائيلى وإمكانية حقيقية لنزاع أهلى مستمر.

عندما عاد نتنياهو إلى السلطة مؤخرًا، لم تتناول حملته شيئا عن التعديلات القضائية، على العكس قام بحملات من أجل خفض الأسعار، وعقد السلام مع المملكة العربية السعودية، واحتواء التهديد النووى الإيرانى. فى الواقع، فى عام 2012، انتحل نتنياهو شخصية الضامن لسيادة القانون، وألقى خطابًا دافع فيه عن نظام قانونى «قوى ومستقل». وقد صور نفسه حينها على أنه حامى شجاع للمحاكم، قائلا إنه «ترك كل قانون» يهدف إلى تقليص استقلال النظام القانونى.
يتساءل كاتب المقال عن الفرق بين 2012 والآن؟ الفرق هو أن آمال نتنياهو فى التملص من الإدانة فى قضايا فساد عديدة تعتمد على احتفاظه بالسلطة وتوحيد ائتلاف حاكم يضم مجموعة من الرجعيين، بما فى ذلك وزير العدل، ياريف ليفين، المحرك السياسى والأيديولوجى للقانون الجديد الذى يقضى على سلطة المحكمة العليا. من الواضح أن لدى ليفين إحساسًا هادئًا بقوته الخاصة. إذ وبينما كان نتنياهو جالسًا فى مكان قريب فى الكنيست ــ يوم الإثنين الماضى ــ ورد أن وزير الدفاع، يوآف جالانت، توسل إلى ليفين أن «يعطينى شيئًا». كان يأمل فى التوصل إلى نوع من التسوية على مشروع القانون، حتى لا يتخلى جنود الاحتياط فى الجيش ــ الذين يحتجون على التشريع ــ عن خدمتهم ولكى لا ينفجر المجتمع بشكل عام. فجاء رد ليفين بالرفض. وأوضحت صحيفة «التايمز أوف إسرائيل» أن نتنياهو «بدا منهكا بشكل واضح». خلال عطلة نهاية الأسبوع، قدم الأطباء لنتنياهو جهاز تنظيم ضربات القلب. لكن الشجاعة هى الشىء التى لم يستطع الأطباء توفيره له. فى النهاية، اختار نتنياهو بقاءه السياسى على الإجماع السياسى. اختار القبيلة على التسوية. وبذلك خاطر باستقرار بلاده.
أظهرت استطلاعات الرأى التى أجراها معهد الديمقراطية الإسرائيلى أن غالبية كبيرة من البلاد، بما فى ذلك نسبة ليست بالقليلة من الناخبين المتحالفين مع حزب نتنياهو، الليكود، يعارضون التشريع الجديد. ولتحدى هذه الأغلبية، قام نتنياهو وائتلافه بما لم يتمكن أى سياسى تقدمى من القيام به لسنوات عديدة، تأسيس ائتلاف ذى عقلية ليبرالية ــ وهى حركة شعبية واسعة النطاق لا تريد أن ترى إسرائيل تتخذ مسارًا غير ليبرالى بشكل متزايد.
لا يكاد يوجد أى ضمان بأن هذا الحراك الشعبى سيؤدى إلى نهاية الحكومة الائتلافية فى أى وقت قريب. لا تزال هذه دولة انتخابات شعبية. مشهد نتنياهو، ليفين، إيتمار بن غفير، بتسلئيل سموتريتش، كل مجموعة المتطرفين فى السلطة، يمكن أن يستمر لفترة طويلة قادمة.
لكن من المحتمل أن يكونوا مثالا يحتذى به للناخبين الأمريكيين. قال الصحفى الإسرائيلى باراك رافيد لكاتب المقال: «يعتقد الكثير من الناس أن بيبى (نتنياهو) يقلد ترامب، ولكن فيما يتعلق باتباع المسار اليمينى الشعبوى، كان بيبى هناك أولا. شاهد بيبى وهو يناضل من أجل حريته ليس فقط ضد خصومه السياسيين ولكن ضد النظام القانونى والإعلام. لا تتمتع إسرائيل والولايات المتحدة بنفس الثقافة السياسية، ولكن انظر إلى ما يحدث فى إسرائيل الآن وسترى سيناريو لما هو ممكن فى دولة ديمقراطية».
وختاما، يطلب الكاتب من القارئ والقارئة الاستماع إلى ما يقوله ترامب عن المدعين العامين والقضاة وسيادة القانون، حيث يواجه هو الآخر اتهامات عدة. استمعوا إليه كيف يثير الغضب والقبلية فى المجتمع الأمريكى. إذ وصف حملته الانتخابية فى عام 2024 بأنها «المعركة النهائية» ضد أعدائه، ضد «الشيوعيين والماركسيين والفاشيين». كما أن أرقام استطلاعاته عالية. ولذا عليك أن تسأل نفسك، هل هناك أى شىء لم يفعله دونالد ترامب، مثل نتنياهو، لاستعادة السلطة وحماية نفسه من المثول أمام العدالة؟

ترجمة وتحرير: وفاء هانى عمر

النص الأصلى

التعليقات