رقص السنة - هشام أصلان - بوابة الشروق
الثلاثاء 21 مايو 2024 4:06 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

رقص السنة

نشر فى : الثلاثاء 31 ديسمبر 2013 - 6:35 م | آخر تحديث : الثلاثاء 31 ديسمبر 2013 - 6:35 م

الحكاية ينقصها ثلج، وشباك يحتل مساحة كبيرة من جدار الحجرة، ودقات من جرس كنيسة كبيرة، شجرة كريسماس، وربما مدفأة يخرج منها صوت قرقعات خشب.

المتاح رائحة، هي خليط من الزرع القريب وبقايا أمطار وأصوات خفيفة لهواء يمر بين أكوام البرسيم ومكعبات التبن الكبيرة فوق السطوح المقابل. هناك أيضا شرفة ضيقة تَقشّر طلاؤها الجيري، معلق في سقفها فانوس ملون على شكل نجمة غطت الأتربة ألوانه، مع أكلة حمام، وبيرة من عند البقال. القرقعات سوف تخرج من القصعة المليئة بقوالح ذرة، فوقها براد شاي عند ناصية شارع العلاف.

تقول أمي إن النجمة "أم ديل" التي تسير بسرعة في السماء تلك، هي العجلة التي يتحرك بها "بابا نويل".

أفضّل الاقتناع بوجوده. أدخل غرفتي لأجد اللعبة التي تركها قبل صعوده إلى السماء ذاهبا إلى آخرين، وأنتظر عودته في العام المقبل. أتخيل الرجال والنساء الذين يقبّلون بعضهم البعض في ظلام الثانية عشرة.

..

جاء لي بطاحونة هواء.

لها سلك متوسط الطول، متصل بلوح مستطيل في حجم الكف، وله سطح بلاستيكي لامع به رؤوس مدببة. أضعهما على سور البلكونة المغطى بالجير، وأجعل اللوح في مواجهة أشعة الشمس. تلفّ مروحة الطاحونة. وتتسارع حركتها رويدا.

في الظهيرة الشمس أحمى، ولفات المروحة تكون أسرع. لكنها، لم تعمل أبدا، بوضع اللوح اللامع، تحت ضوء لمبة الأباجورة.

عندما أدركت كيف تلفّ المروحة أفسدتها. أخرجت الموتور الصغير من مكانه، محاولا استخدامه في تحريك أشياء أخرى بالغرفة، لم أحددها بعد، لكنه توقف عن العمل، بعدما أدخلت طرفي السلك المتصل به، في ثقبي قابس الكهرباء.

..

بعد عام، سوف يكون أحدهم قد مات، ولن تشارك زوجته الجارات في مشوار سوق المنيرة، الذي يأتين منه بالحمام ولوازمه. الجارات افتكرنه داخل إغماءة، لكن أمي الوحيدة التي شعرت بموته، أعطينها إناء مياه، بللت يدها ونثرت الماء على وجهه من بعيد بعدما استجمعت شجاعتها.

في العام نفسه، سوف يأتي بابا نويل بالقوس والسهام، لم تكن مقنعة بالشكل الكافي. لأن السهام كان في آخرها، سطح مطاطي، يلتصق بما سوف أقوم بالتنشين عليه، كنت أفضّل لو أن لها نهايات مدببة، لتتوافر إمكانية رشقها في الأماكن الطرية، مسند كنبة الأنتريه، أو مكعبات التبن الكبيرة، المرصوصة في ركن على السطوح المقابل.

..

احتجت وقتا طويلا لأفهم أن كلمة "رأس السنة" لا تعني أن السنة "ترقص" في آخر أيامها.

هشام أصلان كاتب وصحفى
التعليقات